الحَلْقَةُ الثَّالِثَةُ |
واستطرد الشيخ في شرحه قائلاً لفتاه أما وقد انتهينا من علامات الفعل فجدير بنا اليوم أن نعرج إلى تقسيمه من حيث زمنه.. فرفعَ الفتى إصبعه يريد الكلام عفواً يريد أن يسأل.. فقال له الشيخ تفضل يا بني قال الفتى متسائلاً هل للفعل أزمنة تخص كل نوع منه!! |
رد الشيخ قلت لك سابقاً إياك والعجلة ولو أنك صبرت حتى نهاية الشرح لما عنَّ لك هذا السؤال.. المهم.. نعم إن للأفعالِ أزمنة تعرف بها وتدل عليها.. وهي.. |
أ ـ الفعل الماضي: |
وهو عبارة عن حدث وقع فعله قبل الكلام نحو قولنا أنزل الله كتابه هدى وبشرى للمؤمنين فأنت تلحظ أن فعل ((أنزل)) وقع حدوثه في الماضي أي قبل وقت الكلام عنه ولو أمعنت النظر فيه تراه من حيث الإعراب مبنياً على الفتح وكذلك قولك.. ((قرأ ـ شرب ـ أكل ـ أسلم ـ شكر ـ صلَّى)) ولكن عليك أن تتيقظ يا بني.. وتدرك أن الفتحة قد تتغير مؤقتاً إلى السكون ويحصل ذلك حين إتصال الفعل بتاء الفاعل.. أو نا الفاعلين.. أو نون النسوة نحو((قرأْت الكتاب)) فأنت تلحظ آخر الفعل وهو ((الهمزة)) مسكوناً وكذلك صمْنا شهر رمضان في جو معتدل.. فصمنا فعل ماضٍ، آخر حرف فيه وهو ((الميم)) مسكون.. لإتصاله بـ ((نا)) الفاعلين ونحو.. المعلمات أديْن واجبهن نحو الطالبات.. فأدين فعل ماضٍ مبني على السكون المقدر لإتصاله بنون النسوة. |
سأل الفتى أستاذه الشيخ هل هناك وجه آخر للبناء المؤقت للفعل الماضي؟ |
رد الشيخ، على رسلك، لم أنته بعد من الشرح ودعني أكمل الشرح دون اعتراضي بأسئلتك المباغتة.. نعم هناك وجه آخر هو تغيير الفتحة إلى الضمة مؤقتاً حين إتصال الفعل بواو الجماعة.. نحو.. المسلمون تركوا عبادة الأصنام وأحسنوا إيمانهم.. و ((فعلا)) تركوا.. وأحسنوا.. تراهما مبنيين على الضم لإتصالهما بواو الجماعة. |
قال الفتى: هل البناء عارض أم أصلي يا أيها الشيخ الفاضل؟ فإبتسم الشيخ مستملحاً سؤال الفتى.. وقال: ألم أقل لك سابقاً إن الفعل الماضي مبني على السكون؟ قال الفتى بلى أيها الشيخ ولكن سؤالي فقط هل بناؤه على السكون والضم عارض أم أصلي.. |
رد الشيخ بل عارض متروك بزوال المؤثر.. ألا ترى أننا إذا حذفنا الضمير منه يعود الفعل إلى حالته الأصلية في البناء على الفتح؟! وعلى فكرة.. أزيدك شرحاً أن هذا التغيير الطاريء في البناء إنما جاء إستجابة لمخارج الحروف وضبطها وانسجامها وشفافيتها على السمع.. |
ب ـ فعل الأمر: |
من حيث زمنه حدث وزمن يطلب وقوعه بعد الكلام.. ويكون مبنياً على السكون ولا يظهر فيه فاعله.. نحو قولك كل.. إشرب.. إقرأ. |
سأل الفتى أستاذه الشيخ هل يختفي السكون إلى غيره كما هي الحال في الفعل الماضي؟ |
فرد الشيخ عاتباً على استعجال الفتى بطرح سؤاله وقال له.. حبذا لو تركتني أنهي الشرح ثم لك أن تسأل ما تشاء وكيف تشاء.. فتأسف الفتى لأستاذه الشيخ عن بادرة الاستعجال في طرح الأسئلة منه.. وقبل أستاذه الشيخ أسفه بصدر رحب.. ومضى يقول: وقد يختفي السكون عند إتصال الفعل بنون التوكيد فيكون بناؤه على الفتح المقدر نحو قولنا، أَدِّيَنْ واجبك نحو دينك ووطنك أو اعملَنَّ واجبك أولاً بأول.. |
رفع الفتى إصبعه مستأذناً شيخه في طرح سؤال عنَّ له.. فسمح له الشيخ بذلك قال الفتى: حبذا لو تفضل أستاذنا الشيخ بذكر نموذج إعرابي لهذا البناء.. |
قال الشيخ حسناً.. تقول مثلاً إكتبنْ واجبك.. |
إكتبن.. فعل أمر مبني على السكون المقدر منع من ظهوره إتصال الفعل بنون التوكيد والفاعل ضمير مختف فيه وجوباً تقديره أنت واجبك.. مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة في آخره.. والكاف للخطاب مضاف إليه.. قال الفتى عفواً أستاذي الشيخ كيف يكون بناء الأمر من الفعل المعتل؟ |
فرد الشيخ وقد علت على محيَّاه إبتسامة واسعة.. تدل على فرحة غامرة وارتياح نفسي نحو ذكاء تلميذه الفتى.. هذا سؤال جيد يدل على ذكاء حاد.. |
أي بني.. إذا كان فعل الأمر معتلاًّ فبناؤه على حذف علته.. نحو ارم.. اسع.. قل.. اَدع.. ارع.. وعلى حذف النون إن جاء متصلاً بألف الإثنين أو واو الجماعة.. أو ياء المخاطبة كقولنا إسعيا للخير، أدعوا الله مخلصين حنفاء.. قَرَّي عينا.. تلاحظ اختفاء حرف النون في إسعيا.. وأدعوا.. وقري.. |
ثم قال الشيخ وقد بدا عليه شيء من التعب والإرهاق، يبدو أننا أطلنا الحديث هذا المساء نرجو أن نعاوده غداً ـ إن شاء الله. |
وانصرف الفتى شاكراً أستاذه الشيخ واضعاً كراسته تحت إبطه على أمل العودة إلى مراجعتها في البيت. |
|