شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
التوت.. والرتوت
ـ حين أفتش تلافيف الذاكرة أجتر بعض ما مضى، أمتح من الذاكرة فذاكرتي ولله الحمد ليست كما يسميها أستاذنا عزيز ضياء، ((تلافيف))، وإنما هي ((تواليف)) كتاب أم أو كتاب حديث أو كلمات مجنحة أرسلها أو أترسل بها أو أسترسلها مما أقرأ.
فذاكرتي ((هدّاج تيماء))، ولعلّ أستاذنا عزيز سيسألني عن الهدّاج وعن تيماء.
تذكرت خصاماً بين سيدين من أعيان المدينة، وحين انعقدت الدورية وكان الاجتماع في بيتي قال لي بعض الصحاب:
يا أستاذ ((أدخل بينهم)).
فأجبته بمثل يحفظه أهل المدينة ولا أظن أنهم ابتدعوه، فقلت:
((أيش يدخّل التوت بين الرتوت))؟! وأوضحت.
المتخاصمان من علية القوم، وأنا شجيرة توت ورقي طعام دودة القز، فاتركوني أنسج لكم حريراً فالحرير من عطاء اثنين.. التوت وناسجة القز.
وتذكرت هذا المثل وأنا أجتر الذكريات، فأردت أن أعرف معنى الرتوت. فرجعت إلى ((اللسان)) وإلى ((أساس البلاغة)) فإذا الحقيقة أن الرت يجمع على رتوت وهم ذكور الخنازير وفحولها التي فيها شدة وجرأة وشراسة. ولم أرض عن الحقيقة أن تكون الوصف الذي أريد ثم وجدت بعد ذلك ما يصنعه الزمخشري جار الله صاحب الكشاف والأساس، فهو يعرّف الحقيقة ثم يعرف المجاز، فإذا المجاز يعني ((هو رتّ من الرتوت، وهو من رتوت الناس، أي من عليتهم وسادتهم)).
فأراحني هذا المعنى المجازي، فالتمثل به الذي شاع وذاع لا يعني إلا المجاز، فالتوت الذي لا يؤبه له إلا عند دودة القز لا يحق له أن يدخل بين كبيرين.
من هنا فإن كثيراً من الأمثلة على لسان العامة لها أصل في اللغة وإن ابتعدت بها اللهجة فكثيراً ما استعمل كلمة ((يستأهل)) وينطقها العامة بالتسهيل ((يستاهل)) فصّحها المازني يرحمه الله وتفصحت عنه بها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :752  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 357 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.