أُكْفُفْ عَنِ اللَّوْمِ وَانْشُدْ ضَافِيَ السَّبَبِ |
قَدْ فَاضَ حُبِّي لِخَيْرِ الخَلْقِ في النَّسَبِ |
أَفْدي ثَرَاهُ بِرُوحِي وَهْيَ مُؤْمِنَةٌ |
جَلَّتْ عَنِ اللَّغْوِ والإِسْفَافِ والكَذِبِ |
أَفْدِيهِ بِالنَّفْسِ ما حَنَّتْ مُطَوَّقَةٌ |
وَسَبَّحَ الطَّيْرُ في جَوٍّ لَهُ.. رَحِبِ |
بَلَغْتَ يا سَيِّدي المَعْصومَ مَنْزِلَةً |
لَمْ يَدْنُ منها أُولو عَزْمٍ من النُّجُبِ |
رَعَتْكَ أُمُّكَ في الأَحْشَاءِ مُنْبَثِقاً |
شَلاَّلَ ضَوْءٍ مُنِيراً حَالِكَ الدُّرُبِ |
وَكُنْتَ خِفَّاً بِحَمْلٍ لا يُشَابِهُهُ |
حَمْلُ النّسَاءِ وما يَشْكُونَ مِنْ تَعَبِ |
فَجَاءَ مَوْلِدُكَ المَيْمُونُ تَبْشِرَةً |
تَزهُو بِهَا الأَرْضُ في تِيْهٍ مَدَى الحِقَبِ |
مُذْ عَمَّتِ الكوْنَ بالأَنْوارِ سَاطِعَةً |
فَانْسَلَّ خِزْياً ضَبَابُ الشَّكِ والرِّيَبِ |
رَأَتْ حَلِيمَةُ مِنْ أَسْرَارِهِ نَمَطاً |
يُوحي إلى النَّفْسِ بالتَّأْميلِ.. والعَجَبِ |
كَمْ أَرْضَعَتْكَ لَبَانَ العَطْفِ حَانِيَةً |
فَكُنْتَ أَقْرَبَ مِنْ نَجْلٍ لَهَا.. وَأَبِ |
حَلَلْتَ خَيْراً عَلَى أَرْضٍ لَهَا هَرِمَتْ |
فَأَقْبلَ السَّعْدُ بالإِرْوَاءِ وَالسُّحُبِ |
اخْضَرَّتِ الأَرْضُ بَعْدَ الجَدْبِ نَاشِطَةً |
إِذْ عَمَّهَا اليُسْرُ بالأَزْهَارِ والعُشُبِ |
أَوْحى لَكَ ((اللَّه)) أَنْ ((إِقَرأْ)) مُفْسِّرَةً |
لَقَدْ سَمَوْتَ إلى العَلْيَاءِ.. فَارْتَقِبِ |
فَرُحْتَ تَدْعُو إلى الإِيمَانِ في سِمَةٍ |
تَنْبُو عَنِ الغِلْظِ والأَحْقَادِ والشَّغَبِ |
شَهْمٌ.. كرِيمٌ.. إلى الأَخْلاَقِ دَعْوَتُهُ |
يَسْتَلْهِمُ القَلْبَ بالإِصْغَاءِ والأَدَبِ |
كَمْ قَاوَمَ الشِّرْكَ بالتَّوحْيدِ في دَعَةٍ |
يَدْعُو الأَنَامَ لِتَرْكِ الجَهْلِ وَالنُّصُبِ |
أَسْرَى بِكَ اللَّهُ ليْلاً والدُّجَى أَلَقٌ |
فَبِتَّ تَعْرُجُ لِلأَسْنَى مِنَ الرُّتَبِ |
بُعِثْتَ يا سَيِّدي ((المَعْصومَ)) مَرْحَمَةً |
حِينَ ادْلهمَّ مَسَارُ الخَيْرِ بالوَصَبِ |
فَجِئْتَ تَدْعُو إلى الأَخْلاَقِ صَافِيَةً |
تحكي الضِّياءَ كما شَمْسٌ بِلا.. وَجَبِ |
وكنتَ أُسْوَتَنَا الغَرَّاءَ نَنْهَلُهَا |
مِنْ فيْضِ مَسْرَاكَ في بَدْءٍ وفي عَقِبِ |
أَوْحَى لَكَ الرَّبُّ ما أَوْحَاهُ مُعْجِزَةً |
إذْ كُنْتَ أدنى من القَوْسَينِ في القُرُبِ |
مَعَاذَ ربِّكَ ما تَجْفوكَ أَفْئِدَةٌ |
إلاّ وَبَاءَتْ بِعَشْوٍ في الرُّؤَى عَطِبِ |
تجَمَّعَ القَوْمُ ليْلاً قُرْبَ مَنْزِلِهِ |
رَهْطٌ مِنَ الكُفْرِ في ثَأْرٍ وفي صَخَبِ |
هُمْ يَنْظُرونَ رَسُولَ اللَّهِ فِي حَرَدٍ |
مُسْتَنْفِرينَ شَبابَ الغَدْرِ مِنْ وَشَبِ |
خَرَجْتَ تَحثْو على الهَامَاتِ تُرْبَتَها |
مِنَ الرَّغَامِ فما قَامَتْ مِنَ الرَّهَبِ |
مَضَيْتَ تُدْلِجُ والصِّدِّيقُ في ثِقَةٍ |
لِغَارِ ((ثَوْرٍ)) إلى مَنْأَى عَنِ الطَّلَبِ |
أَوْحَى الإِلهِ بِأَنْ تَبْني ((عُنَيْكِبَةٌ))
|
بَيْتاً من الوَهْنِ يُقْصي حَادِيَ العَرَبِ |
هَذَا ((سُرَاقَةُ)) قَدْ بَشَّرْتَهُ سَلَفَاً |
لِبْسَ السِّوَارَيْن مِن ((كِسْرَى)) فَلَمْ تَخِبِ |
ويومَ ((بَدْرٍ)) دَعَوْتَ اللَّهَ مُرْتَجِياً |
نَصْراً إلى الدِّينِ لا لِلْجَاهِ والحَسَبِ |
فأيَّدَتْكَ جُنُودٌ مِن ملائِكَةٍ |
تَرْمي بِقَوْسِكَ ((سِجِّيلاً)) مِنَ اللَّهَبِ |
تَمْشي السَّحَابَةُ ظِلاًّ فَوْقَ هَامَتِهِ |
كَيْمَا تُظِلَّ حَبيبَ اللَّهِ.. عَنْ كَثَبِ |
روحي الفِدَاءُ ((لِقَبْرٍ)) قَدْ نَثَا أَرَجاً |
يُشْجي الفُؤَادَ بِنَفْحٍ عَاطِرٍ رَطِبِ |
أَنْتَ الحَبِيْبُ إليْنَا ((سَيِّدُ)) الشُّرَفَا |
رُغْمَ الأُنُوفِ وَرُغْمَ الجَاهِ والنَّشَبِ |
قَدْ خَصَّكَ اللَّهُ بِالإِعْجَازِ فَانْفَجَرتْ |
بَيْنَ الأَصَابِعِ عَيْنٌ عَذْبَةُ الشُّرَبِ |
سَقَيْتَ صَحْبَكَ والأنْظَارُ شَاخِصَةٌ |
تُوحي بِأَنَّكَ ذُو الإِفْرَاجِ في النُّوَبِ |
وقِصَّةُ ((الشَّاةِ)) تَحْكي صِدْقَ مُعْجِزَةٍ |
إذْ دَرَّ ضِرْعٌ مِنَ العَجْفَاءِ بالحَلَبِ |
شَكَا إِلَيْكَ ((بَعِيرُ)) الصَّحْبِ سَيِّدَهُ |
لِمَا يُعانِيْهِ مِنْ جُوعٍ ومِنْ سَغَبِ |
ودُونَ جَنْبِكَ حَنَّ ((الجِذْعُ)) مُشْتَكِياً |
تِلْكُمْ لَعَمْرِي آيَاتٌ.. لِمُرْتَئِبِ |
وبَعْدَ طَهْيٍ ذِرَاعُ الشَّاةِ تُخْبِرُهُ |
إِنِّي سُمِمْتُ فكُفِّ الأَكْلَ وَاجْتَنِبِ |
وريقُكَ الطَّاهِرُ المَعْسُولُ بَلْسَمَةٌ |
تَشْفي الجِرَاحَ وتُصْفي حَالَ مُكْتَئِبِ |
لا يكْمُلُ المرْءُ إِيمَاناً وَتَزْكِيَةً |
حَتَّى تَكُونَ بِنَيْطِ القَلْبِ كَالوَجَبِ |
ما قُلْتُ شِعْري ((أَبَا الزَّهْرَاءِ)) مُمْتَدِحاً |
لَكنَّما القَلْبُ قَدْ أَفْضَى بِمُنْسَكِبِ! |
يَهْدي السَّلامَ بِنَبْضٍ حَالِمٍ ظَمِىءٍ |
ثَرِّ الأَحَاسيسِ بالإِيمَانِ مُصْطَحِبِ |
أَزْكَى الصَّلاةِ عَلى ((طَهَ)) مُشَفِّعِنا |
يَوْمَ الحِسَابِ بِإِذنِ اللَّهِ في الكُرَبِ |
ثُمَّ الصِّحَابِ وآلِ البَيْتِ كُلِّهِمُوا |
مَا غرَّدَ الطَّيْرُ في شَدْوٍ وفي طَرَبِ |
واغْفِرْ إلهي ذُنُوبي إنَّني خَجِلٌ |
مِمَّا أُدَاريهِ يَا رَبَّاهُ.. وَاسْتَجِبِ |
أَتَيْتُ بَابَكَ يا مَوْلاَيَ أَطْرُقُهُ |
وبَابُ عَفْوِكَ مَفْتُوحٌ بِلا حُجُبِ |
فَما سِوَاكَ إِلَهَ العَرْشِ أَنْشُدُهُ |
لِمَا أُلاقيهِ مِنْ سَوْءاتِ مُنْقَلَبِ |
فَكُنْ وِجَائي لِضُرٍّ بَاتَ يَنْهَشُني |
واسْتُرْ عُيُوبي فِإِنَّ الرِّيحَ تَعْصِفُ بي |
أَلْقَتْ شِرَاعي بِجَوْفِ اليَمِّ مُنْحَطِماً |
يَطْفُو عَلَى المَوْجِ أَشْلاءاً من الخَشَبِ |
وشَطُّ جُودِكِ لِلْمُحْتَاجِ مَأْمَنَةٌ |
حَيْثُ النَّجَاةُ مِنَ الأَهْوَاءِ والنَّصَبِ |
بَلِّغْ مُنَاجِيكَ يَا رَبَّاهُ مَأْمَلَهُ |
فَقَدْ أَتَاكَ.. بِخَفْقٍ جِدِّ مُضْطَرِبِ |
يَرْجُو المَتُوبَةَ والغُفْرَانَ عَنْ زَلَلٍ |
فَأَنْتَ أَكْرَمُ مَنْ يُرْجَى لِمَكْتَرِبِ |
قَدْ جَاءَ يَحْبو إلى أَعْتَابِكُمْ شَغِفاً |
كي تَغْسِلوهُ بمَاءِ الطُّهْرِ.. في حَدَبِ |
حتى تُقيلوهُ مِنْ إِفْراطِ عَثْرتِهِ |
فَمَا تَجَاهَرَ بالعِصْيَانِ.. والثَّلَبِ |
استَنْشَقَ العَفْو مِنْ مَوْلاَهُ زَنْبَقَةً |
تَفُوحُ بالعِطْرِ بالأنْسَامِ بِالطِّيبِ |
فَلَيْسَ غَيرَكَ يا ربَّاهُ آمُلُهُ |
لِفَكِ أَسْرِيَ من أَوْزَارِ مُرْتَكَبِي |
فوَّضْتُ أمري إلى رَبٍّ لَهُ مِنَنٌ |
عَلى الخَلائِقِ يُزْجِيهَا بِلا طَلَبِ |
رَبٌّ ـ غَفٌورٌ ـ رَحيمٌ ـ لا يُضَايقُهُ |
كُثْرُ السَّؤَالِ لِمَنْ يَأْتِيهِ في رَغَبِ |
رَفَعْتُ كَفيَّ بالإذْلالِ مُبْتَهِجاً |
فَقَدْ أَفْأْتُ إِلى ظِلٍّ مِنَ الرَّهَبِ |
فَاخْتِمْ إِلهيَ بالإيمَانِ عَاقِبَتي |
واكْبَحْ بِفْضْلِكَ جَمْحَ النَّفْسِ واستَجِبِ |
وفي الخِتَامِ صَلاةُ اللَّهِ نَابِعَةٌ |
شَفَّافَةُ النَّبْضِ كالأَنْدَاءِ كالسُّحُبِ |
تَجْلو عَنِ القَلْبِ مَا يَغْشَاهُ مِنْ كَلَلٍ |
كَيْ يَسْترِيحَ قَرِيرَ العَيْنِ والهُدُبِ |
على النَّبيِ الذي دَانَتْ لِعِزَّتِهِ |
شُمُّ الأَشَاوِسِ مِنْ عُجْمٍ ومِنْ عَرَبِ |
((مُحمَّدِ)) الهادي إلى التَّوْحِيدِ مُتَّشِحاً |
بالصَّبْرِ.. بالجِدِّ.. بالأَخْلاقِ والأَدَبِ |