الحَلْقَةُ التَّاسِعَةُ |
سأل الشيخ تلميذه الفتى هل تذكر عدد الجوازم التي تجزم فعلين مضارعين؟! |
رد الفتى: نعم أيها الشيخ أذكرها جيداً فهي إثنا عشر جازماً.. عشرة منها أسماء.. واثنان حرفان. |
ظهرت على وجه الشيخ علامة الرضى فقال لتلميذه الفتى ما شاء الله. ما شاء الله.. كم أنا سعيد بمستواك المشرف. |
رد الفتى بفضل الله أولاً ثم بفضل مجهودات شيخي العزيز.. اعتدل الشيخ في جلسته واستعد لبدء الدرس يقول: نستطيع أن نقسم هذه الجوازم إلى أقسام حسب اشتراكها في البنية الإعرابية تسهيلاً للاستيعاب والفهم. |
قال الفتى: كم أنا مسرور بطريقة أستاذي في تناول درس النحو بطريقة منظمة. |
رد الشيخ: شكراً على هذا الإطراء.. |
قال الشيخ: قلنا في الدرس السابق إن (إن وإذ ما) حرفان. لا محل لهما من الإعراب.. رفع الفتى إصبعه مستأذناً بطرح سؤال.. لاحظ الشيخ إصبع الفتى مرفوعة.. فقال: هات ما طرأ لك من سؤال.. |
قال الفتى: أريد من شيخي أن يضرب لي أمثلة معربة على ذلك.. قال الشيخ: سأفعل ذلك إن شاء الله. |
نقول مثلاً ـ إن تفعلْ خيراً تنلْ جزاءه ـ إن حرف جزم يجزم فعلين مضارعين الأول فعل الشرط والثاني جوابه وجزاؤه. |
تفعل: مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون الظاهر في آخره.. وهو فعل الشرط.. وفاعله ضمير مندس فيه تقديره أنت.. خيراً مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره. |
تنل: مضارع مجزوم بالسكون الظاهر وهو جواب الشرط.. وفاعله مندس فيه تقديره أنت، جزاءه: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة في آخره والهاء ضمير مبني في محل جر بالإضافة. |
وكذلك الحال في إعراب ـ إذ ما ـ فهي لا تختلف عن شقيقتها ـ إن ـ ثم استطرد الشيخ قائلاً: والآن سننتقل إلى الأسماء الجازمة.. وأيضاً أحاول تقسيمها إلى أقسام. فمثلاً (من ـ مهما ـ ما) تعرب مبتدءات. أي أنها في محل رفع، على أن يأتي فعل الشرط لازماً نحو قولنا (من يجلسْ يكسلْ) أو كان فعل الشرط متعدياً استوفى مفعوله نحو قولنا (من يكسبْ الناس بأخلاقه يحترمْ) وتجيء في محل نصب إذا كان فعل الشرط متعدياً لم يستوف مفعوله نحو (ما تقدمْ اليوم ينفعكْ غداً) فما هنا وأختاها من ومهما.. تعرب في محل نصب مفعول به مقدم.. لأن فعل الشرط متعدٍ لم يستوف مفعوله.. |
سأل الفتى أستاذه الشيخ.. عفواً أيها الشيخ الجليل أرغب في تزويدي بنموذج معرب إذا سمحت.. في حالة الرفع فقط. |
قال الشيخ: حسناً نقول مثلاً ((من يفعلْ خيراً لا يعدمْ جوازَيه)) . |
من: اسم شرط جازم للعاقل.. مبني في محل رفع مبتدأ. |
يفعل: فعل الشرط مجزوم بالسكون الظاهر وفاعله مختبيء فيه تقديره هو. |
خيراً: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. |
لا يعدم: لا نافية. يعدم: جواب الشرط مجزوم بالسكون الظاهر في آخره. وفاعله مختبىء فيه تقديره هو.. جوازيه: مفعول به منصوب. والهاء ضمير مبني في محل جر بالإضافة.. والجملة في محل رفع خبر وكذلك حال إعراب ـ ما ومهما. |
قال الفتى بعد أن سجل هذه الملاحظة في كراسته اسأل أيها الشيخ هل لهذه الأسماء دلالات محدودة؟ قال الشيخ: عفواً غاب عني أن أذكر لك أن ـ من ـ للعاقل ـ وما ومهما لغير العاقل. |
سأل الشيخ فتاه هل لديك سؤال فيما سبق؟ |
قال الفتى: حتى الآن لا وشكراً. |
رد الشيخ إذاً نستمر في الدرس ـ فـ ((أين ـ أنَّا ـ حيثما)) أسماء شرط جازمة في محل نصب على الظرفية المكانية كأن تقول مثلاً ((أَيْنَ تجلسْ اجلسْ))
((أنَّا تدع الله تجدْه مجيباً)) . ((حيثما تجتهدْ في عملك يصلحْ الله أمرك)).. |
رفع الفتى إصبعه مشيراً بسؤال عاجل عنَّ له.. قال الشيخ: تفضل أيها الابن بسؤالك.. قال الفتى: حبذا لو ذكر لي الشيخ أنموذجاً معرباً لأحد هذه السماء. |
قال الشيخ: إليك المثال الآتي.. ((أين تجلسْ أجلسْ)) أين ـ اسم شرط جازم يجزم فعلين مضارعين الأول فعل الشرط والثاني جوابه وجزاؤه. تجلس ـ مضارع مجزوم بالسكون الظاهر.. وهو فعل الشرط.. وفاعله مختف فيه مقدر بـ (أنت). اجلسْ ـ مضارع مجزوم جواب الشرط وفاعله مختف فيه مقدر بـ ((أنا)). والتقدير ((اجلسْ)) أين تجلس فأين هنا اسم في محل ظرف مكان ولما قدم عمل وظيفته في جزم الفعلين لم يسلم وظيفته من النصب على الظرفية المكانية. |
وكذلك الشأن في أنَّى وحيثما.. رفع الفتى إصبعه مستأذناً بسؤال عاجل. قال الشيخ: قل سؤالك وخلصني.. |
قال الفتى: كيف تقول أين اتجاه القبلة؟ ارتسمت شبه إبتسامة على محيا الشيخ وقال: سؤال جيد وذكي أيها الفتى.. فأين هنا ليست شرطية ولكنها استفهامية فقط فاحترس ولا يختلط عليك الأمر. ((أنَّى ـ حيثما)) . |
نظر الشيخ إلى ساعته فوجد الوقت متأخراً وقد بلغ به النصب مبلغه ـ قال لفتاه هل لديك ما تسأل عنه فيما سبق شرحه؟ |
رد الفتى: شكراً جزيلاً لك أيها الشيخ فلم تترك لي ما يستدعي السؤال.. ثم أقفل الفتى كراسته وذهب كل منهما إلى شأنه على أمل اللقاء المتجدد غداً إن شاء الله في نفس الموعد. |
|