ِيا زَمَاناً رَأيْتُ فيه العُجَابَا |
الخَسِيْسُ اللَّئيمُ يُمْسي مُهَابَا |
يَرْفَعُ الكِبْرُ خَدَّهُ.. في تَبَاهٍ |
حين يَمْشي مُرَنَّحاً.. يتَصَابَى |
في اخْتِيَالٍ يَجُرُّ فَضْلَ إِزَارٍ |
ويَرَى النَّاسَ دُونَهُ.. أَذْنَابَا |
يا أَخَا التِّيهِ والصَّيالِ تَرَفَّقْ |
أَنْتَ أَدْنى إلى الهَوَامِ انتِسَابَا |
طَهِّرِ النفسَ باليَقينِ وَخَلِّ |
عِزَّةَ النَّفْسِ جَانِباً.. والسَّرَابَا |
يا أَخا التِّيهِ ما يَصُدُّكَ عَنَّا؟ |
فِيمَ تَلْوي مُكَشِّراً.. أَنْيَابَا؟ |
تَرْكَبُ الزَّيْفَ لا تُبَالي مَدَاهُ |
حِيْنَ تَذْرُو على الوَفَاءِ التَّرَابَا |
((إنَّ شَرَّ النُّفُوسِ في الأَرْضِ نَفْسٌ))
|
تَتَعَالى عَلى الأَنّامِ اجْتِنَابَا |
وتَرَى النَّاسَ دُونَها في مَقَامٍ |
وَتَجَافٍ يُقَوِّضُ.. الأَنْسَابَا |
يا شَمُوخَاً وَفِيْكَ لُجَّةُ حُزْنٍ |
تَتَوارَى بِخَافِقَيْكَ اضْطِرَابَا |
أَنْتَ أَدْرَى بِمَا يَجِيْشُ مَسَاءاً |
مِنْ بَلاَءٍ وَوَحْشَةٍ تَتَخَابَى |
غَالَكَ الزَّيْفُ والبَرِيقُ فَأَمْسَى |
صَوْتُكَ الغَضُّ مُنْكَرَاً مُسْتَرابَا |
جَمْعُكَ المَالَ لَيْسَ عَيْبَاً ولكنْ |
خِسَّةُ المالِ.. أَنْ يَكُونَ مُرَابَا |
آفَةُ المَرْءِ أَنْ يَفيءَ بِظِلٍّ |
مِنْ ظِلاَلٍ.. يَخَالُهُنَّ.. مَنَابَا |
ثم يَمضي مُصَعِّراً في فُتُونٍ |
صَائِلَ الخَطْوِ خَدَّهُ.. صَخَّابَا |
هَلْ تَزيدُ النُّقُودُ يَوْماً بِعُمْرٍ؟ |
أو تَرُدُّ القَضَاءَ رَدًّا مُجَابَا؟ |
أَوْ تُعِيدُ الشَّبَابَ حِينَ تَبَدَّى |
وَهَنٌ فِيْكَ لاهِثاً.. مُنْسَابَا؟ |
أَوْ تَضُخُّ الحَيَاةَ ضَخًّا جَدِيدَاً |
في وَتِيْنٍ مُرَهَّلٍ.. حِيْنَ شَابَا؟ |
يا أَخا الكِبْرِ لا تُغَالي فَقَبْلُكْ |
مَنْ تَوارَى عَنِ الحَيَاةِ.. وَغَابَا |
تَرَكَ الأَهْلَ والثَّرَاءَ وَأَضْحَى |
عَبْرَ لَحْدٍ.. مُوَدِّعاً.. مَا أَصَابَا |
هَلْ تَرى اليَوْمَ غَيْرَ ذِكْرَى وِصَالٍ |
تَنْشُرُ الحُبَّ والصَّفَاءَ وَطَابَا؟ |
تمَلأُ الأُفْقَ كالنَّسِيمِ عَبيراً |
حِيْنَ تَمْضِي.. وَتَتْرُكُ الأَحْبَابَا! |
هَلْ كَما الحُبِّ والوَفَاءِ سُلُوكٌ؟ |
يَنْشُرُ الذِّكْرَ في الحَيَاةِ.. رَحَابَا؟ |
وُيُقِيمُ الوَلاءَ جِسْراً مَنِيعاً |
فَوْقَ هَامٍ على النُّفُوسِ قِبَابَا |
يَسْبُرُ الغَوْرَ بالضّيَاءِ وَيَزْكُو |
حَالِمَ النَّبْضِ.. مُلْهَمَاً خَلاَّبَا |
يا أخا التِّيْهِ لا أَخَالَكَ تَنْسَى |
ضَمَّةَ القَبْرِ تَحْطِمُ الأَجْنَابَا! |
مَنْ يَرَ النَّاسَ دُونَهُ في تَعَالٍ |
سَوْفَ يَكْبو بِنَفْسِهِ إِكْبَابَا |
أَوْ يَعِيشَ الحياةَ في غَيْرِ دِفْءٍ |
رَاكِدَ الحِسِّ حَائِراً مُسْتَرَابَا |
سَائِلِ الأَيْكَ عَنْ طُيورٍ حَيَارَى! |
تَنْشُدُ اللَّحْنَ شَادِياً والرَّبَابَا |
تَرْسُمُ الحُبَّ لِلأَنَامِ وتَشْدو |
في رَوَاءٍ يَزِيْلُ عَنْهُ اكْتِئَابَا |
ويُرِيْهِ الحَيَاةَ لَحْناً جَمِيْلاً |
بَاسِمَ الثَّغْرِ رَاقِصاً.. جَذَّابَا |
وخَرِيْرُ المِيَاهِ صَوْتٌ تَمَلَّى |
يَسْكُبُ الحُبَّ.. في النُّفوسِ انْسِكَابَا |
يُرْسِلُ البَوْحَ في صَفَاءٍ وَصَمْتٍ |
لا يُبَالي مِنَ الحَيَاةِ.. غَلاَبَا |
راحَ يَزْهُو بِنُورِهَا في انْبِهَارٍ |
وَتَجَلٍّ يَفُوقَ مِنْكَ الطِلاَبَا |
وَزُهُورُ الرَّبِيعِ تَنْفَحُ عِطْراً |
في الصَّبَاحِ الجَمِيْلِ نَفْحاً مُذَابَا |
يَعْبَقُ الوَرْدُ في الغُصُونِ وَيَنْثُو |
أَرَجَ الحُبِّ.. فَاغِمَاً.. مُسْتَطَابَا |
يا أَخَا التِّيهِ خَلِّ عَنْكَ التَّبَاهي |
والْجِمِ النَّفْسَ إِنْ أَرَدْتَ الصَّوَابَا |
فَخُلودُ الأَنَامِ أَمْرٌ مُحَالٌ |
كُلُّ حَيٍّ مَصيرُهُ.. أَنْ يُذَابَا |