شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الإسراء والمعراج
ـ واستأخرت استأني لأكتب عن الإِسراء والمعراج فقد تصورت أن زحاماً من المكتوب تخطه أقلام كثيرة تذكر المسلم بما أنعم الله به على خاتم النبيين والمرسلين المبعوث رحمة للعالمين فلعلّي لا أخوض الزحام لأني عازف عن ذلك وقد مضى التاريخ الذي حدد الليلة التي أسرى الله بها عبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى فالله تقدس اسمه يعلمنا كيف نقدسه بالكلمة (سبحان الله) قال تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى (الإسراء: 1) ليس ذلك عجيباً يستحيل على المؤمن تصديقه وإن كان من السهل أن يصدقه الكافر أو يتهرطق به الجاحد فالله هو القادر على كل شيء ففي كل شيء له آية تدل على أنه واحد..
وكلمة أسرى هي الحجة الدامغة التي ينير برهانها حقيقة أنه كان إسراء بالجسد لا بالروح وحدها.. كان بالجسد وبالروح معاً فلو كانت رؤيا لما كانت كلمة أسرى والمعجزة يصدقها المؤمن تزيده إيماناً وينكرها الكافر والمشرك.. وقد وصل إلى بيت المقدس يصلي بالأنبياء إماماً.. فقد سألني واحد أليس هناك تعارض بين هذين الخبرين فالخبر الأول أنه عليه الصلاة والسلام قد مر على قبر أخيه موسى عند الكثيب الأحمر فوجده قائماً يصلي فإذا هو بعد ذلك يكون مع الأنبياء يصلي بهم الرئيس محمد إماماً.
والخبر الثاني حين فرضت عليه الصلاة خمسين صلاة حتى إذا وصل إلى السماء السابعة يدعوه أن يرجع إلى ربه يسأله التخفيف المرة بعد الأخرى حتى كان الحتم لأن تكون الصلاة خمساً.. موسى عند الكثيب الأحمر.. موسى عند الإِمام يصلي موسى يصلي وراءه.. موسى يراه في السماء السابعة. قلت إن هذا السؤال مصدره الريبة منك كل ذلك معلوم نصدقه أما كيف وكيف فهذا أول الزلاّت كأنما أنت بسؤالك هذا تشك في قدرة الله تشك في صحة الحديث فأسأل الله لك أن تبرأ من هذه الريبة وأنت اليوم ترى من مستحدثات العلم والاكتشافات ما هو عجيب ومذهل لكن يدخل تحت قوله تعالى: وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ(النحل: 8) فلا اختراع ولا إبداع ولا خلق إلا لله وما تراه من عجائب العلم فهو اكتشاف ولا تعجب من المعراج يصعد في ليلة واحدة إلى السموات العلى فاقرأ سورة النجم يستنير لك أن الإِسرء والمعراج كان بالجسد والروح لا رؤيا منام.. فمعركة الشك والتكذيب التي خاضها المشركون وانتصار التصديق والإِيمان لم تكن ولن تقع إذا كان الإِسراء والمعراج رؤيا فأبو جهل إنسان قد تكون له رؤيا حلم يراه فلا يمكن أن يكذب الرؤيا ولكن الخبر صدع به رسول الله يخبرهم به فأنكروا وكفروا لأنهم وقد جهلوا استحال في نظرهم أن يكون هذا الإسراء والمعراج في ليلة واحدة فلو كان ذلك رؤيا لما كان تكذيباً ولما امتاز أبو بكر بالتصديق.. إن عجائب العلم والصعود إلى الفضاء قد أصبح صناعة البشر فكيف ينكر أحد الناس أن الله وحده هو القدير على كل شيء فالله سبحانه وتعالى قد طوى الزمن بالسرعة التي أرادها وقدرها ولقد فسرت النظرية العلمية عن البعد الرابع ألا وهو الزمن كيف أن عامل السرعة يقصر به الزمن، كلما زادت السرعة قل الزمن.. فأنت على جمل تصل إلى مكة في ليلتين بالسرعة البطيئة وإلى الرياض في 30 ليلة بينما تصل بالسيارة إلى مكة في أقل من ساعة وتصل إلى الرياض في ساعة وبعضاً من الدقائق ليست البرهان والحجة تقطع عنك دابر الشك وإنما الإِيمان والتسليم هو قاطع الشك.
والخاتمة البرهان أن تقرأ هذه الآيات:
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى.. وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى.. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى.. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى.. ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى.. وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى.. ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى.. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى.. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى.. مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى.. أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى.. وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى.. عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى.. عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى.. إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى.. مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى.. لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (النجم 1 - 18).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :965  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 214 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.