| ذَاتَ يَوْمٍ يُقَالُ: شاعِرُ حُبٍّ |
| للحِمَارِ الجَهُولِ بَاتَ.. يُغَنِّي |
| يَنْفُثُ البَوْحَ فِي اصْطِلاءٍ وسُخْرٍ |
| رَاجِمَ اللَّفْظِ.. لِلزَّمانِ الأَضَنِّ |
| يَا حِمَارِي العَزِيزَ.. قَدْ صِرْتَ أَذكَى |
| مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الأَنَامٍ.. وَمِنِّي |
| جَفَّ صَوْتُ الإِبَاءِ حِينَ تَبَّدى |
| زَمَنٌ فِيهِ لِلحِمَارِ.. تَبَنِّي! |
| فَادْلِجِ اليَوْمَ فِي مَسَارِ رُؤَاهُ.. |
| صَائِلَ الخَطْوِ تَائِهاً.. في تَجَنِّ |
| إِمْلأِ الأَرْضَ بِالنَّهِيقِ إذَا شِئـ |
| ـتَ وإنْ شِئْتَ رَفْسَةَ المُرْجَحِنِّ |
| وارْفَعِ الصَّوْتَ بِالنَّكِيرِ دَوِيًّا.. |
| حَيْثُ بَاتَ النَّهِيقُ أَعْذَبَ لَحْنِ! |
| آفَةُ العَصْرِ أَنْ يَكُونَ الحِمَارُ |
| عِنْدَ سَبْقِ الجِيَادِ أكْثَرَ طَعْنِ |
| وَإذَا اللَّيلُ غَاضَ عَنْهُ سَنَاهُ |
| كَانَ بَدْراً مُشَعْشِعاً كَاللُّجَيْنِ |
| وإذَا الرَّوْضُ غَابَ يَوْماً صِبَاهُ |
| خَيَّمَ الصَّمْتُ في لَجَاجٍ.. وَحُزْنِ |
| هَلْ يَكُونُ الحِمَارُ أَجْدَى بَقاءً |
| مِنْ خَطِيبٍ ـ عَلى وَقَارٍ وَحُسْنِ؟ |
| أَوْ غِنَاءٍ لشَاعِرٍ.. يَتَعَاطَى |
| رِقَّةَ اللَّفْظِ شَادِياَ فِي تَغَنِّ؟ |
| أَوْ مِفَنٍّ.. بِبَارِعِ الرَّسْمِ يُبْدِي |
| لَوْحَةً لِلجَمَالِ.. لَمْساً.. لِفَنِّ |
| أَوْ أَدِيبٍ وَنَاقِدٍ يَتَسَامَى |
| بِفِكْرِهِ الثَّاقِبِ العَظِيمِ الأَغَنِّ |
| أَوْ خَبِيرٍ يُعَلِّمُ النَّاسَ عِلْماً |
| لاكْتِشَافٍ يُنِيرُ دَرْباً لِكَوْنِ |
| أَوْ عَظِيمٍ يُقَارِعُ الخَصْمَ نِداً.. |
| لاَ يُبَالِي مِنَ الظَّلاَمِ الأَجَنِّ |
| أَوْ رَوَاءٍ لِجَدْوَلٍ يَتَمَطَّى |
| بَاسِمَ الثّغْرِ مِن سَحَابَةِ مُزْنِ؟ |
| أَوْ غِنَاءٍ لِكَاعِبٍ تَتَثَنَّى |
| شَفَّهَا الوَجْدُ مِثْلَ غُصْنِ الرُّدَيْنِ؟ |
| أَوْ طَبِيبٍ مُحَنَّكٍ ذِي وَفَاءٍ |
| حِينَ يَأْسُو جِرَاحَ شَيْخٍ مُسِنِّ؟ |
| أَوْ وَلِيدٍ يُضَاحِكُ الرَّوضَ غِرًّا |
| بِابْتِسَامٍ.. وَنَظْرَةٍ.. وَتَمنِّ؟ |
| أو كَسُوبٍ بِكَدِّهِ الرِّزْقَ حِلاًّ |
| لاَ يَرَى العَيْشَ فِي انْتِهَازٍ وَغُبْنِ؟ |
| أَوْ كَمنْ يَحْرُثُ البَوَارَ بُذُوراً |
| يَرْتَجِي نَبْتَها حَصَاداً.. وَيَجْنِي؟ |
| أَوْ رُعَاةٍ يَمْشُونَ فِي الأَرضِ صُبْحاً |
| بِقَطِيعٍ مِن الشِّيَاهِ وَضَأْنِ |
| أَو يَدِ الصَّانِعِ الَّذِي يُتْقِنُ الصُّنْـ |
| عَ وَفَاءً لِجيلهِ.. حِينَ يَبْنِي؟ |
| صِرْتَ يَا أَيُّهَا الحِمَارُ.. جَوَاداً.. |
| تَسْبِقُ المُهْرَ فِي الزَّمَانِ المِجَنِّ |
| جَاءَكَ الحَظُّ غَفْلَةً فَاهْتَبَلْهَا |
| إِنَّ للعُمْرِ فُرْصَةً لاَ تُثَنِّي |
| إنَّمَا أَنْتَ دُمْيَةٌ لاَ تُبَالِي |
| أَيَّ إثْمٍ جَنَيْتَهُ.. أَيَّ شَيْنِ |
| وَمَدارُ الأَيَّامِ يَشْهدُ هُزْءاً |
| أَنْ يَظَلَّ الجَوَادُ خَفْراً بِرُكْنِ |
| مَا غَفَى المُهْرُ حِينَ أَغْضَى ولكِنْ |
| شَدَّهُ العَزْمُ فِي سِبَاقٍ لِظَعْنِ |
| فانْبَرَى شَامِخاً يُغِذُّ خُطَاهُ.. |
| فَوْقَ هَامٍ مِنَ السَّحَابِ وَمَتْنِ |
| عَافَهُ الخَطْبُ أَنْ يَكُونَ وِكَاءً |
| لِوَضِيعٍ مِنَ الصِّفَاتِ أَدَنِّ |
| وَبَدَا الشَّرُّ مِنْ رُؤَاهُ تَلَظَّى |
| يَلْفِظُ الغَيْظَ مِنْ صَلاَءٍ وَغَبْنِ |
| الجَوادُ الكَريمُ يَهْفُو نِزَالاً.. |
| في صَيَالٍ مُحَطِماً.. كُلَّ رَسْنِ |
| تِلْكَ كَانتْ شَريحةً مِن حِوَارٍ |
| دَارَ يَوماً بَينَ الحِمارِ وَبَيْني |
| تَرسُمُ النَّبْضَ فِي أَتونِ أُوارٍ |
| لِتجافي الفُروقِ بَيْنَ الأَدَنِّ |
| تَصْلُحُ اليَومَ أَنْ تَكُونَ ضِيَاءً |
| لِمَسَارٍ مِنْ الحَياةِ.. دُجُنِّ |
| وانْتَهى الأَمْرُ أَنْ يَعيشََ الحِمَارُ |
| فِي حُطَامٍ مِنَ الهَوَانِ وَهَوْنِ |
| والجَوَادُ الكَريمُ يَبْقَى جَوَاداً.. |
| نَابِضَ الحِسِّ فِي إِبَاءٍ.. وَصَوْنِ |
| لاَ يُعِيرُ الحِمَارَ أَيَّ التِفَاتٍ |
| عِنْدَ قَلْبِ الزَّمَانِ ظَهْرَ المِجَنِّ |
| كُلُّ مَا فِيهِ مَسْلَكٌ يَتَسَامَى |
| عَنْ فُتَاتٍ مِن الشُّكُوكِ وَمَيْنِ |