تَحَايَايَ هذا اليومَ غُزْر حَوافـلُ |
تُرنِّحُها الأشواقُ وهي محامـلُ |
لها في الجِرِشَّا هزمـةٌ مُسْتَديمـةٌ |
تَسِحُّ كماء المزن إذ هو هاطـل |
تُزَفُّ إلى طيبِ الصديقِِ حُصيِّن |
لــه في فُؤادِيَ وُدُّهُ المتـبادلُ |
لقد حَبَّبتْ أخلاقه الصحب حلوة |
إليه ومَنْ مِنْ حَلْيِها هُوَ عَـاطِلُ |
زكيٌ لبيـبٌ ذو حِجىً متـوقدٍ |
أَواخيُّهُ مستحصفـاتٌ جَـلاَئِلُ |
يَراعتُه تَمـتـاحُ من عِدِّ عَقْـلِه |
بِأُسْلُوبِهـا المِرنانِ حين يفـاضلُ |
فَحَقٌ لأهل الشــان أن يتمثلوا |
بشعرٍ قَديمٍ ساجلتـه المحـافِـلُ |
"لك القلمُ الأَعلى الذي بِشَبـاته |
تُصابُ مِنْ الأَمْرِ الكُلىَ والمفاصلُ |
لُعابُ الأفـاعي القاتلاتِ لُعـاَبُه |
وأَرْيُ الجنى اشتارته أَيْدٍ عَواسِلُ" |
وفـازَ به صَحْبُ المدينة ناهضـاً |
بأعبـائها أهلاً لها وهـو آهِـلُ |
يُنَوِّلُنَــا منهـا ثـماراً يوانعـا |
وفيـها لنا أَطْيَـارُهَا والجَداولُ |
هَلُـمَّ أَيَـا صديـانُ نحو نَمِيرها |
إذا أُسْتُـعْذِبَتْ للناسِ يوماً مناهلُ |
ولله درُ الخوجـة اليومَ يصطفي |
صديقاً لنا تَـكْرِيمُهُ لا يُـؤَاجَلُ |
فإن أنت أَكْرَمتَ الأديبَ حُصيناً |
فما أنت فيما قد مَضى قد تُبَاخِلُ |
جَمـيلُكَ فَوَّاحٌ كعُودِكَ عطـرهُ |
وتِكْرَاره كالمِسْكِ عندي حَاصِلُ |
سَلُوا لِحْيَتي كم طَيَّبتـها بِـكَفِّه |
وضمخت العِثْرُونَ منهـا أَنَامِلُ |
فَجـودُ أبي المقصود أصلٌ مؤصلُ |
وأَفْعـالُه ما كَانَ فيها يُجَـامِلُ |