شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أمين مدني
ـ ولعلّ من حق السيد أمين مدني يرحمه الله نديداً وصديقاً وابن التربة الغزلة، وواحد إذا ما كتبنا عنه نعطي المدينة المنورة سيرة شاب من شبابها ورجل من أشياخها كأنما سيرة الذين أدوا بعض واجبهم وما بخلت التربة الغزلة أن ترفع من شأنهم. كأنما الحق لهم قد انتزعوه من أداء الواجب.
من حق السيد أن أكتب عنه.
فلقد نشأ السيد في بيت علية هو بيت المدني كان لهم شأن وكانت عنهم شؤون اختلفنا معهم، ولكنا لم نختلف عنهم ولم يختلفوا عنا.
وإذا ما جمعت الغربة أهل المدينة ولو على بعد فراسخ من طيبة الطيبة جمعهم الأنين والحنين طرحوا أسباب الخلاف واصطلحوا على نتيجة الوفاق فلن تجد اثنين من أبناء المدينة إذا ما أصبحوا خارجها إلا وهما الصديقان الحبيبان.
من هنا لم أكن على وفاق مع السيد أمين في كثير من الأمور. ولكنا لم نصل إلى شقاق، فطبيعة الحياء فيه ونزعة الإِستيحاء في حال كل ذلك دون أن تقع الجفوة فقد حلت مكانها الصفوة.
أما أخوه السيد عبيد يرحمه الله، فهو بقية الناس، لم يكن قد أغضب أحداً أو ناصب أحداً خصومة، إليه نرجع، نقتبس منه الصفاء ونلتمس عنده المعرفة. فالسيد عبيد كان المدرسة الثانية لأخيه أمين مدني فقد أخاه وأباه.
أما المدرسة الأولى فأم السيدين، العظيمة أبنة السيد أحمد البرزنجي شيخ المدينة ومفتيها أيام كان رجالها يوزنون بميزان الذهب.
لقد مات أبو السيد أمين وهو طفل فورث عنه أبناه نجابته، فقد كان السيد عبد الله مدني (الأب) أنجب إخوته.
نشأ هذا الطفل ((أمين)) تحفظه أمه، يحافظ عليه أخوه، فلم نكن نعرفه أيام حكم الأشراف، كأنما أمه قد تحرزت به لا يخرج من البيت، العلم يأتيه. وأحسب أن هذه الأم الكريمة خضعت لتجربة كانت قاسية.. موت الأب يرحمه الله، وما جرى في المدينة أيام فخري باشا.
كان يلتقط الرجل، يحشره حشراً في القطار يرحلونه إلى الشام فمن حرص الأم أن تخاف ذلك، لأن من الكرامة التي أنعم الله بها على هذه الأم وابنيها هو أنهم لم يخرجوا من المدينة المنورة مع أن كل بيت المدني قد خرجوا، كل الأعمام كانوا في الشام.
فقد حفظته فكل ما يريد يأتيه فما دخل الكتاب وما دخل مدرسة، وإنما كان يتعلم في البيت، حتى إذا شب كان الأشياخ الكبار، يزورون السيد عبيد يتعلم منهم حتى أصبح المثقف الكبير ولم يحرم أمين من علم هؤلاء الأشياخ.. الشيخ العمري، الشيخ محمود الطيب الأنصاري الشيخ إبراهيم البري، ولعلّه اكتسب من خاله شقيق أمه قاضي المدينة الصموت السيد محمد زكي البرزنجي بعض..
لم نعرفه أيام الأشراف ولكننا عرفناه بارزاً بيننا في هذا العهد عهد الكيان الكبير. فقد أحب أخوه أن يدرس ((أمين)) العلوم العصرية، فاستجاب لذلك مدير المدرسة أستاذنا الدمشقي محمد الحمصي، زميل أستاذنا علي الطنطاوي فأعد له مكاناً خاصاً يلقنه ما أفاده بالكثير من المعرفة.
ثم اختلطنا به رئيساً لتحرير جريدة المدينة فقد كان الرجل الثاني الذي يرأس تحرير جريدة في المدينة أما الأول فكان السيد حمزة غوث أيام فخري باشا رئيساً لتحرير جريدة الحجاز وأما الثالث فالسيد عثمان حافظ.
واشتد ساعد السيد أمين قارئاً يلتهم التاريخ يخرج لنا - كقارئين - موسوعات من التاريخ.
لقد كان - يرحمه الله - لا يختزن ما عرف. ولا أدري هل أجد عند ابنه ((إياد)) وأبناء السيد عبيد همة تخرج لنا ما جمعه السيد عبيد أو ما اجتمع للسيد أمين من تاريخ المدينة. ومن طرائف شعرائها، فقد ألححت كثيراً، أطالبهم بما اختزنوا فحرام أن لا نعرف شعر العمري وعبد الجليل برادة وإبراهيم الأسكوبي وأنور عشقي وعبيد مدني، وأحمد عابد وغير هؤلاء.
يرحم الله السيد أمين..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :622  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 381 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج