الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

الحَلْقَةُ الحَادِيَةُ والسِّتُّونَ

حضر الشيخ على عادته مبكراً ولم تمض دقائق معدودة حتى وصل الفتى فسلم على الشيخ ثم أخذ مكانه أمام أستاذه.. سأل الشيخ فتاه هل لديك بعض من الأسئلة يا بني؟ رد الفتى شكراً لأستاذي الشيخ فقد طرحت ما عندي منها في الدرس السابق قال الشيخ إذن نبدأ درسنا الجديد وهو كما تعرف متمم للدرس السابق سوى أن الحروف التي بقيت لدينا من حروف الجر وعددها ثلاثة عشر حرفاً تدخل على الأسماء الظاهرة وضمائرها فتجرها وهي من ـ إلى ـ خلا ـ عدا ـ حاشا ـ في ـ عن ـ على ـ رب ـ اللام ـ واو القسم ـ باء القسم ـ الياء.. وأول هذه الحروف هو حرف (رب) رفع الفتى إصبعه مشيراً بسؤال عاجل طرأ عليه سمح له الشيخ بطرح سؤاله قال الفتى.. قلتم أطال الله عمركم إن عدد الحروف التي تدخل على الاسم الظاهر تسعة حروف ولكنكم شرحتم لي عشرة حروف منها (باء) القسم قال الشيخ هذا صحيح يا بني فباء القسم تدخل على الظاهر من الأسماء، والضمير وتجرهما فانزعه منها لأنه غير مختص بجر الاسم الظاهر وحده.

أما باقي حروف الجر فثلاثة عشر حرفاً تدخل على الظاهر من الأسماء وضمائرها..

وأولها حرف (رب) ومعناه التقليل وله صدر القول نحو قولك (رب) أخ لك لم تلده أمك (وكذلك) واو (رب) تدخل على نكرة موصوفة فتجرها نحو قول الشاعر:

وليلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سدوَله

عليَّ بأنواعِ الهُمومِ ليَبْتَلي

أي ورب ليل كموج البحر كما يدخل حرف رب على الضمير مثل (ربتها ليلة مقمرة) فالهاء ضمير مبني في محل جر بـ (رب).

وثاني هذه الحروف (من) ويفيد معنى الابتداء فتقول مثلاً (سافرت من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة) وقد يتصل به حرف (ما) الزائد فلا تخرجه عن معناه وعمله كأن تقول (مما أمانةِ الأمين ينبعث سلوك الشرفاء) فلفظ (أمانة) مجرور بـ (من) وما زائدة لا عمل لها في (اللفظ) وهو حرف مدغم في (من) كأنك تقول من ما أمانة الأمين.

وثالث هذه الحروف حرف (إلى) ومعناه الانتهاء مثل قولك قمت برحلة من جدة إلى الطائف وهو حرف جر أصلي وقد يأتي للمصاحبة كقول الحق سبحانه وتعالى مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ (آل عمران: 52).

ورابع هذه الحروف وخامسها وسادسها هي.. خلا.. حاشا (عدا.. وتعني الاستثناء تجر الاسم الظاهر والضمير بعدها فتقول (زرت المملكة خلا مدينةٍ واحدة) أو حاشا مدينةٍ واحدة.. أو عدا مدينةٍ واحدة ودخولها على الضمائر كقولك زرت المساجد خلاها مسجداً واحداً. أو حاشاها مسجداً واحداً ـ أو عداها مسجداً واحداً.. فالضمير هنا مبني على السكون في محل جر.

وسابع هذه الحروف هو حرف (في) ويأتي لمعنى الظرفية غالباً وبمعنى (على) أحياناً نحو قولك تفتح الزهر في الأغصان.. وبمعنى على كقول الحق سبحانه وتعالى وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ (طه: 71) أي على جذوع النخل وفي الضمير تقول مثلاً رأيت فيها شيئاً يدعو للعجب. وثامن هذه الحروف حرف (عن) ومعناه المجاوزة نحو قولك (أبحرت عن الشاطئ الغريق) وقد تأتي اسماً صريحاً كقولك (وقفت من عن يمين الخطيب) فهو هنا اسم مجرور بمن قبله.

وتاسع هذه الحروف هو (على) ومعناه الاستعلاء كأن تقول: وقفت على المنبر متحدثاً، أو وقفت عليه متحدثاً.. ((في الضمير)). وقد يأتي إسماً صريحاً نحو: أخذت الكتاب من على المنضدة فـ ـ على هنا اسم صريح مجرور بـ(من) قبله وفي جره للضمير تقول وقفت عليه متحدثاً..

وعاشر هذه الحروف هو حرف (الباء) وهو من حروف الجر الأصلية له معانٍ كثيرة أشهرها الالتصاق.. نحو خرجت بزيد.. المصاحبة نحو جاء علي بقومه المقابلة أخذت هذا بهذا.. الظرفية نحو تخرج علي بجامعة أم القرى (النفي نحو ليس الحق بضائع.

وحادي عشر هذه الحروف هو حرف (اللام) ومعناه الخصوصية نحو قولنا (الملك لله) الأمر للخالق وحده وقد يأتي للتعليل كقولك ذهبت إلى جنوب الجزيرة لتغيير الجو تغيير اسم مجرور بـ (اللام).

وثاني عشرها باء القسم نحو بالله ما قلته هو الحقيقة نفسها في الظاهر وفي الضمير. أقسمت به ما قلت إلا ما أعرف.

وثالث عشرها حرف الباء نحو جاء محمد يكتبه للظاهر أو جاء بها للضمير.

وآخر هذه الحروف أضافه (سيبويه) وهو (لولا) حرف جر شبيه بالزائد إذا وليه ضمير متصل نحو قولنا لولاي ـ لولاها ـ لولاك ـ لولاهما ـ لولاهن ـ لولاهم.

فرغ الشيخ من شرح كامل حروف الجر الخاصة بالاسم الظاهر.. والضمير. فسأل فتاه هل عَنَّ لك أي سؤال فيما سبق شرحه يا بني؟

رد الفتى شكراً جزيلاً لك أيها الشيخ وأخذ كل منهما طريقه إلى منزله على أمل اللقاء غداً إن شاء الله.