شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحِمَارُ والشَّاعِرُ!
ذَاتَ يَوْمٍ يُقَالُ: شاعِرُ حُبٍّ
للحِمَارِ الجَهُولِ بَاتَ.. يُغَنِّي
يَنْفُثُ البَوْحَ فِي اصْطِلاءٍ وسُخْرٍ
رَاجِمَ اللَّفْظِ.. لِلزَّمانِ الأَضَنِّ
يَا حِمَارِي العَزِيزَ.. قَدْ صِرْتَ أَذكَى
مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الأَنَامٍ.. وَمِنِّي
جَفَّ صَوْتُ الإِبَاءِ حِينَ تَبَّدى
زَمَنٌ فِيهِ لِلحِمَارِ.. تَبَنِّي!
فَادْلِجِ اليَوْمَ فِي مَسَارِ رُؤَاهُ..
صَائِلَ الخَطْوِ تَائِهاً.. في تَجَنِّ
إِمْلأِ الأَرْضَ بِالنَّهِيقِ إذَا شِئـ
ـتَ وإنْ شِئْتَ رَفْسَةَ المُرْجَحِنِّ
وارْفَعِ الصَّوْتَ بِالنَّكِيرِ دَوِيًّا..
حَيْثُ بَاتَ النَّهِيقُ أَعْذَبَ لَحْنِ!
آفَةُ العَصْرِ أَنْ يَكُونَ الحِمَارُ
عِنْدَ سَبْقِ الجِيَادِ أكْثَرَ طَعْنِ
وَإذَا اللَّيلُ غَاضَ عَنْهُ سَنَاهُ
كَانَ بَدْراً مُشَعْشِعاً كَاللُّجَيْنِ
وإذَا الرَّوْضُ غَابَ يَوْماً صِبَاهُ
خَيَّمَ الصَّمْتُ في لَجَاجٍ.. وَحُزْنِ
هَلْ يَكُونُ الحِمَارُ أَجْدَى بَقاءً
مِنْ خَطِيبٍ ـ عَلى وَقَارٍ وَحُسْنِ؟
أَوْ غِنَاءٍ لشَاعِرٍ.. يَتَعَاطَى
رِقَّةَ اللَّفْظِ شَادِياَ فِي تَغَنِّ؟
أَوْ مِفَنٍّ.. بِبَارِعِ الرَّسْمِ يُبْدِي
لَوْحَةً لِلجَمَالِ.. لَمْساً.. لِفَنِّ
أَوْ أَدِيبٍ وَنَاقِدٍ يَتَسَامَى
بِفِكْرِهِ الثَّاقِبِ العَظِيمِ الأَغَنِّ
أَوْ خَبِيرٍ يُعَلِّمُ النَّاسَ عِلْماً
لاكْتِشَافٍ يُنِيرُ دَرْباً لِكَوْنِ
أَوْ عَظِيمٍ يُقَارِعُ الخَصْمَ نِداً..
لاَ يُبَالِي مِنَ الظَّلاَمِ الأَجَنِّ
أَوْ رَوَاءٍ لِجَدْوَلٍ يَتَمَطَّى
بَاسِمَ الثّغْرِ مِن سَحَابَةِ مُزْنِ؟
أَوْ غِنَاءٍ لِكَاعِبٍ تَتَثَنَّى
شَفَّهَا الوَجْدُ مِثْلَ غُصْنِ الرُّدَيْنِ؟
أَوْ طَبِيبٍ مُحَنَّكٍ ذِي وَفَاءٍ
حِينَ يَأْسُو جِرَاحَ شَيْخٍ مُسِنِّ؟
أَوْ وَلِيدٍ يُضَاحِكُ الرَّوضَ غِرًّا
بِابْتِسَامٍ.. وَنَظْرَةٍ.. وَتَمنِّ؟
أو كَسُوبٍ بِكَدِّهِ الرِّزْقَ حِلاًّ
لاَ يَرَى العَيْشَ فِي انْتِهَازٍ وَغُبْنِ؟
أَوْ كَمنْ يَحْرُثُ البَوَارَ بُذُوراً
يَرْتَجِي نَبْتَها حَصَاداً.. وَيَجْنِي؟
أَوْ رُعَاةٍ يَمْشُونَ فِي الأَرضِ صُبْحاً
بِقَطِيعٍ مِن الشِّيَاهِ وَضَأْنِ
أَو يَدِ الصَّانِعِ الَّذِي يُتْقِنُ الصُّنْـ
عَ وَفَاءً لِجيلهِ.. حِينَ يَبْنِي؟
صِرْتَ يَا أَيُّهَا الحِمَارُ.. جَوَاداً..
تَسْبِقُ المُهْرَ فِي الزَّمَانِ المِجَنِّ
جَاءَكَ الحَظُّ غَفْلَةً فَاهْتَبَلْهَا
إِنَّ للعُمْرِ فُرْصَةً لاَ تُثَنِّي
إنَّمَا أَنْتَ دُمْيَةٌ لاَ تُبَالِي
أَيَّ إثْمٍ جَنَيْتَهُ.. أَيَّ شَيْنِ
وَمَدارُ الأَيَّامِ يَشْهدُ هُزْءاً
أَنْ يَظَلَّ الجَوَادُ خَفْراً بِرُكْنِ
مَا غَفَى المُهْرُ حِينَ أَغْضَى ولكِنْ
شَدَّهُ العَزْمُ فِي سِبَاقٍ لِظَعْنِ
فانْبَرَى شَامِخاً يُغِذُّ خُطَاهُ..
فَوْقَ هَامٍ مِنَ السَّحَابِ وَمَتْنِ
عَافَهُ الخَطْبُ أَنْ يَكُونَ وِكَاءً
لِوَضِيعٍ مِنَ الصِّفَاتِ أَدَنِّ
وَبَدَا الشَّرُّ مِنْ رُؤَاهُ تَلَظَّى
يَلْفِظُ الغَيْظَ مِنْ صَلاَءٍ وَغَبْنِ
الجَوادُ الكَريمُ يَهْفُو نِزَالاً..
في صَيَالٍ مُحَطِماً.. كُلَّ رَسْنِ
تِلْكَ كَانتْ شَريحةً مِن حِوَارٍ
دَارَ يَوماً بَينَ الحِمارِ وَبَيْني
تَرسُمُ النَّبْضَ فِي أَتونِ أُوارٍ
لِتجافي الفُروقِ بَيْنَ الأَدَنِّ
تَصْلُحُ اليَومَ أَنْ تَكُونَ ضِيَاءً
لِمَسَارٍ مِنْ الحَياةِ.. دُجُنِّ
وانْتَهى الأَمْرُ أَنْ يَعيشََ الحِمَارُ
فِي حُطَامٍ مِنَ الهَوَانِ وَهَوْنِ
والجَوَادُ الكَريمُ يَبْقَى جَوَاداً..
نَابِضَ الحِسِّ فِي إِبَاءٍ.. وَصَوْنِ
لاَ يُعِيرُ الحِمَارَ أَيَّ التِفَاتٍ
عِنْدَ قَلْبِ الزَّمَانِ ظَهْرَ المِجَنِّ
كُلُّ مَا فِيهِ مَسْلَكٌ يَتَسَامَى
عَنْ فُتَاتٍ مِن الشُّكُوكِ وَمَيْنِ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :669  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 94 من 105
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج