شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أحمد الغزاوي
ـ أحمد إبراهيم الغزاوي شاعر قد أعد نفسه قارئاً ممتازاً فقد أكب على التراث، فاتسع له أن يحظى بثروة من اللغة، فالشاعر يضيق به النظم ولو اتسع له إدراك المعاني إذ لم يكن قد شبع من القاموس، كلمات يتسع مجاله حين ينظم، وينتظم له شعر المعاني بالوفر من الألفاظ. فالغزاوي الشاعر كثيراً ما يعارض دون إعلان قصائد الفحول.. ففي إحدى المرات التي قابلته فيها قلت له: كأنما أنت تعارض ابن الرومي في القصيدة ذات القافية الجيمية:
سبيلك فانهج أي نهجيك تنهج
طريقان شتى مستقيم وأعوج
فقال: أما وقد عرفتها فمن الفخار للشاعر أن يجد في نفسه الكفاءة لأن يعارض هؤلاء الشوامخ. فحين أنشدته بيت ابن الرومي وهو يعرفه استعاده ينشده هو كأنما هو الجديد عليه. وحين أنشد قصيدة في الرابطة أعجب بها الزعيم اليمني العالم الشيخ عبد الرحمن الأرياني فقال له: أنت في هذه كالطرماح بن الحكم في تلك.
وكنت إذا لقيته يهتز فرحاً إذا ما قلت له: ((أهلاً برابع الأحمدين)). يفرح بأن يكون في هذا العدد من الثبت في ديوان الشعر. والأحمدون الثلاثة قبله: أحمد المتنبي، أحمد المعري، أحمد شوقي. ولم يكن هذا الحصر من عندي، فذلك ما جنح به العلامة فريد عصره في اللغة إسعاف النشاشيبي. فقد جاء هذا الحصر يوم كان أحد الطلائع التي شاركت في يوم شوقي صنعته له مجلة ((السياسة)) وكان صناعه الدكتور محمد حسين هيكل. فقد قال ((إسعاف)) يكرم شوقي، هذه الكلمة: الشعراء ثلاثة الأحمدون: أحمد المتنبي أحمد المعري أحمد شوقي. فإذا ما ناجيت الغزاوي أو ناغيته يفرح بها كأنما أنا بايعته أميراً جديداً في الشعر.
إن الغزاوي من جيل الصحوة، نبتت في طلائع اليقظة العربية، فاستقلت في الجزيرة زعامات بعد الحرب العالمية الأولى، واستعمرت من الأرض العربية شعوب، فإذا شباب العرب في كل مكان يستيقظون في صحوة بناءة في الذين استقلوا، محاربة في الذين استعمروا. إن جيل الصحوة في مكة وفي المدينة قد جاء بعد جيل الغفوة، فإذا سحراً والأشرم في مكة وعبد الجليل برادة وإبراهيم الأسكوبي وأنور عشقي والعمري يستفيقون من الغفوة، وتغفو بهم أوضاع حتى إذا صحت اليقظة، طلع علينا عمر عرب كأنه الفترة بين جيلين، حتى إذا انتشر فؤاد الخطيب وصبحي الحلبي ومحب الدين الخطيب، استيقظ التحدي في الشباب عمر عرب والغزاوي فحمزة شحاته والعواد وحسين الصبان ومحمد سرور الصبان وحسين سرحان وعبيد مدني وعلي حافظ ومحمود عارف ومحمد حسن فقي وأحمد قنديل وعبد الوهاب آشي وأحمد العربي وضياء الدين رجب وحسين عرب والقرشي. كما استيقظ الناثرون، فإذا المعرض وأدب الحجاز وأدب الصحراء والشعراء الثلاثة يعطون اليقظة صحوة، جلجل فيها صوت الغزاوي شاعراً ملتزماً، انتشر له شعر المدح، تستيقظ به مشاعر الذين يعرفون لهذا الكيان الكبير قيمته، ولموحده عظيم مكانته، كما أن للغزاوي شعراً أخفاه. كما أخفي أو أخفوا الكثير من شعر فؤاد الخطيب وكما تخفى حمزة شحاته في كثير من شعره.
إن الغزاوي صحوة في اليقظة ويقظة من الصحوة، له مقام كريم ستعرف قدره أجيال بعدنا. وما تأخرت عن الكتابة عنه إلا لأني ما عرفت خبر موته إلا بعد يومين وكنت في الرياض. يرحم الله أحمد الغزاوي فقد حظيت بكثير من تقديره وبالجميل من صدقته فقد كان ذوّاق كلمة صناع كلمة، يرحمه الله.
ولا أنسى أن المسجدين وانتشار الكتاب والفلاح في مكة والمدارس الكثر في المدينة هي التي أعدت للصحوة واليقظة القدرة على الاستيعاب والكفاءة عن الإعراب.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1014  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 374 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج