شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كلمة سعادة الأستاذ عبد الله بغدادي
ثم أعطيت الكلمة لسعادة الأستاذ المربي الأستاذ عبد الله بغدادي حيث قال:
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. لكم أن تعربوا كلمتي أنها لا محل لها من الإِعراب بعد ما تكلم الفحول والأقطاب، فلذلك فأنا سأختصر.
- نعم لقد استوفى الفارسي كتابه بعد أن جمع صحائفه بالعرق الهادر، والكفاح النادر، والكدح الباذل، والسهر الواصل، والبلاء المتماسك، والجدوى العاطرة، والنشاط المسعف، والحماس الدائب، والرأي الداحض، والفكر الساطع، والبرهان القاطع. فكتب بذلك أروع كتاب، وسطر آيات من حسن الخطاب، ورسم أروع صورة، وأبدع هندسة كاملة لا تبارى، وتشكيلة رائعة من الفن لا تضاهى ولا تجارى.. وجاء كتابه آية من الحسن والإِحسان، ولوحة رائعة من الفن والإِتقان، وصورة رائعة أنبتته يده الفنانة المتألقة. ثم كان مسك الختام لهذا الكتاب وفيه صورة رائعة لهذه العروس المتألقة المتأنقة نراها صباحاً ومساء، وهي تتهادى كبسمة على غدير عذري الماء، بكرية الموجة، صبية الشطآن، فتانة كأنفاس السحر، هفهافة كأنداء الفجر، ريانة كالغصن الرطيب، وهّاجة كالعسجد، فواحة لها أريج الزهر والورد والزنبق وشذا العرف والمسك والعود. ولما اكتمل عرفها وبهاؤها ورواؤها وارتدت أحلى فساتينها وأغلى حليها وأنفس جواهرها، آثر عريسها أن يودعها بعد أن أودعها أغلى الأثمان، وحلى شواطئها بعقود اللؤلؤ والمرجان، ووشى حواشيها بالزمرد والياقوت والعقيان، وبعد أن ترك على ربعها المخضر مغاني ومرابع وروحاً وريحاناً وشذىً وعرفاً وطيوراً لا يغيب مغابها، ومياه لا يغيض غيدقها وتهتانها، وصدق فيها وصف شوقي:
وربوة الوادِ في جلباب راقصة
السـاق كـاسية والنحر عريـان
والطير تصدح من خلف العيون لها
وللعيون كما للطير ألحان
وأقبلت بالنبات الأرض مختلفاً
أفوافه فهو أصباغ وألوان
و تمر الأيام وتمضي السنون والأعوام والفارسي يمضي في حبه لهذه العروس حباً لا يريم ولا ينقطع، ليجعل من هذه العروس الجدَّة مدينة كبرى لامعة تدخل باب التاريخ وتلحق بأمهات المدن الكبرى، كدمشق وبغداد والقاهرة وغيرها، ويكون لها مؤرخون ثقات كابن عساكر والخطيب البغدادي والمقريزي صاحب الخطط. وفي سبيل هذه الأعمال المتكاملة تطلب الجدَّةُ من فارسها المزيد من الجد فيفتح لها قلبه مرةً وأخرى وثالثة ويجود بحبه وعطائه الذي لا نظير له، لقد أعطاها كل شيء: العرق، الجهد، الحب، والقلب حتى تمازج الإِثنان، وصح أن نقول فيها ما قاله شوقي أمير شعراء العصر:
ألقت إليك بنفسها ونفيسها
وأتتك شيِّقة حواهـا شيِّـق
خلعت عليك حياءها وحياتها
أأعز من هذيـن شيء ينـفق
وإذا تناهى الحب واتفق الفدا
فالروح في باب الضحية أليـق
 
وبعد، فإني أعرف الفارسي وأدرك ثقله العلمي وطموحه الفكري ونبوغه المبكر يوم كان على مقعد الدرس في مدرسة تحضير البعثات، ثم يمّم شطر مصر فامتاح منها دلاءً مترعات ورشاء جامعات وعلماً غزيراً وماءً دفاقاً ثم عاد إلى وطنه وجاء إلى مدينة جدة فحلَّق جناحاه في المطار العريض والفضاء الواسع، واستجاش عقله في الرؤى المصاقبة والدنى النائية، فأبدع إبداعة الجلوة المتألقة، وتندت منه حسناوات جياد سابغات، وتمثلت فيه الروح الهندسية الجامعية في مثاليتها، والمعرفة التقنية في وثاقتها، والفن الرفيع المبدع حين يقصد الغايات السامقات ويعتلي النجود السابقات ويتبطح على القنن الحالقات. وإنني من أجل ذلك أرشح الفارسي ليتصدر المجموعة العلمية التي ستكتب تاريخ مدينة جدة - وقد صارت من أمهات المدن العالمية - ليكون هذا العمل الموسوعي الكبير مرجعاً أصيلاً لكل طلاب المعرفة والدرس والعمارة والتخطيط والبناء الهندسي الكامل.
 
- وأخيراً فحينما جاءتني دعوة صديقه ورفيقه في درب كفاحه الشيخ عبد المقصود خوجه داعياً لتكريمه وإعطائه حق الوفاء من الأصدقاء، قلت لا تعجبوا فالوفاء يحتفي بقمة الوفاء، والنبوغ يكرم النبوغ، والفضل يعرفه أهل الفضل، وكلاكما من معدن أصيل، والأصالة فيكما منذ كنتما على دروب الحياة سواء، فتحية حب ووفاء لكما في هذا اللقاء، وما دام العطاء منكما متجدد البقاء ليمضي ركب الحياة في زحفه التقدمي إلى الأمام. وبعد، فلو فتحت باب الثناء على الفارسي لفني القرطاس وذهبت الأنفاس، فذلك بحر لا ساحل له..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :969  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 6 من 61
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج