كَمْ تَأَلَّمْتُ حِينَ عَزَّ اقْتِرَابِي! |
يَا مُمَارِي بِشِقْوَتِي وَعَذَابِي |
أَنْتَ أَدْرَى بِمَا أُعَانِي مَلاَلاً |
مِنْ بَلاءٍ وَوَحْدةٍ.. وَاغْتِرَابِ |
فَعَلى الحُلْمِ كَمْ رَعَيْتُكَ طَيْفاً |
رَاقِصَ الخَطْوِ في فُتُونِ الشَّبَابِ |
أَنتَ مَاذَا لَوْلاَ هَوَاْيَ وَخَفْقِي |
غَيْرُ طَلٍّ بِسَبْسَبٍ أَوْ سَرَابِ |
هَلْ تَمنَّيْتَ أَنْ أكُونَ المُعَنَّى |
أَنْفُثُ البَوْحَ بِالشُّعُورِ المُذَابِ |
فَابْتِعَادُ الأَليفِ نَزْعٌ وَوَجْدٌ |
واصْطِلاءٌ لِمُهْجَةٍ كَالشِّهَابِ |
فَلَدى اللَّيْلِ كَمْ رَسَمْتُ خَيالاً |
فِي شُرُوخٍ كَئِيبَةٍ.. وَيَبَابِ |
وعَلَى النَّجْمِ كَمْ نَقَشْتُ طُيُوفاً |
لِلِقَاءٍ رَجَوْتُهُ.. وَطِلاَبِ |
أَحْضُنُ المَوْجَ كَيْ أُغَنِّي صِبَاهُ |
هَمَسَاتٍ لِمَوْجِهِ.. الصَّخَابِ |
فَأرى البَحْرَ ثَائِراً يَتَلَظَّى |
يَسْكُبُ البَّوَحَ عَبْرَ شَطِّ الضَّبَابِ |
والعَصَافِيرُ في جِنَانٍ حَيَارَى |
تُرسِلُ اللَّحْنَ شَادِياً كَالرَّبابِ |
والرِّيَاحُ الغِضَابُ تَصْفِرُ لَيْلاً |
تَنْشُرُ الخَوْفَ فِي أَدِيمِ الهِضَابِ |
يَا سَمِيرِي وَنَجْوَتِي.. وَرَجَائِي |
لَكَ خَفْقِي وَلَوْعَتِي.. وَاضْطِرابِي |
فَامْلأِ الكَأسَ.. مِنْ رَحِيقِ شِفَاهٍ |
شَفَّهَا الحُسْنُ مِنْ نَدِيِّ الرُّضَابِ |
وابْعَثِ الطَّيْفَ.. كَيْ يُسَامِرَ صَبًّا.. |
غَالَبَ الوَجْدَ فِي نُزوعِ الشَّبَابِ |
فاحْتِمَالُ الشُّجُونِ أَمْسَى مُحَالاً.. |
لِفُؤَادٍ مُجَلَّلٍ.. بِاكْتِئَابِ |
نِسْمَةُ الرَّوْضِ كَمْ أَفَاضَتْ بِحُبٍّ |
سَرْمَدِيٍّ.. بِظِلِّهَا الخَلاَّبِ! |
ومِيَاهُ الغَدِيرِ تَضْحَكُ جَذْلىَ |
حِينَ تَنْثُوُ رَذَاذَهَا.. لِلكِعَابِ! |
وَرُؤى البَدْرِ في صَفَاءِ مِيَاهٍ |
كَاعِبُ الحُسْنِ في رَقيقِ الثِّيَابِ |
ذَاكَ خَفْقِي أَفَضْتُهُ فِي جَلاَءٍ |
عَبْرَ حُلْمٍ.. عَلى شَفِيفِ الإِهَابِ |
فَالأَمِ.. الجُرْحَ مِنْ نَزِيفٍ صَلاَهُ |
رُبَّ جُرْحٍ مَآلُهُ.. لِلْعَطَابِ |
وابْعَثِ الطَّيفَ حَالِماً.. يَتَجَلَّى |
فَوْقَ هَامٍ عَلى رُكَامِ السَّحَابِ |
فَعَلى البُعْدِ كَمْ رَسَمْتُ خَيَالاً |
أَتَملَّى بِظِلِّهِ.. فِي الغِيَابِ |
سَائِلي النَّجْمَ.. إنْ غَفَوْتِ مَسَاءً |
كَمْ أُنَاجِيهِ.. بِالرُّؤى وَالرَّغَابِ |
واَسْأَلِي اللَّيْلَ عَنْ هُيَامِ أَلِيفٍ |
لِنُدوبٍ.. بِمُقْلَةٍ.. وَنِشَابِ |
هُوَ أَحْرى بأَنْ يُشِيعَ.. هَوَاهُ.. |
فَجَوابُ المَسَاءِ.. أَحْرَى جَوابِ |
ضِقْتُ ذَرْعاً بِمَا أُعَانِي.. فَهَلاَّ! |
تَرْسُمُ الخَطْوَ في طَرِيقِ الإِيَابِ؟ |
فَاقْصِرِ الطَّرْفَ إنْ أفَضْتِ وِجَاءً |
رُبَّ طَرْفٍ قِتَالُهُ فِي الحِجَابِ! |
أَنْتِ بَدْري إذَا الظَّلاَمُ تَمَطَّى |
فَوْقَ رَاحٍ عَلى مُتُونِ السَّحَابِ |
رُبَّ لَحْظٍ يَرْتَدُّ مِنْكِ حَيَاءً.. |
فَيُعيدُ الِلقَاءَ.. بَعْدَ الغِيَابِ |
وتَعُودُ الأُمُورُ.. وَفْقَ هَوَانَا.. |
فِي رَوَاءٍ.. وَبَسْمَةٍ.. وَعِتَابِ |