شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وذكرني بالراعي
ـ وفي ليلة مضت من ليالي هذا الشهر المبارك شاهدت وسمعت المتحدث في تلفازنا. وقد تبرنس فالمشاهدة له قالت إنه مغربي وجرس الكلام وإشراق البيان أوضحا لي أنه مشرقي وحين شاهدته مغربياً أنشدت مطلع الموشح عن صقر قريش. أبدعه أبو علي أحمد شوقي. كان شوقي أحد القلائل من المشارقة الذين عشقوا الأندلس. بينما الكثرة من المغاربة قد امتلأ وجدانهم بحب المشارقة.
أنشدت مطلع الموشح أصف هذا الذي طلع علينا بالبرنس المغربي:
كم بنضو يتنزى ألماً
برح الشوق به في الغلس
حن للبان وناجى العلما
أين شرق الأرض من أندلس
بلبل علمه البين البيان
بات في حبل الشجون ارتبكا
أنشدت هذا المطلع وما جاء بعد وسمعت المتحدث. فإذا هو يذكرني بالرافعي مصطفى صادق بالجرس والرنين وانتقاء اللفظ والتجنيح انتماء لمدرسة الرافعي، كان هذا الذي تبرنس وتحدث قد جمع المشرق والمغرب في بيانه واسترجعت أسأل نفسي كيف أخالف الدكتور عبد الوهاب عزام. فأجد شاعراً وناثراً ومحدثاً يذكرني بالرافعي كأني لم أخضع لحكم عبد الوهاب عزام..
فقد رثى الرافعي بكلمة واحدة.. كاتب لا يذكرك بأحد ولا يذكرك به أحد.
ولكن هذا المتحامل على نفسه حين سمعت ما أطربني من الجرس والبيان أعربت على لسانه اللغة الشاعرة فزادها إعراباً، وحيث إني لم أقرأ اسمه وهو يتلفز أخذت أسأل..، من هذا؟
وبعد أن استعصى علي من سألت أن يخبرني باسمه، سألت آخر فقال هو عمر بهاء الأميري فما استكثرت ذلك عليه ذلك أن شامنا وإن أعطت النوابغ من الأفراد بالكم القليل فإنها أعطت هذا الكم والكيف الجليل. كأنما دمشق وصنعاء لا يعطيان النابغة إلا بعبقرية الكيف، ولست بصدد الحصر.. بينما البرنس انتساب إلى المغرب. فالمغاربة عطاؤهم كم وفير وكيف عبقري كثير.
إن عمر بهاء الأميري كأنما هو اغترف البيان من اثنين، من القرآن أجراه على لسانه ولسان أمثاله شيخ الإِخوان المسلمين ((حسن البنا)) ومن الرافعي الذي تمصر بينما هو من عرق شامي.
إن إعجابي بالبهاء هو كإعجابي بأبي ريشة. فكلاهما شامي ومن قران السعد أن اسم كل منهما عمر وحتى الرافعي فهو عمري العرق.
تحية للبهاء. أسمعه فأطرب. ذلك أني أتذوق البيان وإن لم أكن من صانعيه. فالبيان يشرق بالإِبانة من حناجر تنطلق منها الكلمة. لا يحجزها ضيق حنجرة وتشرق على لسان يعشق الفصاحة.. فصاحة اللغة الشاعرة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :707  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 373 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.