شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حضارة العرب في الأندلس (1)
قال الأستاذ محمد عبد الله عناق في كتابه: (تاريخ العرب في إسبانيا وتاريخ الأندلس).
(كان افتتاح العرب للجزيرة مبدأ عهد جديد وفاتحة انقلاب عظيم في شؤونها الاجتماعية، حوّل العرب الجزيرة إلى حديقة، فنظموا شؤونها الإدارية وعضدوا العلوم والصناعة..
وبعد أن عرض للخلافات التي وقعت بين القبائل العربية والبربر قال: (قضى الفتح على امتيازات الأشراف، وخفف من عبء الضرائب الذي كان يثقل كاهل الشعب، فرضها المسلمون بالمساواة والعدل على جميع العناصر والطوائف، لا فرق بين دين أو جنسية، وأمنوا السكان على أموالهم وعقائدهم، وأباحوا لهم اتباع قوانينهم وتقاليدهم واختيار حكامهم من بينهم، وأخذوا بناصر الطبقات المستعبدة التي كانت إلى ذلك العهد في أتعس حالات الذل والفاقة، فعاد السكان إلى المدائن والقرى بعد التشتت في الجبال والسهول، ورحبوا بالنظام الجديد. ومن ذلك ندرك أن سر تفعيل الإسبان للحلم الإسلامي الذي كان خير مثال للعدل والإنصاف والتسامح، على استبداد القوط والفرنج، قال الأستاذ الأمين بول: (أنشأ العرب حكومة قرطبة التي كانت أعجوبة القرون الوسطى، بينما كانت أوروبا تتخبط في ظلمات الجهل، فلم يكن ثمة سوى المسلمين من أقام بها منائر العلم والمدنية.
(ما كان المسلمون كالبربر من القوط أو الوندال يتركون وراءهم الخراب والموت. حاشا، فإن الأندلس لم تشهد قط أعدل من حكمهم وأصلح منهم، وإذا أردنا أن نتكلم بشيء من التفصيل عن حضارة العرب في الأندلس وعن مؤسس هذه الحضارة فلا بد لنا من أن نذكر نبذة عن مؤسس الدولة الأموية في الأندلس عبد الرحمن بن معاوية البطل المغوار الذي أفلت من قبضة العباسيين ونجا من بطشهم ووضع حجر الأساس لأعظم حضارة عرفها التاريخ، واستحق بجدارة أن يلقبه خصمه أبو جعفر المنصور بلقب صقر قريش، وقد قال عنه صاحب كتاب (المعجب في تلخيص أخبار المغرب) ما خلاصته أنه هرب من الشام لما انتشرت دولة بني العباس، فلم يزل مستتراً، يتنقل في بلاد المغرب حتى دخل الأندلس ودخل حين دخلها طريداً وحيداً، لا أهل له ولا مال، فلم يزل يصرف حيله ويسمو بهمته والقدر مع ذلك يوافقه إلى أن احتوى على ملكها، وكان أبو جعفر المنصور إذا ذكر عنه قال ذلك صقر قريش. وكان عبد الرحمن بن معاوية من أهل العلم وله سيرة جميلة في العدل.. وله أدب وشعر ومما قاله، يتشوق إلى معاهده بالشام قوله:
أيها الراكب الميمم أرض
أقر من بعض السلام لبعض
أنّ جسمي كما علمت بأرض
وفؤادي وساكنه بأرض
وقد ذكر صاحب كتاب (تاريخ العرب في إسبانيا بشيء من التفصيل دخول عبد الرحمن الداخل إلى الأندلس والحروب التي خاضها للاستيلاء على كبرى مدنها ومنها أرشدونه (1) وإشبيلية ثم قرطبة حيث استتب له الأمر وانتصر على خصومه ثم قال: (وهكذا استبدت دعائم ملك بني أمية في المغرب وتغلب عبد الرحمن على جميع أعدائه..
ثم قال: (ويعرف بعبد الرحمن الداخل لأنه أول داخل من ملوك بني مروان إلى الأندلس، وكان أبو جعفر المنصور يسميه صقر قريش، لما رأى من فعله في الأندلس، وما ركب إليها من الأخطار، وأنه وفد عليها من أنأى ديار المشرق من غير عصابة ولا أنصار، فغلب أهلها على أمرهم، وتناول الملك من أيديهم بقوة شكيمة ومضاء عزم. وشبهه ابن حيان بأبي جعفر في الصرامة والاجتراء على الكبائر والقسوة. وكان ماهراً في الإدارة، معضداً للفنون والصناعة، فزين قرطبة بالمباني الضخمة والحدائق الغناء وأدار أسوارها وبدأ بإنشاء مسجدها الباهر الأغر غير أنه توفي قبل إتمامه، وبنى بها الرصافة تشبهاً بجده هشام حيث بنى الرصافة بالشام..
وكان عبد الرحمن بن معاوية شاعراً مجيداً ومن ذوي البراعة في العلم والأدب.
ومن الشعر المنسوب إليه القطعة الآتية نذكرها لروعتها وذلك أنه بلغه وقد استقامت له الدولة، أن بعض من أعانه يمن عليه بما بذله من المعونة ويزعم أنه لولا جهده ما بلغ الداخل مبلغاً، وإنه نال ما نال بسعده لا بتدبيره وعقله فقال زعمه: يرد عليه ويفنّد زعمه:
لا يكفّ ممتن علينا قائل
لولاي ما ملك الأنام الداخل
سعدي وعزمي والمهند والقنا
ومقادر بلغت وحال حائل
إن الملوك مع الزمان كواكب
نجم يطالعنا ونجم آفل
والحزم كل الحزم ألاّ يغفلوا
أيروم تدبير البرية غافل
ويقول قوم سعده لا عقله
خير السعادة ما حماها العاقل
أبني أمية قد جبرنا صدعكم
بالعرب رغماً والسعود قبائل
ما دام من نسلي إمام قائم
فالملك فيكم ثابت متواصل
 
طباعة

تعليق

 القراءات :788  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 85 من 112
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج