الحَلْقَةُ الخَامِسَةُ |
قال الشيخ لتلميذه الفتى أحسبنا أطلنا الوقوف كثيراً عند فعل الأمر في الحَلْقَةُ السابقة.. وتناولناه من حيث حركة أوله من الناحية الصرفية التي كثيراً ما يتورط فيها كثير من الناس.. ويحتاسون في ضبطها.. |
وجدير بنا بعد تلك الإطالة التي أرجو ألا تكون مملة لك أيها الفتى.. أن ننتقل اليوم إلى الفعل المضارع قال الفتى مملة لي أيها الشيخ؟ بل قل مسعدة ومغبطة لي جدًّا. |
قال الشيخ: إذاً نعرج إلى درس الفعل المضارع اليوم إن شاء الله تعالى.. |
فرد الفتى فضلاً أستاذي الجليل عندي سؤال قبل البدء في درس اليوم.. |
قال الشيخ بدأنا بأسئلتك المستعجلة.. هات سؤالك.. |
قال الفتى: لماذا سمي الفعل المضارع بهذا الاسم؟ |
إبتسم الشيخ وقال لفتاه سؤالك جيد بلا شك. |
أقول سمي الفعل المضارع بهذا الاسم لأنه يضارع الاسم في حركاته.. من حيث قبوله للعديد من الحركات في آخره مع أن الأصل فيه الرفع على الضم ظاهراً أو مقدراً ويكون مبنيًّا إذا اتصلت به نون التوكيد أو نون النسوة.. ومجزوماً إذا سبقه أحد الجوازم، ومنصوباً إذا صدر بإحدى أدوات النصب.. ومرفوعاً إذا خلا من كل أولئك.. |
رفع الفتى إصبعه طالباً من أستاذه الإذن بطرح سؤال.. |
قال الشيخ قل سؤالك يا فتى.. |
قال الفتى: أسأل عن زمن هذا الفعل.. فرد الشيخ قائلاً: زمنه حاصل أثناء الكلام. |
قال الفتى حبذا لو أفضل الأستاذ مشكوراً بذكر نموذج لإعراب المضارع في حالة الرفع. |
فرد الشيخ حسناً.. إذا كان ذلك يشبع رغبتك.. نقول مثلاً ((يخلق الله ما يشاء)) ففعلا يخلق ويشاء.. فعلان مضارعان في حالة إعرابهما نقول: يخلق.. فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة في آخره.. الله.. لفظ الجلالة فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة في آخره.. ما.. اسم موصول لغير العاقل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.. يشاء.. فعل مضارع.. مرفوع بالضمة الظاهرة في آخره. والفاعل ضمير مستتر يعود على لفظ الجلالة.. |
قال الفتى: قلت أيها الشيخ قبلاً قد تكون الضمة مقدرة فما مثالها؟ |
استحسن الشيخ سؤال الفتى وقال: ((يهدي الله من يشاء من عباده)) ففعل يهدي.. فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها التعذر.. أي تعذر نطقها على الحرف الأخير من الفعل لفظاً فرد الفتى: شكراً لك شيخي الفاضل على هذا الإيضاح.. ثم عرج الشيخ إلى أدوات النصب والجزم التي تدخل على الفعل المضارع فتغيره من الرفع إلى الجزم أو النصب قائلاً: أدوات النصب هي: إن، لن.. إذن.. كي.. |
ولكل أداة منها معنى تؤديه في ذاتها.. فـ ((أن)) مثلاً تفيد الاستقبال والمصدرية.. رفع الفتى إصبعه مستأذناً بالسؤال: أريد من أستاذي الشيخ مثالاً لها.. |
فرد الشيخ على رسلك يا فتى لا تستعجل تقول مثلاً ((يريد الله أن يحققَ العدل بين الناس)). |
فـ((فعل)) يحقق منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره. |
وأن وما دخلت عليه في محل نصب على المصدرية الصريحة.. كأنك تقول: يريد الله ((تحقيقَ)) العدل.. |
فلفظة تحقيق مصدر منصوب في محل مفعول به. |
وهنا لاحظ الشيخ إصبع الفتى مرفوعة، كأنه يستعجل في طرح سؤال عنَّ له.. فقال لفتاه هات ما عندك.. |
تقول أيها الشيخ إن الفعل المضارع ينصب بعد أن.. وما هو تخريجك في قول الحق. عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى
(1)
لماذا لم ينصب فعل ((سيكون)) مع أنه مسبوق بـ ((أن))؟ |
ارتسمت إبتسامة الرضى على وجه الشيخ فأخذ يقول: هنا ضمير الشأن محذوف. |
إذ التقدير فيه علم أَنه سيكون منكم مرضى وقد ورد هذا كثيراً على لسان العرب في نثرهم وشعرهم فهذا جرير يقول: |
زعم الفرزدق أَنْ سيقتلُ مربعاً |
إبشر بطول سلامة يا مربعُ |
|
برفع حرف اللام من الفعل المضارع سيقتل أي زعم الفرزدق أنه سيقتل مربعاً فحذف ضمير الشأن. |
قال الشيخ يبدو أننا بلغنا من التعب ما يكفي هذا اليوم.. إلا إذا كان عندك سؤال.. فلا مانع من الجلوس.. |
رد الفتى: شكراً جزيلاً أيها الشيخ وأقفل كراسته ثم حيَّا أستاذه مودعاً إياه على أمل اللقاء به غداً إن شاء الله. |
|