شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
التمثيل في مصر
يغنيني عن الإفاضة في تعداد مزايا التمثيل وتبيان مآثره ما نشاهده جميعاً من عناية الأمم الناهضة به وإعزازها لجنابه وما نحس به نحن من قوة سلطانه وجلال آثاره لذلك سأجمل القول في التحدث عن مزاياه وسأقصر كلمتي على أهم تلك المزايا وأخطرها شأناً.
وقبل أن أعرض لذكر تلك المزايا أريد أن ألقي نظرة بسيطة على نشأة التمثيل وظهوره على مسرح الحياة.
نشأة التمثيل:
يرجع بعض الباحثين نشأة التمثيل إلى أقدم العصور الأولى ويذكرون في ذلك أن أول نشأة كانت على أيدي الكهنة ورجال الدين الذين هدتهم التجارب والاختبار إلى أن طريقة إلقاء تعاليمهم وإرشاداتهم على العامة إلقاء جافاً لا تأتي بالأثر المرغوب فعمدوا منذ ذلك العهد السحيق إلى وضع رموز وإشارات تمثل أراءهم وعقائدهم واتخذوا من حفلاتهم الدينية ذات المشاهد الرمزية الرائعة مظهراً لهذا التمثيل.
وسند القائلين بهذا القول ما تدل عليه آثار الأديان القديمة المصرية وحفلاتها الرمزية وما هو موجود في الديانات القديمة اليونانية عن المشاهد الرمزية التي كانوا يقيمونها لتمثيل ما كانوا يدينون به من الآراء والمعتقدات والأساطير هذه هي النشأة الساذجة الأولى للتمثيل.
أما نشأته كفن جميل فقد كانت وليدة الحضارة اليونانية على أيدي بعض الأدباء والشعراء والعبقريين الذين رغبوا في تمثيل المبادىء القومية والحوادث التاريخية والأحكام الأدبية على النحو الذي كانت تمثل به القصائد الدينية فتم لهم ذلك وخطوا بالتمثيل خطوة جليلة أعقبت خطوات تدرج بها في التمثيل مدارج الرقي إلى أن بلغ ما هو عليه الآن من المكانة السامية.
تلك نظرة بسيطة في نشأة التمثيل عامة وفيها إشارة موجزة إلى النشأة الأولى للتمثيل المصري.
أما التمثيل الحديث في مصر فيبتدىء برجال البعثة الفرنسية التي حضرت إلى مصر مع نابليون وببعض الفرنسيين الذين استقدمهم نابليون لهذه الغاية فقاموا بتمثيل جملة روايات في أول مسرح مصري بيد أن هذا العهد التمثيلي لم يلبث أن قضى نحبه بمغادرة نابليون ورجاله مصر.
وقد بقي الحال كذلك حتى سنة 1871م حيث أمر سمو الخديوي إسماعيل باشا بإنشاء دار الأوبرا فأنشأت ومثل فيها ومنذ ذلك العهد أخذ التمثيل يواصل خطاه إلى الأمام بفضل من كان يقيض له بين حين وآخر من الرجال العاملين أمثال المرحوم الشيخ سلامه حجازي وأمثال الأستاذ عكاشه وغيرهم من زعماء الممثلين.
بعد هذه اللمحة البسيطة بنشأة التمثيل أعود إلى التحدث عن آثاره ومزاياه كما قلت بشيء من الإجمال.
أغراض التمثيل ومزاياه:
لأغراض لا أكاد أحيط بكنهها ما لها من أثر مجيد وبنتاج رائع نشأت فكرة التمثيل ودرجته في مراحلها الأولى حتى وصلت إلى تلك المنزلة الشامخة والشأو الرفيع. ولعلّ أهم تلك الأغراض:
1 ـ بث العادات الفاضلة والأخلاق الكريمة والعقائد الدينية والتقاليد القومية في صورة شيقة محبوبة.
2 ـ نشر الثقافة بين الجمهور عن أقرب الطرق وأعلقها بالقلوب.
3 ـ إغراء الأبناء بتراث الآباء المجيد وحثهم على المحافظة عليه والتمسك به.
هذه أهم أغراض التمثيل في نظري وهي كما نرى من الخطر والجلال بمكان كيف والتمثيل بتحقيقه لهذه الأغراض أصبح خير مدرسة للشعب وأي مدرسة كهذه يتيحها القدر للجمهور يؤمونها جذلين مغتبطين يتلقون دروسه الجذابة بشغف وارتياح كبيرين فلا تلبث تلك الدروس أن تتغلغل في نفوسهم ويبذر فيها بذور الخير والفضيلة وترتقي بها إلى حظيرة القدس والكمال.
أما أهم مزايا التمثيل ومآثره عدا ما تضمنته هذه الأغراض من المزايا العظيمة:
1 ـ إمداد الأدب القومي بثروة جمة وجمال بارع وخدمة ذلك الأدب في أجل نواحيه.
2 ـ في اللغة التي هي عماده الأول وكيان حياته.
3 ـ في الخطابة التي هي أعظم مظاهره وأنبل مواقفه.
أما وقد أصبح للتمثيل نهضة قوية مسددة تكتنفها رعاية مليك البلاد وعناية الهيئات الكبيرة العاملة فإن ذلك كفيل بأن يسحق تلك الطفيلية المهنية وأن يقيم على أنقاضها مسارح التمثيل الراقي الصحيح تحقيقاً لسنة الله في العالم فأما الزيد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :626  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 88 من 112
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالله بلخير

[شاعر الأصالة.. والملاحم العربية والإسلامية: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج