أيُّها العِيدُ كمْ تثيرُ شجونِي |
وتورِّي مِنْ وَجْدِيَ المكنونِ |
فلكمْ خلفَ ثوبِك الفاتنِ الخلاّ |
بِ من لوعةٍ وشجوٍ كمينِ |
* * * |
أيها العيدُ كم تخطيتَ قوماً |
هم من البؤسِ في شقاءِ قطينِ |
لم تزدهم أيامُك الغرُّ إلا |
حسرةً في تأوهٍ وأنينِ |
أبصروا المترفينَ فيك وللنعمسى |
عليهم رواءُ يسرٍ ولينِ |
كلُّ رهطٍ يفتنُّ في المأكلِ |
الملذوذِ والملبسِ الأنيقِِ الثمينِ |
لا يبالي ما أنفقْتَهُ يداه |
في الملاهي من طارفٍ ومصونٍ |
وإذا ما دعاه للبرِ داعٍ |
فهو في المكرماتِ جَدُّ ضنينِ |
* * * |
أيها العيدُ ربَّ طفلٍ يعاني |
فيكَ من بؤسهِ عذابَ الهونِ |
هاجَه تِرْبُهُ بملبسهِ الزا |
هي، وكمْ فيه للصبا
(1)
من فتونِ؟ |
فَرَنَا نحوَه بطرفٍ كليلٍ |
ليس يقوى على احتمالِ الشجونِ |
ثم ولَّى والحزنُ يفرِي حشاهُ |
مستغيثاً بعطفِ أمٍّ حنونِ |
وجثَا ضارعاً إليها يناجيها |
بدمعٍ من مقلتْيهِ هتونِ |
وَيْحهَا ما عسى تنالُ يداها |
وهي خِلوُ الشمالِ صفرَ اليمينِ |
كلّ ما تستطيعُهُ عبراتٍ |
من عيونِ مقرّحاتِ الجفونِ |
أيها الناسُ إنما العيشُ ظلٌّ |
زائلٌ والحياةُ كالمنجنونِ
(2)
|
فلكم فَوَّضَ الزمانُ صروحاً |
وصروفُ الزمانِ شتى الفنونِ |
ربَّ ذي نعمةٍ وجاهٍ عريضٍ |
صار
(3)
ذا شقوةٍ وهمٍّ مبينِ |
* * * |
أيها الموسرونَ رفقاً وعطفاً |
وحنانَا بالبائسِ المحزونِ |
ربما باتَ جارُكمِ طاوياً جوعاً |
وبِتُّمْ تشكونَ بشَمِ البطونِ |
ربما ظلَ طيلةَ العيدِ يستخفي |
من الصحبِ قابِعاً كالسجينِ |
يتوارى من سوء منظره المز |
ري ومن حاله الكريه المهين |
أي فضلٍ للعيدِ يستأثرُ المثروَن |
فيه بالمظهر
(4)
المضنونِ؟! |
والفقيرُ الكئيبُ يرجعُ منه |
بنصيبٍ المرزِّ المغبون |
* * * |
ليتَ شعري متى يكونُ لنا عيد
(5)
|
بشيرٌ بالطالعِ الميمونِ؟ |
فيشيعُ السرورُ
(6)
في كلِّ بيتٍ |
ويواسى فؤادَ كل حزينِ |
قد لعمري أنّى لنا أن نرى |
العيدَ مشاعاً وقرَّة للعيونِ |