شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تقاليد القيادة
ـ الحرب لا يديرها أهوج ولا يكسبها من لا يعبأ برأي صائب، فقد بلغ قتيبة بن مسلم الباهلي فاتح الشرق الذي فقدناه فإذا بالشرق كله تفقده اللغة.. لغة العرب.. بلغه أن بعض من كان تحت سلطانه قد خرج عليه، فأخذ يفكر، يسأل أصحابه الكبار عما يرونه، فقال أحدهم: أبعث إليهم بعثاً، أمر عليهم وكيعاً..
فقال قتيبة: أن وكيعاً فيه كبر، يحتقر عدوه، فأخشى أن تكون فيه غرة ينال بها العدو فيتسع الخرق..
وكأنما قتيبة في هذه قد وضع قانوناً حدد فيه تقاليد القيادة، فأيما قائد قد اغتر فلم يحتط من عدوه سيعطي لعدوه النصر عليه.. ولا بد أن نضرب الأمثال، نحترز أن تكون عربية فأخذها من واقع العرب الذين ابتلوا ببعض القادة الهوج، الذين يخوضون حرباً دون أن يعرفوا عواقبها.. هم كثر في القديم وفي الحديث.. فلم يتح النصر إلا لقائد يصبر على المكروه ولا يرى في نفسه أنه المبرأ الموفور، ولكن المثل عن ((نابليون)) العظيم.. فقد غره النصر في أكثر من معركة فقاده الغرور أن يجتاح الشرق حتى وصل إلى ((عكة)) فأرجعته أسوار ((عكة)) وشجاعة رجالها خاسراً يرمي قبعته داخل ((عكة)) من فوق الأسوار، كأنما هو قد دخل ((عكة)) تحت القبعة.. غضب الأهوج المغرور.. وهوج الغضب.. بل هي أضحوكة التاريخ..
وحين غزا روسيا جره الغرور لا يغزوها إلا في شهري الثلوج، فهزمه الجنرالان.. الجنرال يناير والجنرال فبراير!! فلعلّ حسابه أعطاه الظن بأن الروس لا يتحركون في هذا الشتاء، فيتحرك هو ليكسب.. كأنما هو كل الجيش، ولم يخطر على باله أن جيشه سيهلك من الثلوج..
و ((هتلر)) حمله الغرور أن يضرب هنا وهناك، فاجتاح غرب أوروبا حين سقطت فرنسا وأرسل جيشه إلى الشرق حتى وصل إلى حدود مصر الغربية، ولم يكتف بذلك بل ذهب بكل الهوج إلى روسيا فلا ينال نصراً وإنما هو أعطى النصر لغرب أوروبا وللولايات المتحدة.
و ((موسى ديان)) قاده الغرور أن يجتاج سوريا ومصر، يرى في خط ((بارليف)) رؤية الفرنسيين لخط ((ماجينو))، يرى في البحر حاجزاً وفي الرمل معجزاً وفي الجولان مغنماً، فإذا هو والعجوز الشمطاء ((جولدا مائير)) يصرخان من الزلزال.. فإذا حبل من الناس مازال باقياً لنصر اليهود يأتيهم على الجسر الجوي بالموقف المهدد من الولايات المتحدة، وبالموقف الناكل من الاتحاد السوفياتي..
أما كيف احتلت إسرائيل سيناء وبنت خط ((بارليف)) على القناة واجتاحت فلسطين فذلك نرجع به تقاليد قتيبة بن مسلم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1293  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 212 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.