شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كلمة الدكتور عبد الله مناع
ثم تحدث الأديب الدكتور عبد الله مناع فقال:
- السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
- أساتذتي، إخواني وزملائي.. في سباق الكلمات الجميلة التي تفضل بها كل من الأستاذ عبد المقصود خوجه، وأستاذنا الكبير محمد حسين زيدان، وأستاذنا الكبير عزيز ضياء، وشاعرنا الأستاذ مصطفى زقزوق، والأستاذ عبد الله بغدادي.. أجدني أتواضع كثيراً وأتراجع عن الدخول في السباق وفي حلبة الكلمات العظيمة التي تفضلوا بها، ولكنني آخذ هذا الجمع إلى شيء من الماضي، في محاولة للإِجابة على السؤال الذي طرحه الأستاذ عزيز ضياء، وأيضاً الأستاذ عبد المقصود خوجه. السؤال: كيف استطاع المهندس محمد سعيد فارسي أن يصنع جدة على هذا النحو الذي نراه؟ في الإِجابة على هذا السؤال لا بد للعودة إلى الماضي.
- أذكر أننا تزاملنا في جامعة الإِسكندرية، وكما يفعل الطلبة عادةً فقد اتفقنا، الدكتور فايز بدر والأستاذ محمد سعيد خوجة وأنا على أن نصدر صحيفة تعلق في الحائط الخاص بنادي الطلبة في الإِسكندرية، وقد اتفقنا على اسم هذه الصحيفة وسميناها "الحقيقة"، ولكنا توقفنا طويلاً في صناعة ترويسة هذه الصحيفة، تُرى مَن يقوم بهذه الترويسة ويرسم الشكل الذي ستظهر به؟ وقال لنا أحدهم فلنطلب من الأخ محمد سعيد فارسي أن يقدم لنا هذه الترويسة. وفعلاً قدم ترويسة جميلة ما زلت أذكرها حتى الآن، طريق متعرج في وادٍ من الأودية وينتهي إلى فضاء، يضيق يضيق ثم ينتهي إلى فضاء، كأنه يقول: إن الحقيقة مشوار طويل في البحث عنها وفي محاولة الوصول إليها.. هذه واحدة.
- الثانية: اجتمعنا بمعالي المهندس محمد سعيد فارسي بعد تعيينه أميناً لمدينة جدة في منزل الأستاذ وهيب بن زقر، وقد كان المهندس الأستاذ محمد سعيد فارسي يستجلي آراء الحاضرين - وكانوا من النخبة - في معرفة ماذا يمكن عمله في جدة. تحدث الحاضرون كثيراً عن أفكارهم وعن أحلامهم في جدة، وكيف يمكن أن تكون وكيف يجب أن تكون وكنت من بين المتحدثين وأدليت بدلوي، وأظنني قلت: إن علينا أن نتجه إلى جدة القديمة بالتهذيب بالتشذيب ثم ننطلق إلى خارجها فيما بعد.. ولكن فاجأنا المهندس محمد سعيد فارسي حيث بدأ يعمل خارج جدة وأجل داخل جدة إلى حين. بعد سنوات عاد إلى جدة القديمة، وبعد سنوات كانت جدة القديمة وجدة الجديدة تمثلهما هاتان اللوحتان الرائعتان لجدة.
- النقطة الثالثة: أن المهندس محمد سعيد فارسي اختلف كثيراً عمن سبقوه، وربما يختلف كثيراً عمن سيأتون بعده.. نقطة الاختلاف الرئيسة تنحصر في أن محمد سعيد فارسي نقل العام إلى الخاص، وعمل في جدة كأنه يعمل في مشروع خاص به وبأسرته فقط.. ولذلك أعطاها من جهده ومن عرقه ومن بذله ومن فكره ومن روحه الشيء الكثير والكثير.. أتردد كثيراً على منزل الأستاذ محمد سعيد فارسي ويتردد على منزلي، أحياناً ودائماً وأبداً جدة أمامه، في الليل أمامه، وفي النهار أمامه، وفي "لندن" أمامه، وفي "كان" أمامه، وفي "باريس" أمامه، فهي دائماً أمامه.
- هذه النقلة من العام إلى الخاص هي السر الحقيقي للنجاح الذي حققه المهندس محمد سعيد فارسي، فإلى جانب الفنان الذي رأيناه وهو يرسم ترويسة صحيفة للحائط، إلى جانب المخطط الذي يؤجل ويؤخر، وإلى جانب الذي ينقل العام إلى الخاص.. لكل هذه الجوانب قدم لنا محمد سعيد فارسي هذه اللوحة الجميلة التي اسمها جدة.
- كثيراً ما حدثني عن أحلامه وكنت أعارضه وكنت أقول: إنها أحلام لن تتحقق. مثال ذلك، قال لي ذات يوم: إنه بصدد أن يفتح شارعاً - ولم يكن قد سمَّي بعد، ذلك هو شارع ولي العهد - وأنه سيخترق جدة من شرقها إلى غربها، وحدد لي مساحته، فتوجست خيفة من عدم تحقيق هذا الشارع، لأنه يمر بعشرات من العمائر وعشرات من الفلل والبيوت في قلب المدينة وفي الجزء الخاص بمنطقة الشرفية، وهي من أجمل وأحلى وأهم مناطق جدة، ولكن بعد حين تحقق الحلم. وقال لي مرةً إنه سيصنع جسراً فوق الجسر الذي يوصل الكورنيش بمنطقة البنك الأهلي التجاري، وأن هذا الجسر سوف يمر فوق الكورنيش، وسينقل العابرين من منطقة إلى منطقة. فقلت له: إذا حدث هذا فأنت تقدم معزوفة كمعزوفة أنت عمري، وحدث وعزف أبو هاني أنت عمري، وكانت شيئاً جميلاً.
 
- حقيقة.. الذكريات طويلة ولست في مقام الامتداح للصديق العزيز الحميم أبي هاني، فهو صديق وهو عزيز وهو مني وأنا منه، ولكن أبى عبد المقصود خوجه إلاَّ أن أشارك بهذه الكلمة، فمعذرة إن لم تكن على المستوى، خاصةً وأن من سبقوني كان لهم دائماً فضل الريادة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :720  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 8 من 61
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.