ذَاتَ يَوْمٍ أَظْلَمَتْ شُمُّ الهِضَابْ |
وَبَدَا لَيْلٌ مُخِيفٌ.. وَاكْتِئَابْ |
خَيَّمَ الصَّمْتُ عَلَى هَامِ الرُّبَا |
وَاكْفَهرَّ الجَوُّ.. وَاسْوَدَّ السَّحَابْ |
وَلْوَلَتْ رِيْحٌ بِصَوْتٍ فَازِعٍ |
وَعَوَتْ في الدَّرْبِ أَشرارُ الكِلاَبْ |
وَحْشَةٌ مُظْلِمَةٌ لا يُجْتَنَى |
مِنْ مَجَالِيهَا سِوَى نَعْقِ الغُرَابْ |
وَنُجُومُ اللَّيْلِ أَغْفَتْ لاَ تُرَى |
إِذْ تَوَارَى البَدْرُ مَسْدُولَ الحِجَابْ |
عِنْدَهَا أَحْسَسْتُ خَوْفاً مُوهِناً |
وَتَمَلَّيْتُ بِآيَاتٍ.. عُجَابْ |
فَتَجَلَّتْ قُدْرَةُ اللَّهِ عَلَى |
كُلِّ مُخْتَالٍ غَرُورٍ.. لاَ يَهَابْ |
لَمْ يَعُدْ في الكَوْنِ شَيْءٌ مُؤْنِسٌ |
بَعْدَ أَنْ وَلَّى رَبِيعٌ مُسْتَطَابْ |
كُنْتَ لاَ تَسْمَعُ إلاّ صَعْقَةً |
أَوْ هَدِيرَ السَّيْلِ في بَطْنِ الشِّعَابْ |
وَرُعُوداً زَمْجَرَتْ في غَضْبَةٍ |
وَبُرُوقاً رَاجِمَاتٍ.. بالشِّهَابْ |
تَنْشُرُ الخَوْفَ عَلَى هَامِ الرُّبا |
وَتُثِيرُ الرُّعْبَ في كُلِّ الرِّحَابْ |
قُدْرَةٌ تَمْحُو شُكُوكاً في الوَرَى |
وَتُرِيهِ النُّورَ شَفَّافَ الإِهَابْ |
قُدْرَةُ اللَّهِ تَعَالَتْ وَزَكَتْ |
رُغْمَ أَنْفِ الغِرِّ مَفْتُونِ الشَّبابْ |
تَغْمُرُ الإنْسَانَ حِسًّا رَاهِفاً |
يَتَعَالَى عَنْ شُكُوكٍ وَارْتِيَابْ |
تَمْلأُ النَّفْسَ يَقيناً مُوثَقَاً |
وَتُشِيعُ النُّورَ والدِّفْءَ الخِلاَبْ |
لَحْظَةٌ فِيهَا تَجلَّتْ قُدْرَةٌ |
تَحْكُمُ الكَوْنَ بِضَبْطٍ لاَ يُعَابْ |
*** |