أَشارَتْ بِرَمْشِ العَيْنِ حُورٌ كَأَنَّمَا |
مِنَ الحُسْنِ كَادَ الطَّرْفُ أَنْ يَتَكَلَّمَا |
تَخَالُ رُؤَاهَا مِنْ لُجَيْنٍ إِذَا بَدَتْ |
وَإِنْ أَدْبَرَتْ فَاحَ العَبِيرُ مُفَغَّما |
لَهَا فِي نِيَاطِ القَلْبِ حُبُّ مُوَلَّهٍ |
يَفِيضُ بِهِ الإِحْسَاسُ شَوْقَاً كَأَنَّمَا |
يَكَادُ يَبُثُّ الوَجْدَ في كُلِّ لَحْظَةٍ |
لِمَا قَدْ سَبَاهُ مِنْ هُيَامٍ وَخَيَّمَا |
يَبِيتُ عَلَى حَرٍّ مِنَ الشَّوْقِ لاَهِبٍ |
يَنِزُّ بِهِ نَزَّاً وَيَسْقِيهِ عَلْقَمَا |
سَقِيمٌ يَخَالُ الدَّرْبَ أَمْسَى مُمَهَّدَاً |
وَتَعْشُو بِهِ العَيْنَانِ عَشْوَاً مُعَتَّمَا |
يُعَاني مِنَ الأَشْوَاقِ مَا بَاتَ ضَارِيَاً |
وَيُخْفي مِنَ الأَشْجَانِ مَا كَانَ مُضْرَمَا |
يُنَاجِي نُجُومَ اللَّيْلِ وَاللَّيْلُ شَاهِدٌ |
لِمَا قَدْ بَلاَهُ مِنْ لهِيبٍ وَمِنْ ظَمَا |
تَمُرُّ بِهِ الأَحْلاَمُ ليْلاً وَتَجْتَلي |
شِغَافَ مُحِبٍّ كَانَ بِالأَمْسِ مُنْعَمَا |
رَمَاهُ الهَوَى سَهْمَاً أكَنَّ بِقَلْبِهِ |
وَأَتْبَعَهُ أُخْرَى فَصَارَ كَمَا الدُّمَى |
تَلَظَّى بِهِ حَرُّ الصَّبَابَةِ وَالجَوَى |
فَبَاتَ وَجَرْحُ القَلْبِ سَيْلٌ مِنَ الدِّمَا |
((خَلِيليَّ)) مَا شَأْنُ الشَّجِيِّ بِأَرْضِكُمْ ؟! |
وَقَدْ أَشْرَفَتْ أَحْلاَمُهُ أَنْ تُحَطَّمَا! |
أَليْسَ مِنَ الإِنْصَافِ لأْمُ جِرَاحِهِ؟؟ |
فَمَا زَالَ فِيهِ النَّبْضُ يَخْفِقُ مُفعَمَا؟ |
إِذَا مَا بَدَا طَيْفٌ يَعِنُّ إِزَاءَهُ |
تَرَاهُ كَمَا ((مَجْنُونِ ليْلَى)) مُهَيَّمَا |
يَحِنُّ إِلَى شَدْوِ الرَّبَابَةِ صَادِيَاً |
وَتَفْتِنُهُ الأَلْحَانُ هَمْسَاً مُنَغَّمَا |
تَجِدُّ بِهِ الآلاَمُ ليْلاً وَإِنَّهُ |
إِذَا مَا صَبَا شَوْقَاً يَحِنُّ إِلَى الحِمَى |
يُنَاجِي مِنَ الأَطْيَافِ مَا مَرَّ عَابِرَاً |
وَيَعْشَى إِذَا هَلَّ الحَبِيبُ وَسَلَّمَا |
يُدَارِي حَرَارَ الشَّوْقِ وَخْزَاً وَلوْعَةً |
وَيَكْتُمُ حُبَّاً في الجِنَابِ تَحَشُّمَا |
فَمَنْ ذَا تُرَى يَحْنُو عَليْهِ إِذَا شَكَا؟ |
قَدْ رَاشَهُ سَهْمُ اللِّحَاظِ وَأَوْسَمَا؟ |
((خَلِيليَّ)) هَلْ يَبْقَى مُحِبٌّ لِدَآرِكُمْ؟ |
عَلَى كَمَدٍ يَحْسُو مَرَاراً لَبِئْسَمَا؟ |
يُلاَقِي مِنَ الهُجْرَانِ حَبْطَاً وَغَفْلَةً |
وَفِيهِ مِنَ الإِحْسَاسِ قَلْبٌ تَتيَّمَا |
فَمَنْ ذا يُعِينُ الصَّبَّ إِنْ بَاتَ لَيْلُهُ |
يُؤَرِّقُهُ حِينَاً وَحينَاً تَجَهَّمَا؟ |
أَيَقْضِي مَسَارَ العُمْرِ يَشْكُو بِلَوْعِهِ |
وَمَا حَلَّ فِيهِ مِنْ عَنَاءٍ تَكَتَّمَا؟! |
أَلاَ ليْتَ بِالإِحْسَانِ تَرْعَوْنَ وُدَّهُ؟ |
وَتُصْفُونَهُ قُرْبَي أَعَزَّ وَأَكْرَمَا! |