شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحَلْقَةُ السَّابِعَةُ وَالعِشْرُونَ
جلس الشيخ وأمامه تلميذه الفتى فسأل الشيخ فتاه قائلاً: هل لديك أي سؤال فيما مضى يا بني؟ رد الفتى يبدو أن شرح أستاذي الشيخ لم يترك لي ما أسال عنه فشكراً لك أيها الشيخ الجليل على شرحك المفصل.
استعد الشيخ لشرح الدرس الجديد فقال: الحادي وَالعِشْرُونَ من منصوبات الأسماء ـ كم الاستفهامية ـ ومعناها الاستفسار عن شيء مجهول لدى المتحدث وتحتاج إلى جواب ويذكر بعدها الاسم منصوباً على التمييز.. أو مجروراً به.
فنقول مثلاً كم ريالاً أنفقت في رحلتك؟
رفع الفتى إصبعه مستأذناً بسؤال عاجل.. سمح له الشيخ بطرح سؤاله.. قال الفتى.. عفواً يا أستاذي الشيخ هل ـ كم ـ هذه اسم أم حرف؟ قال الشيخ بل اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع خبر مقدم.. وما بعده مبتدأ.. وواجب تقديمه لأنه له حق الصدارة في القول.. وانطلق الشيخ يكمل درسه.. قائلاً: ويجيء تمييزها مجروراً نحو.. بكم ريالٍ اشتريت هذا الكتاب؟.. رفع الفتى يده طالباً من أستاذه الشيخ السماح له بطرح سؤال مهم.. قال له الشيخ هات سؤالك يا بني.. قال الفتى.. أراك أهملت ـ كم الخبرية ـ؟ فما هو سبب إهمالها أيها الشيخ؟.. رد الشيخ على الفتى بقوله سبب إهمالي لـ ـ كم ـ الخبرية لأن ما بعدها لا يجيء منصوباً.. مع أنه تمييز.
إلا أنه مصدر بأحد حروف الجر وخاصة.. من.. أو بالإضافة فهو ليس من منصوبات الأسماء.. فهل وضح لك الجواب يا بني؟ قال الفتى نعم أيها الشيخ..
ثم مضى الشيخ يكمل شرحه قائلاً أما الثاني وَالعِشْرُونَ من هذه المنصوبات فهو ـ المستثنى ـ وهو من منصوبات الأسماء الشائعة تداولاً واستعمالاً فنقول مثلاً: حضر الموظفون إلا موظفاً.
فـ ((موظفاً)) مستثنى من الموظفين. فهو لم يحضر معهم وهناك قواعد أساسية تحكم أسلوب الاستثناء لا بد من الوقوف عليها منها مثلاً ـ وجوب النصب على الاستثنائية. إذا كانت الجملة تامة غير منفية والمستثنى منه موجوداً والاتباع على البدلية للمستثنى منه وذلك إذا كانت الجملة تامة منفية نحو قولنا ـ لم اقرأ من الكتب إلا كتاباً إذ يجوز ـ كتاباً ـ بالنصب على أنه مستثنى والاتباع للمستثنى منه بالجر أما النموذج الأخير حين يكون المستثنى منه غير موجود في الجملة فيكون الإعراب على الحالة التي يجيء عليها.. كأن تقول مثلاً ما حضر إلا محمدٌ؟.. ما قابلت إلا محمداً.. ما مررت إلا بمحمدٍ.
وهناك أسلوب آخر للإستثناء بـ ـ غير وسوى ـ ويكون دائماً مخفوضاً بالإضافة.. أما غير وسوى.. فلهما حالات ثلاث يمكن إيجازها في الآتي:
1 ـ وجوب النصب على الاستثنائية وذلك حين يكون الكلام تامًّا ـ بمعنى وجود المستثنى منه ـ نحو حضر الأطباء غيرَ طبيبٍ.. أو سوى طبيب.
2 ـ جواز النصب على الاستثنائية أو الاتباع للمستثنى منه وذلك حين يكون الكلام تامًّا منفيًّا مثل.. ما حضر الطلبة غير طالب واحد.. أو سوى طالب واحد.. فكلمة غير وسوى يمكن فيها النصب على الاستثنائية أو الرفع مجاراة لاتباع المستثنى منه في العبارة السابقة ـ والنمط الأخير هو..
3 ـ إعرابهما وفق مجيئهما في الجملة ـ شريطة أن يكون الكلام ناقصاً منفيًّا نحو.. ما أنت غيرُ حاطب ليل.. أو ما قابلت غيرَ محمد ـ أو ما اجتمعت بغير محمد ـ.
رفع الفتى يده مشيراً بسؤال عاجل.. سمح له الشيخ بإلقاء سؤاله.
قال الفتى.. أفهم من شرح أستاذي الكريم أن غير وسوى.. تأخذان حالة المستثنى بـ ((إلا)) .. في أوجه إعرابه؟ قال الشيخ ما شاء الله عليك يا بني.. أجل هو كذلك أيها الفتى النجيب..
وكان بالإمكان اختصارهما.. في كلمة عاجلة مفادها أنه يمكن لـ ـ غير وسوى ـ أخذ حركات المستثنى بإلا.. في حالاته السابقة.. ولكنني آثرت الشرح بالتفصيل حتى تكون على علم بأدق الأشياء.. وما دمنا في درس المستثنى. فلا بد أن نذكر النمط الأخير للاستثناء والمتمثل في.. خلا ـ عدا.. ويكون في الآتي:
1 ـ وجوب النصب إذا سبقا بـ ـ ما ـ نحو تفتح الزهر ما خلا زهرةً أو ما عدا زهرةً.
2 ـ جواز النصب والخفض إذا تجردا من ـ ما ـ نحو.. تفتح الزهر خلا زهرةً بالنصب أو بالجر.. وكذلك في سوى.
أما حاشا فلا يدخل عليها ـ ما ـ ويمكن نصب الاسم المستثنى بعدها باعتبار ((حاشا)) فعلاً والمستثنى مفعولاً به ـ أو جره على أن حاشا حرف جر نحو قولنا ـ زرت مدن المملكة حاشا مدينةً بنصب مدينة. أو حاشا مدينةٍ بجرها.. رفع الفتى إصبعه مشيراً إلى سؤال طرأ له.. أذن له الشيخ بطرح سؤاله قال الفتى: هل بالإمكان اتصال الضمير بـ ـ غير وسوى ـ وخلا وحاشا ـ أيها الشيخ الكريم؟
تأمل الشيخ سؤال فتاه ثم أطرق هنيهة فاعتلت وجهه إبتسامة عريضة فقال نعم يمكننا ذلك يا بني.. فسؤالك جميل ومهم جدًّا..
فتقول مثلاً: حضر الطلبة سواك.. أو حضر الطالبات حاشاها ـ أو ما سافر غيركما.. سأل الشيخ فتاه هل لديك أيها الفتى أي سؤال فيما مضى شرحه؟ قال الفتى شكراً لأستاذي الشيخ على هذا الاهتمام ثم مضى الشيخ يضيف ـ لا سيما ـ فهذا التركيب يا بني يعني تفضيل ما بعد لا سيما على ما قبلها في الحكم فتقول مثلاً أحب الأدب لا سيما الشعرُ.. الشعرَ.. برفع لفظة الشعر أو نصبها.. ونقول أجاد الخطباء لا سيما.. خطيبٌ.. خطيباً.. خطيبٍ.. برفع لفظة خطيب أو نصبها أو جرها.. فنلاحظ من خلال المثالين السابقين أن الاسم الواقع بعد لا سيما إذا جاء معرفة أو محلَّى بأل. يمكن رفعه أو جره.. أما إذا ذكر نكرة كما في المثال الثاني.. فيمكن فيه أوجه الإعراب الثلاثة.. الرفع.. النصب.. الجر.. رفع الفتى إصبعه مستأذناً شيخه بطرح سؤال..
سمح له الشيخ بذلك قال الفتى.. هل بالإمكان تقديم المستثنى على المستثنى منه أيها الشيخ الجليل؟
أحس الشيخ بأهمية السؤال وشفافية حس فتاه.. وأنه يوحي بدرجة كبيرة من الذكاء الذي يتمتع به الفتى.. فقال.. إذا لم يحدث التقديم هرجلة في القول.. ينجم عنها تعتيم في المعنى.. أو تشويه في الصورة فلا مانع من التقديم.. وقد جاء عن العرب قليلاً. إذ يمكننا القول.. ما حضر أحدٌ إلا عليًّا.. بقولنا. إلا عليًّا ما حضر أحدٌ.. أو لا سيما خطيب واحد.. أجاد من الخطباء الموجودين.. أو حاشا لله ما عبدت سواه..
سأل الشيخ فتاه هل لديك ما تسأل عنه فقد تأخر بنا الوقت هذا المساء.. قال الفتى.. ليس عندي الآن ما أسأل عنه فشكراً لأستاذي الشيخ وودع كل منهما الآخر على أمل اللقاء المتجدد غداً إن شاء الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :658  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 30 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.