دَاهمتْني الحياةُ دَهْم الضَّباعِ |
واستبدَّت بجفوةٍ وارْتياعِ |
ثُم أَلوتْ بخافقي تَصطليه |
ويَقيني.. وعَزْمَتي وامْتناعي |
فَأحاطتْ بِكُلِّ حُلْمٍ جميلٍ |
عاطرِ اللحْنِ.. سَرمدِيِّ الشُّعاعِ |
أينَما سِرْتُ خلْتُ أنِّي سجينٌ |
بَيْنَ جُدرانها وسودِ التِّلاعِ |
أَمِنَ العَدل أنْ يَظلَّ حَبيْساً |
مَنْ يُجيدُ الصَّيَالَ عِنْدَ القِرَاعِ؟ |
ويصولُ الجبانُ صَولَ فُتُونٍ |
في تَبَاهٍ وخِسَّةٍ وانخراعِ |
أَحْوذِيُّ النّسورِ يَبْقَى شَرِيداً |
أوْ بعيداً لِشمِّ تلكَ القلاعِ |
يَجرعُ الصَّابَ والمرارَ عَناءً |
في كؤوسٍ مريرةِ الاجتراعِ |
دَاهِمي مَنْ تَشَائِينَ فالنِّسْرُ أَقوَى |
وجَلُودٌ على صُنُوف الصِّراعِ |
لا يُبالي مِنَ النِّزالِ يَفَاعاً |
غَرَّهُ المالُ فازْدهَى باللُّعاعِ |
قرِّبي الغِرَّ واحتَويه بعزٍّ |
وافرشي الأرضَ من شهيِّ المَتاعِ |
واعزِفي اللحْنَ قُربَه وتَغنيْ |
بِنَشيدٍ مزيَّف خَدَّاعِ |
ثم قومي وحَطمي كُل جِسر |
غيرَ جسرٍ بَنيتِه للْخناعِ |
قَوِّضي الحبَّ في قلوبٍ تَسامَتْ |
عَن خَثَارٍ.. وسقطةٍ وانصدَاعِ |
وانشري الحِقْدَ في النُّفوس زَهَاءً |
يا حياةً.. عِثَارُهَا في اتِّساعِ |
ثم تيهى كصائِلٍ يَتحدَّى |
نَفْرَةَ الحِسِّ مِنْ أبِيٍّ شُجَاعِ |
يَنْتَشي القَزْمُ حينَ يَهْتِكَ عرْضاً |
ويُباهي بنشوةِ الانْصياعِ |
امْلئي فاهُ بالنُّضار وفيضي |
ثم أَلقيه.. جُثةً للسِّباعِ |
هَكذا أنْتِ يا حياةً تَملَّتْ |
بالرُّؤَى السَّقْطِ في مَتَاه الضَّياعِ |
يعتلي المَجْدَ في ركابك فَسْلٌ |
أَو جهُولٌ.. مُحنَّطٌ مُتداعي |
ثم يمضي بِزُخْرُفٍٍ مِن طِلاَء |
خَاثِرِ اللوْنِ زَائفٍ لمَّاعِ! |
سَيَرَى القَزْمُ أنَّه يَتهاوى |
في سُقوطٍ.. وكبوةٍ وانْصدَاعِ |
هَلْ تَدُومُ الحياةُ يوماً لفَدمٍ؟ |
غَرَّه الجاهُ فَانْتشى بالجَشَاعِ؟ |
((إنَّ شَرَّ النفوس في الأرضِ نفسٌ))
|
تَتَعامَى عَنِ الضِّيَاء المُشاعِ |
وَترى النُّور عَاتماً في رُؤَاهَا |
حينَ غَطَّتْ عُيُونَهَا بالقِنَاعِ |
مَنْ يَر النورَ حالماً في سَماهُ |
سَوفَ يرْقَى.. على رُفَاتِ الأفَاعي |
ويَرى الناسَّ كُلَّهُمْ في تَآخٍ |
لا يَرى العَيشَ نُهْزَة للنِّزاعِ |
يَسْمَعُ الطيرَ في الصَّبَاحِ تُغَنِّي |
وخريرُ المياهِ عَذْبُ السَّمَاعِ |
ونجومُ السماءِ تَضحَكُ جَذْلَى |
في ربيعٍ مُجلل.. بالوَداعِ |
وعبيرُ الزهور يَنْفحُ عِطْراً |
فيثيرُ الحياةَ عَبْر.. التلاعِ.. |
ويزيلُ الهمومَ رُغْمَاً ويأسو |
نَزْفَ جرْحٍ.. ينزُّ نَزَّ التِيَاعِ |
ويرى الشَّطَّ سُنْدُساً مِنْ حَريرٍ |
زاهيَ اللونِ.. جَائِشَ الإبْداعِ |
كُلُّ ما في الوجود نَبْضٌ سخِيٌّ |
لَوْ فَطَرْنَا نُفوسَنَا.. بالقَنَاعِ! |
ونظرنا لِحوْلنا في انْتباهٍ |
ويَقينٍ مُسربَلٍ بالخشَاعِ |
سَنرَى البَحْرَ صَفْحَةً من لُجَينٍ |
وعتامَ المساءِ.. مَصْدَر الإشْعَاعِ |
وأَديمَ الحياةِ وَجْهاً تَجلَّى |
راقِصَ الشَّجْوِ حَالِمَ الإيقَاعِ |
فَنَغُذُّ المسير في رَاحتَيْها |
في استباقٍ.. وعِزَّة وافتراعِ |
مُوفِضيْنَ إلى العُلا والمَعالي |
بسُلوك يَشفُّ بالإِسْطَاعِ |
يَلْتَأُ السَّحقَ في قلوبِ الحَيَارى |
ويُواري نَخازَة الأوْجاعِ |
ليت أنا نعودُ نَغرسُ حُباً |
في ربوعِ الحياة بالإِجْمَاعِ! |
فَتفيْضَ النفوسُ صَفْواً طَهُوراً |
يَرسُم الحُبَّ.. بَسمةً مِن شُعاعِ |
وتُضِيءُ الحياةُ عَبْر وِصالٍ |
لنفوسٍ كَليْمَة الأضْلاعِ |
ثم نَغْفو بِجَفْن حُلْم شَغُوفٍ |
يَبْعثُ الدِّفْء فَوق كُل البقَاعِ |