لازمة النوتة الشعرية |
ما دمنا قد خلصنا من العزف على ست عشرة نوتة موسيقية لكل نوتة إيقاعها ونظام أدائها لا بد أن نعرج إلى ((اللازمة)) أو ((القفلة)) أعني بها لازمة الإيقاع وقفلته وهو ما يسمى في علم الموسيقى بـ ((اللازمة)) لأنها الوقفة التي يستريح عندها الإحساس ((الأداء)) وهي ما تقابل في النوتة الشعرية ما نسميه بـ ((القافية)) ولمعرفة وظيفة القافية في ضبط الإيقاع النوتي في الشعر علينا أن نمر بإيجاز على أساس بنيتها ووظيفة كل رسم حركي فيها وحتى أجنب هذه النوتة ما قد يصيبها من جفاف وسأم ناتج عن جفاف المادة العلمية للقافية.. وأسمائها وتخريجاتها حاولت بقدر الإمكان الابتعاد عن مسائل الخلاف والاكتفاء بما أحسبه يفيد القارىء ويغنيه فمعذرة مرة أخرى إن فضلت الإيجاز والاختصار في القافية بما يكفي لتوضيحها وتأثيرها في العمل الشعري.. |
1 ـ علم القافية:
|
((اللازمة في النوتة الموسيقية)) يقولون واضعه هو الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري.. واضع نوتة الشعر المعروفة.. ولنا في ذلك رأي مخالف لأن أسماء القافية جاءت في الشعر الجاهلي قبل الخليل وقد ذكرها الأستاذ الدكتور/ إبراهيم أنيس في كتابه ((موسيقى الشعر)) . |
2 ـ معنى القافية:
|
في بنيتها الأساسية وأدائها الوظيفي جاءت من التقفية وهي الأثر.. ومعناها في السلم النوتي للموسيقى الشعرية ((توافق الحرف الأخير من أبيات القصيدة)).. وفي السلم الموسيقي تسمى ((اللازمة)) أو كما قال عنها الخليل ((هي آخر ساكن في البيت الشعري إلى أقرب ساكن يليه مع المتحرك الذي قبله)). |
3 ـ الإيقاع الحركي للقافية:
|
يتمثل الإيقاع الحركي للقافية في.. الروي.. الوصل.. الخروج.. الرَّدْف.. التأسيس.. والدَّخيل.. وكلٌّ منها إذا جاء في ضرب أول البيت من أبيات القصيدة يلزمها كلها ولا بد أن نشرح بإيجاز هذه الأسماء. |
أ ـ الروي:
|
من الرواء.. يحس فيه السامع بالارتواء.. |
وهو الحرف الأخير الذي تبنى عليه النوتة الموسيقية في القصيدة كلها حتى أن القصيدة تنسب إليه فيقال ((لامية فلان)) .. و ((دالية فلان)).. و ((طائية فلان)).. |
ب ـ الوَصْل:
|
هو عبارة عن حرف ممدود ينشأ عن عملية إشباع لحركة موجودة في آخر الروي المنساب أي المطلق.. مثل حرف الواو المتولد من إشباع حركة الميم في.. يفهم.. يفهمو.. وكل لبيب بالإشارة يفهمُ. |
جـ ـ الخروج:
|
هو حرف لين بعد هاء الوصل مثل الياء المتولدة من إشباع الهاء في.. مراميه.. بدلاً من.. مراميهي.. وكذلك.. مساويه.. بدلاً من مساويهي.. نحو قول الشاعر.. |
لا تحفظنَّ على الندمان زلْتَه |
واقبل له العذرَ واحلم عن.. مساويه |
|
د ـ الرَّدْف:
|
هو حرف لين ساكن يكون واواً أو ياء بعد حركة غير متجانسة له نحو.. |
طحا بك قلبٌ في الحسان طروبُ ((طروبو))
|
بعيد الشباب عصرَ حان مشيبُ ((مشيبو))
|
تكلفني ليلى وقد شط وصلها |
وعادت عوادٍ بيننا وخطوب |
|
فقد جمع الشاعر بن.. الياء في ((مشيب)) والواو في ((خطوب)) في قافية.. واحدة.. وهذا الجمع جائز في الشعر بين الواو والياء. |
هـ ـ التأسيس:
|
يعني وجود ألف هاوية لا يفصلها عن الروي إلا حرف واحد متحرك.. نحو.. طابت أرومتنا فلسنا نجاملْ.. الألف الواقعة بين حرفي الجيم واللام في لفظة ((نجامل)) . |
و ـ الدَّخِيْل:
|
حرف متحرك يفصل بين التأسيس والروّي نحو الهمزة في كلمة ((سائل)) . |
4 ـ البنية الأساسية للإيقاع الحركي في القافية..
|
للقافية ست حركات إيقاعية.. لكل حركة منها اسم يعرف به. |
1 ـ الرَّس: حركة توجد قبل ألف التأسيس كحركة النون مثلاً في لفظة ((منازل)). |
2 ـ الإشباع: حركة مثل كسر حرف الباء في قولنا: رابح صابح. |
3 ـ التوجيه: حركة ما قبل الرويّ المقيَّد.. بمعنى الساكن نحو.. لم أنم.. وهي حركة النون المفتوحة هنا. |
لم يطل ليلي ولكن لم أنم.. وكذلك لم يقُلْ حركة القاف. |
((لم أقل يوماً إليكم لم يَقُلْ)) . |
4 ـ الحَذْو: هو الحركة التي توجد قبل الرَّدْف كحركة الميم في قولنا.. مال.. ماد.. ماع.. |
حركة الرَّوي المطلق أي المنساب ويسمى الروي المتحرك حرف من حروف العلة.. الألف.. الواو.. الياء.. |
حركة هاء الوصل الواقعة عقب الروي مباشرة كحركة الهاء في قولنا ((مسارها)). |
5 ـ أسماء الحركات الإيقاعية في القافية
|
للحركات الإيقاعية في القافية عدة أسماء المشهور منها خمسة أسماء لإيقاعات حركية معروفة وهي: |
1 ـ الإيقاع المُتَكَاوِس: ويعني توالي أربع حركات بين ساكني القافية نحو ((الإله فَجُبَرْ)). |
من قول الشاعر: |
قد جَبر الدينَ الإلهُ فَجُبِرْ |
|
|
ا |
ل |
إ |
ل |
ا |
ه |
ف |
ج |
ب |
ر |
- |
o |
- |
- |
o |
- |
- |
- |
- |
o |
|
2 ـ الإيقاع المتراكب: توالي ثلاث متحركات بين ساكني القافية نحو إلى ألف في قول حمزة شحاته.. |
قف بالطلول وأرسل دمعة الأسف.. |
واطرح همومك من ياء إلى ألِفِ |
|
|
إ |
ل |
ا |
أ |
ل |
ف |
ي |
- |
- |
o |
- |
- |
- |
o |
|
3 ـ الإيقاع المتدَارَك:
|
بتوالي حرفين متحركين بين ساكني القافية.. |
نحو.. قول حمزة شحاته: |
تنهَّد الربيع مِلْءَ صدْرِهِ |
|
|
|
4 ـ الإيقاع المتواتَرْ:
|
وقوع متحرك واحد بين ساكني القافية مثل حرف الدال.. |
في قول المتنبي: |
عيد بأية حال عدتَ يا عيدُ |
أبما مضى أم بأمر فيك تجديد |
|
|
|
5 ـ الإيقاع المترادف:
|
وهو اجتماع ساكنين متتاليين في القافية.. |
مثل قولنا: |
صاد قلبي.. غزالْ |
برواء الدلالْ |
وجميل.. الخصالْ |
|
ولا يكون هذا الاجتماع إلا في القوافي المقيدة فاحترس. |
زيادة: |
وقد يجتمع في قافية واحدة.. التأسيس، الدخيل، الروي، الوصل، والخروج.. نحو: |
والليل مدَّ رواقاً من غياهبه |
على فتى كرمت فيه مضاجعه |
|
فنجد حرف الألف في قوله ((مضاجعه)) هو ((التأسيس)) وحرف الجيم منه هو ما يسمى بـ ((الدخيل)) والعين فيه ((روي)) والهاء منه ((وصل)) والواو البارزة عن إشباع ضمَّة الهاء ((خروج)) .. ((مضاجعهو)). كما يمكن اجتماع.. الردف.. والروي.. والوصل.. والخروج.. في كلمة واحدة.. نحو قول الشاعر: |
سرني طيفها والليل رق ظلامه |
وقد حُطّ عن وجه الصباح لثامُهُ |
|
إذ تعتبر الألف في ((لثامه))
((ردف)) والميم ((روي)) والهاء ((وصل)) والواو الناجمة عن حركة الهاء ((خروج)) وكل ذلك يأتي عفوياً دون اجهاد وقدح تفكير من الشاعر الصيال المبدع وإلا كان ضرباً من غير نبض ولا إحساس. |
|