الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

إسرائيل ما زالت تكابر!

ـ ليست المشكلة أن تتعجرف إسرائيل فتفرض على مصر أن تكون المفاوضات بالنسبة للحكم الذاتي في بيت المقدس.. فعجرفة إسرائيل لا حد لها.. وإنما المشكلة التي تصل إلى درجة المأساة أن يكون التعامل مع إسرائيل على أنها دولة تلتزم بالعهد وتفي بالوعد وتخضع لمعاهدة السلام بينها وبين مصر.. إنها ليست دولة تلزمها المفاوضات بسلوك أخلاقي أو يحتم عليها الذين تفاوضوا معها أن لا تتعجرف فهي حين تفرض على مصر أن تكون المفاوضات في بيت المقدس فإنها تريد بذلك اعتراف مصر العملي أن كل القدس عاصمة إسرائيل لتضع مصر في الموقف الحرج الذي لا يطاق فأقل تقدير ينجم عن ذلك.. هو فرض الإذلال على مصر.. كما هو الغرض الملح من إسرائيل إذا ما رضخت مصر لهذا الطلب المجحف أن تبقى مصر في قطيعة من أمتها العربية فهي تريد إخراج مصر من أي موقف عربي.. سواء كان ضد إسرائيل أو ضد غير إسرائيل.. فهذا الغير.. الذي لن يكون إسرائيلياً في الظاهر، ما هو إلا لها.. وبها يحطب في حبلها ليوزع جهد مصر من أن تكون قوية.. كأنما إسرائيل بكل ذلك إذا ما نجحت بهذا الغرض أن تجعل من مصر شعباً ودولة وقيماً لا حظ لها ولا مجال كعطاء منها للأمة العربية أو كحرمان عطائها للأمة العربية لها ولكنها مصر.. قد صبرت على كثير من هذه المكابرة والعجرفة.. أرادت بكل ذلك أن تضع أمام الولايات المتحدة ما تسقط به إسرائيل هيبة الولايات المتحدة فقد تكون إمبراطورية البيت الأبيض لها رأي آخر ومع إسرائيل ضد بعض الحكومات العربية فإنها.. وفي أغلب الظن أنها لا تريد أن لا تخسر مصر صديقاً الآن.. إن حسني مبارك لن يذهب إلى القدس لأنه لا يستطيع أن تذل مصر وأن تكون القطيعة ((سرمدية)) ففي يده الورقة الرابحة ذات وجهين على الوجه الأول أمته العربية.. وعلى الوجه الثاني صداقة الولايات المتحدة التي لا أحسب أن الولايات المتحدة تفرط فيها لأن الأزمات بدأت تلاحق حلف الأطلسي حتى وصلت إلى جنوب الأطلسي أزمة فولكلاند موقف حاسم يضع الولايات المتحدة أن لا تكون طوعاً لإسرائيل في فرض هذه العجرفة على مصر إن أي طرفين يتفاوضان لا بد أن يكون اختيار المكان بموافقة كل منهما ولكنهم اليهود لا يرقبون إلا ولا ذمة يحرفون الكلام عن مواضعه.. فلعلهم بهذا الموقف يريدون نسف معاهدة السلام فراراً من مفاوضات الحكم الذاتي..