الحَلْقَةُ الثَّامِنَةُ والخَمْسُونَ |
سأل الشيخ فتاه هل لديك ما تسأل عنه يا بني؟! قال الفتى.. نعم عندي سؤال واحد. حبذا لو تكرم أستاذي الشيخ بالإجابة عليه.. قال الشيخ هات سؤالك يا بني.. قال الفتى؛ حين نجمع حمزة وعطية ومعاوية نقول حمزات عطيات معاويات فهل نذكر العدد معها أم نؤنثه؟!.. قال الشيخ تعامل معاملة المذكر لأنها جموع للمذكر ولو صبرت حتى نشرح درس اليوم لما عنَّ لك هذا السؤال يا بني لأن درس اليوم عن تأنيث الفعل للفاعل ولا بد لك أن تعي هذا الباب جيداً وسأقوم بتقسيمه إلى الآتي تسهيلاً لاستيعابه وفهمه.. |
أولاً: وجوب تأنيث الفعل للفاعل ويكون في موضعين اثنين هما.. |
أ ـ إذا جاء الفاعل اسماً ظاهراً لمؤنث حقيقي متصلاً بالفعل مباشرة نحو قولك خرجت فاطمة.. فازت مريم بالجائزة. |
ب ـ إذا كان الفاعل ضميراً يعود على مؤنث حقيقي أو مجازي نحو زينب نجحت في الاختبار ـ الشمس أشرقت ـ الأرض اخضرت. |
ثانياً: أما جواز التأنيث فيأتي في ثلاثة مواضع هي: |
1 ـ إذا كان الفاعل مؤنثاً حقيقياً مفصولاً عن فعله بفاصل.. نحو.. خرجت اليوم خديجة.. ولك أن تقول ـ خرج اليوم خديجة. لأن لفظة اليوم جاءت فاصلاً بين الفعل والفاعل. وقد ورد في القرآن الكريم قول الحق سبحانه وتعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ (الممتحنة: 10) فذكِّر الفعل لانفصاله عن فاعله بـ ((كاف الخطاب)). |
2 ـ إذا جاء الفاعل اسماً ظاهراً مجازي التأنيث. بعد الفعل مباشرة نحو قولنا ـ أشرقت الشمس إذ يجوز أشرق الشمس. |
وكذلك قولنا كسرت القدم أو كسر القدم.. |
3 ـ إذا كان الفاعل جمع تكسير متصلاً بالفعل نحو قولنا وضعت الحوامل.. إذ يجوز فيه وضع الحوامل، جالت العرب في ميدان الخطابة.. أو جال العرب في ميدان الخطابة.. |
أنهى الشيخ شرح درس تأنيث الفعل للفاعل وجوباً وجوازاً ثم سأل فتاه هل لديك أي سؤال فيما مضى شرحه يا بني؟ قال الفتى أجل عندي أسئلة كثيرة أيها الشيخ الجليل حبذا لو سمحت لي بطرحها قال الشيخ تقول أسئلة كثيرة يا بني لقد شوقتني إلى سماعها فابدأ بأولها قال الفتى.. كيف نقول هناك ثلاثة أنفس: مع أن ـ أنفس ـ جمع نفس ولفظة نفس مؤنثة فلا بد من اتباع عددها للتذكير.. قال الشيخ جاء هذا على اعتبار المعنى الذي تضمنته كلمة نفس.. أي شخص فكأنك تقول ثلاثة أشخاص. |
وهذا كثير في الشعر والنثر العربي يا بني.. وعلى عكس ذلك جاء قول الشاعر عمر بن أبي ربيعة. |
خرجنا ثلاثاً كاعبان ومعصر. |
فجاء تذكير العدد مراعاة للفظ.. على اعتبار حمل المعنى ليكون خرجنا ثلاث فتيات.. |
ما زال الفتى رافعاً إصبعه مستأذناً بطرح سؤال آخر.. سمح له الشيخ بإلقاء سؤاله.. قال الفتى يقول الحق جلت عظمته وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً (سورة ق: آية 11) كيف جاء لفظ ـ ميتا ـ مذكراً مع أنه صفة لـ ((بلدة)) والصفة تتبع الموصوف تذكيراً وتأنيثاً؟! |
نظر الشيخ إلى الفتى نظرة إعجاب وإكبار ثم قال له كم أنت مشع بسؤالك هذا يا فتى!! |
والإجابة عليه.. جاء التذكير على حسب المعنى.. لأن لفظة ـ بلدة ـ تعني ـ مكان ـ أي أحيينا به مكاناً ميتاً ـ أخذ الفتى يدوِّن هذه الملاحظة القيِّمة من أستاذه الشيخ في كراسته ثم رفع إصبعه. |
مشيراً بسؤال عارض.. أذن له الشيخ بطرح سؤاله.. قال الفتى.. يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ (المزمل: 18) فلماذا ذكر لفظ ((منفطر)) مذكراً مع أنه صفة لـ ((السماء)) والسماء مؤنثة؟! قال الشيخ استجلاء للمعنى المراد فالسماء هنا كل ما ارتفع على الأرض.. لذلك جاء التذكير حملاً على هذا المعنى.. سأل الشيخ فتاه هل بقي عندك ما تسأل عنه يا بني؟! قال الفتى لو أذنت لي بطرح سؤال أخير.. قال الشيخ هات سؤالك قال الفتى كيف نعامل جمع المؤنث الدال على جماعة الذكور من حيث تأنيث أو تذكير عدده؟! قال الشيخ يعامل على أنه مذكر لأنه جمع مؤنث لجماعة الذكور فتقول.. جاء خمسة حمزات وسبعة طلحات.. وتسعة معاويات أما إذا أريد بـ ((عطيات)) جمعاً لعطية اسم أنثى فيقال.. سبع عطيات.. لا سبعة.. نظر الشيخ إلى ساعته فوجد الوقت متأخراً فقال لفتاه يبدو أننا نكتفي بهذا القدر على أمل اللقاء غداً إن شاء الله وودع كل منهما صاحبه. |
|