الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

الحَلْقَةُ الرَّابِعَةُ وَالخَمْسُونَ

تأخر الشيخ عن موعد حضوره فقلق الفتى لهذا التأخير الذي لم يكن من عادة الشيخ طوال الحلقات السابقة وما هي إلا دقائق حتى أقبل الشيخ مهلاًّ بوجهه الصبوح ولحيته الكثة البيضاء التي تنم عن شفافية ونقاء. وبدأ فتاه بالسلام فرد الفتى على تحية شيخه.. ثم قال له لقد قلقت على تأخيرك أيها الشيخ عسى أن يكون خيراً إن شاء الله.. رد الشيخ والإبتسامة لا تفارق وجهه شكراً لك يا بني على سؤالك وقلقك أيضاً..

أما عن سبب تأخيري اليوم إنما يرجع إلى مقابلتي لبعض الأصدقاء والطلاب في الطريق فأخذنا بعض الوقت نتحدث عن أمور الدنيا وما أكثرها يا بني.. بعد أن فرغ الشيخ من حديثه قال للفتى علَّك أحضرت معك بعضاً من الأسئلة الشفافة التي عهدتها منك لنثري الدرس ونعطيه حيوية ونبضاً.. قال الفتى لأستاذه الشيخ نعم عندي بعض الأسئلة منها ما هو ملتصق بالدرس السابق ـ الممنوع من الصرف ـ ومنها ما هو عائد على دروس سابقة.. آمل من أستاذي الشيخ أن يتلطف مشكوراً بالإجابة عليها..

قال الشيخ على بركة الله ابدأ بطرح أسئلتك يا بني.. قال الفتى.. سؤالي الأول هو.. يقول الحق سبحانه وتعالى في كتابه العزيز كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ (البقرة: 264) ـ فما هو وجه نصب لفظ ((رئاء)) أيها الشيخ..

اعتدل الشيخ في جلسته وأصلح من وضع عمامته ثم قال.. منصوب على ثلاثة أوجه: هي:

الأول.. مفعول لأجله.. أي كالذي ينفق ماله من أجل رئاءَ الناس.

والثاني.. اعتباره حالاً للنفقة..

والثالث.. اعتباره وصفاً لمصدر.. تقديره إنفاقاً رئاء الناس.

ثم طرح الفتى سؤاله الثاني قائلاً سمعت من يقول: وقف إبراهيمٌ آخر يتحدث.. كما سمعت من يقول: مررت بعمرٍ من العمرين ـ فكيف أجازوا صرف إبراهيم مع أنه علم أعجمي؟

وكيف صرفوا ـ عمر ـ مع أنه علم على وزن فُعَلْ؟

رد الشيخ على الفور.. صرف كل منهما لأنه فقد علميته فحين قالوا.. وقف إبراهيمٌ آخر يتحدث يفهم من القول أن أكثر من واحد كان يحمل ذات الإسم.. وكذلك القول في ـ عمرٍ ـ لأنه كان أحد العمرين الموجودين وهكذا إذا فقد الاسم العلمية يجوز لنا صرفه.

واصل الفتى رفع إصبعه مشيراً إلى سؤال آخر لديه.. سمح له الشيخ بطرح سؤاله..

قال الفتى وقفت على من يقرأ قول الحق.. إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالاً وَسَعِيراًً (الإنسان: 4) فكيف صرف لفظ ـ سلاسل ـ مع أنه على صيغة منتهى الجموع؟

رد الشيخ صرف تجاوباً للإيقاع وحسن الترنم.. وما أكثره في الشعر والنثر.. وكذلك قول الحق فيمن قرأ مصروفاً وأحسبها من شواذ القراءات. والله أعلم. ((يغوثا ويعوقا ونسراً)).

نظر الشيخ إلى ساعته ثم قال لفتاه.. يبدو أننا أخذنا وقتاً كبيراً في الأسئلة.. فهل بقي منها شيء؟ أم نبدأ درسنا الجديد؟ رد الفتى بل نبدأ درسنا أطال الله في عمرك أيها الشيخ.. استعد الشيخ لشرح الدرس فقال:

8 ـ تمنع الصفة من الصرف إذا جاءت على وزن ((فَعْلان)) نحو قولنا ـ عطشان ـ فرحان ـ ظمآن ـ ومررت برجلٍ ولهانَ.

9 ـ إذا جاء الوصف على وزن ((فُعَال)) ـ أو ((مَفْعَل)) ـ من أسماء الأعداد نحو ـ رُباع. مَرْبَع.. خُماس ومَخْمَس ـ سُداس ومَسْدَس.. الخ..

10 ـ تمنع الصفة إذا جاءت على وزن ((أفعل)) مثل أبيض. أزرق. أخضر.. أسود.

11 ـ وأخيراً إذا جاء الوصف على زنة ((فُعَلْ)) نحو أُخَر ـ بُتع كُتع ـ جُمع..

فرغ الشيخ من شرحه.. ثم اعتدل في جلسته وقال لفتاه.. أظننا انتهينا من شرح درس الممنوع من الصرف. وقمنا بتقسيمه إلى أقسام تساعدنا على فهمه واستيعابه. فهل لديك أي سؤال في هذا الدرس يا بني؟ قال الفتى حبذا لو أخَّرْنا دور الأسئلة إلى الدرس القادم حتى يكون لي الوفير منها بعد مراجعتي كراستي التي عمرت والحمد لله بالكثير المفيد من شرح أستاذي الشيخ.. وأخذ كل منهما طريقه إلى منزله على أمل اللقاء المتجدد غداً إن شاء الله..