بين جرحي وبـين جـرحك مقهـى |
كـان فيه اللهيـب يـدعى شـرابـا |
كنـت فـيـه أجـر كـل همـومي |
وعـلى بابـه أبـيـع الـشبـابـا |
كنت أسـقـى كل الـفناجـين فيه |
كل قهري وحـرقـتي والـعذابـا |
بين جرحي وبين جرحك يا خضراء حب بـه نـسـيـنا الـعـتابـا |
فـأنـا حـبـك المـدينـي دومـاً |
فدعيـني أصـب فيـك السـحابـا |
ودعيني أهـدي حقـولك شـعـراً |
مـدنـيــاً يـزوج الأعـنـابـا |
نحن كـنا الـهوى زمـانـاً ولكـن |
لم نـزل في فـصـولــه طـلابـا |
نحن كـنا الهـوى وكنـا كتــاباً |
تتـحـدى سـطـوره الكُتَّـابــا |
كيف صرنا يا تونـس شـبـه حـب |
ونـبيـذاً لا يعـجـب الأكـوابـا |
رفضـته كــل الـشـفـاه أخيراً |
بعد أن لـذَّ في الكـؤوس وطـابـا |
كيف صرنا عند الهـوى اسـتفهامـاً |
كيف عـشـنا فـي قصـره أغرابـا |
لا تـقـولي الـغـرام مـد وجـزر |
لـغـة الـحـب ترفـض الإِعرابـا |
بين جرحي وبين جرحك ضيعـت هدوئي وحكمـتي والصـوابـا |
طـردتـني مـواجـعـي تركـتـني |
سـبـباً لا يـشـابـه الأسبـابـا |
صلبتـني عـلى رصيف الـليـالـي |
فتعلـمت فـي الرصيـف الشـرابـا |
علمتـنـي أن الـقـصـائد ثـلـج |
ورمـت لـي لفـافـة وثـقـابـا |
كـل شـعر كتبـته كان وحـشـاً |
كان يُمـلي عـلى حـياتـي الخرابـا |
كان يعطي يـد الجـواسيـس خـدي |
كان في حجـرتـي يـشـم الثيـابا |
وكــأنـي فـي عـرفـهـم لولبي |
أو عـمـيـل يـهـرب الإِرهـابـا |
وكــأنـي أدس بـيـن حـروفـي |
ســيـلانـاً يـهـدد الإِنجـابــا |
وكــأني أهـدُّ فـي كـل بـيـت |
مـبـدأ أو عقـيـدة أو كـتـابـا |
ونـسـوا أننـي جريـح وجرحـي |
مـن مئـات السـنين شـق الحجابـا |
إنــه جـرح شــاعـر عـربـي |
لم يـطبـل ولم يلـمـع ثـيـابـا |
شـعـراء ينـافـقـون وشـعـري |
كـبـريـاء لا يـطـرق الأبـوابـا |
كيف يا تونـس الجميـلـة أبـكـي |
ودمـوعي لا تـملك الأعـصـابـا |
كيف أبكـي بـأي عيـن سـأبـكي |
قد أطـالت عنـي العيـون الغـيابـا |
صـرت يا تونـس الجميـلة ملحــاً |
بعـد أن كنـت جـدولاً منسـابـا |
أينمـا سـرت جـثـة أو جـريـح |
أو دمـاء تـعـطـر الأعـشـابـا |
أينما سـرت غضـبة مـن مـذيـع |
تتـلـوى وتشـجـب الإِرهـابـا |
هل تحبـين يا جـميلـة شـعـري؟ |
إن شـعـري في بحر عينـيـك ذابـا |
إن شـعـري يمـوت في كـل يـوم |
وقـوافيــه أصبحـت أخـشـابا |
كل يــوم يرثـي العروبـة حتـى |
حولـته تـلـك المراثـي ضبـابـا |
إيه يـا تونـس الجميـلـة طـالت |
رحلتـي فيـك فامتطيت الإِيـابـا |
يا دمـوع الزيتـون غنـي رحيـلي |
وابعثــي لي من قبـره زريـابـا |
واتركيـني لدى المحيـط شـراعـاً |
وابعثيــني إلى الخليـج خطـابـا |
يا دمـوع الزيتـون جرحي خطـير |
وعروقي قد أصبحــت أسـلابـا |
وحروفي في النزع تهذي وشـعـري |
مـن حروفي لا يستطيــع اقترابـا |
كل من قال في السيـاسـة شـعـراً |
فعــلى أهــلـه يجر الخرابــا |