شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هِيَ الدُّنْيَا؟!
هِيَ الدُّنْيَا تَقُولُ لِكُلِّ حَيٍّ
سَلِ الأَيَّامَ عَنْ مَكْري وَبَطْشِي
فَإِنَّكَ لَوْ غَفَلْتَ اليَوْمَ عَنِّي
سَتَلْقَى في مَسَارِكَ سَوْءَ طَيْشي
أَجُرُّ مِنَ المَصَائِبِ مَا أَرَاهُ
يُعَكِّرُ صَفْوَكُمْ قَهْراً وَأَمْشِي
وَحَسْبي لَمْ أَدُمْ يَوْماً لِحَالٍ
كَشَأْنِ الآلِ.. يُغْري حَرَّ عَطْشِ
فَحَاوِلْ أَنْ تَصِيْخَ لِصَوْتِ عَقْلٍ
وَأَلاَّ تَطْمَئِنَّ.. لِرَغْدِ.. عَيْشِي
فَقَبْلُكَ مَنْ أَفَاءَ بِظلِّ نُعْمَى
وَأَخْلَدَ لِلنَّعيمِ ـ خُلُودَ ـ هَشِّ
أَيَحْسَبُ أَنَّهُ خَلِدٌ بِظِلِّي؟!
وَأَنَّي لا أُوَاريهِ.. بِنَهْشي؟
مَصِيرُ الحَيِّ ـ مَوْتٌ لا مُحَالٌ
وَحَمْلٌ فَوْقَ أَكْتَافٍ.. وَنَعْشِ
فَلاَ أَهْلٌ وَلاَ مَالٌ يُرَجَّى
لِفَكِّ أَسَارِهِ مِنْ هَوْلِ وَحْشِ
سِوَى عَمَلٍ حَمِيدٍ جَاءَ يَسْعَى
ضِيَاءاً حَالِمَ النَّجْوَى.. بِهَشِّ
ليسأَلَ عَنْ مَسَارِ العُمْرِ طُرَّاً
وَفِيمَ قَضَاهُ! قُرْبَى.. أَمْ بِفُحْشِ؟
فَطَهِّرْ أَصْغَريْكَ بِكُلِّ حُبٍّ
وَقَوْلٍ نَافعٍ ـ لِلْخَيرِ.. مُنْشي
فَإِنَّكَ مُدْرِكٌ عَمَلاً تَرَاهُ
قَبِيْحاً أمْ حَمِيداً سَوْفَ يُفْشي
وَيُعْلِنُ مَا عَمِلْتَ عَن اسْتِتَارٍ
وَيَفْضَحُ مَا جَنَيْتَ هَوَىً بِغِشِّ
فَطُوبَى للذي عَقَلَتْ يَدَاهُ
زِمَامَ النَّفْسِ في كَبْحٍ.. وَكَشِّ
وَأَسْلَمَ أَمْرهُ لِلَّهِ نَجْوَى
يَجِلُ عَنِ الصَّغَارِ بِرَبْطِ جَأْشِ
وَيَقْمَعُ غَيَّهَا قَمْعَاً وَيَرْعَى
حَقُوقَ اللَّهِ فِيمَا بَاتَ يُنْشِي
سَلُوا الأَيَّامَ تَحكْي عَنْ عِظَاتٍ
تَكُونُ إِلى النُّفُوسِ صَفَاءَ عَيْشِ
وَنَاجُوا الأَرْضَ كَمْ عَجَّتْ بِقَوْمٍ؟
تَنَاهَوا في التُّرابِ بِدُونِ حَرْشِ (1)
فَغَابُوا عَنْ حَيَاةٍ لَمْ يَرَوْهَا
سِوَى اللَّذَّاتِ في عَشْوٍ وَطَرْشِ
فَكَانَ مَسَارُهُمْ غَيَّاً ـ وَلَهْوَا
لِمَا قَدْ فَرَّطُوا ـ سَرَفاً ـ كَعُمْشِ
سَلُوا الأَيَّامَ كَمْ دَالَتْ عَلَيْهِمْ؟
وَدَارَتْ كَالرَّحَى هَرْساً لِقَشِّ
فَأَمْسوْا في غِيَابٍ مُدْلَهِمٍّ
وَصَوْتُ الحَقِّ يَتْبَعُهُمْ.. بِكَمْشِ
هِيَ الأَيَّامُ تُصْلِي مَنْ تَبَاهَى
وَتَأْرِزُ كُلَّ مُخْتَالٍ.. بِقِرْشِ!!
تُنَهْنِهُ عَزْمَهُ شَيْئاً فَشَيئاً
فَيُمْسي في الحَيَاةِ.. رُفَاتَ نَقْشِ
هِيَ الأيَّامُ تَسْحَقُ مَنْ يُمَاري
وَتُنْهِكُ كُلَّ صَيَّالٍ.. بِرَمْشِ!
تُصَفِّدُ حُلْمَهُ وَتُرِيهِ زَيْفاً
يُنَاطُ بِقَلْبِهِ عَاراً وَيُغْشي
فَتِلْكَ طَبِيعَةُ الأَيَّامِ دَوْماً
تَحُشُّ جُذُورَنَا مِثْلَ المَحَشِّ!
وَتُنْبِتُ في رِحَابِ النَّفْسِ غَمًّاً
عَتِيْماً في رُؤَاهُ.. عَتَامَ غَبْشِ
فَيَنْجُو مَنْ لَهُ قَلْبٌ.. ذَكيٌّ
وَيَهْوِي دُونَهَا غِرٌّ.. بِهَمْشِ
تَعَالَتْ بَسْمَةُ الإِيمَانِ نُورَاً
بِقَلْبٍ مُخْلِصِ الشَّكْوَى أَجَشِّ
وَأَفْضَتْ وَصْمَةُ النَكُّرْانِ خِسَّاً
بِوَجْهٍ كَالِحٍ مِنْ نَدْبِ خَدْشِ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :603  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 74 من 105
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.