شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
التعاون الثقافي بيننا وبين مصر (1)
بين مصر والحجاز صلة علمية قديمة العهد، عريقة الجذور، استهلت أولى صفحاتها بطائفة من أعلام الصحابة وأئمة السلف الصالح، نزحوا من هذه البلاد إلى وادي النيل ينشرون بين ربوعه دعوة الإسلام ويبثون بين أهليه تعاليمه وآدابه، طبقة بعد طبقة، افتتحت بعبد الله بن عمرو بن العاص وأصحابه وختمت بمحمد بن إدريس الشافعي وتلاميذه؛ حتى إذا ذهب ذلك الرعيل النابه من أبناء هذه البلاد، ودالت دولة العلم فيها، وانتقلت شعلة المعرفة من قطر إلى قطر إلى أن استقرت في مدينة المعز - أخذ الحجاز يقتبس من هذه الشعلة الوهاجة، الفينة بعد الفينة، إما بوفود بعض علماء الأزهر إلى هذه الديار، وقيامهم بالتدريس والتعليم في المساجد والمدارس، وإما بارتحال بعض أبناء هذا القطر إلى مصر وأزهرها الجليلُ يرتشفون من ينابيعه أفاويق العلوم والمعارف، وكانت الحال الأولى هي الغالبة، إذ قلما كان يخلو الحجاز من علماء أزهريين يقومون ببث العلم بين طلابه، ويحظون فيه بمنزلة مرموقة استمرت هذه الحال أحقاباً وأجيالاً تنشط حيناً وتفتر أحياناً حتى إذا أظلنا العهد السعودي الزاهر، بعثت هذه الصلة بعثاً جديداً، وأقيمت على أسس منظمة قويمة، تكفل لها إضْطِّراد النمو والتقدم وتبشر بأحسن النتائج وأطيب الثمرات؛ بتوفيق الله ثم بفضل ما شملها به جلالة الملك المفدى من رعاية سامية بدأت هذه الصلة الثقافية في عهدها الجديد بعاملين قويين: أولهما إيفاد البعوث من هذه البلاد إلى مصر لإتمام دراساتهم العالية في جامعات مصر ومعاهدها العليا، على نفقة الحكومة السنية، وقد أربى طلاب هذه البعثات على المائة تخرج منهم نحو العشرين واضطلعوا بأعباء مهمة في خدمة الأمة والحكومة ولا يزال الباقون هناك يواصلون دراساتهم في جد ونشاط ويتمتعون بعطف ورعاية كريمين من رجال التعليم في مصر وغيرهم من الأخوان المصريين الكرام، وقد كان لهذه الخطة التي استنتها الحكومة الرشيدة أثرها البالغ في حفز همم البعض من الأهلين إلى الاقتداء بالحكومة، وبعث أبنائهم إلى مصر للتعلم على نفقتهم، وحبذا اليوم الذي يفشو فيه هذا الشعور بين الكثير من الأغنياء والموسرين منا، فيساهمون مع الحكومة في هذا الواجب العظيم.
أما العامل الثاني فهو استقدام الحكومة نخبة ممتازة من الأساتذة المصريين للتعليم في معاهد هذه البلاد وقد بلغ عدد هؤلاء الأساتذة الأفاضل من جامعيين وأزهريين، سبعة وعشرين أستاذاً، وأنهم ليبذلون جهوداً موفقة في النهوض بالتعليم في هذه البلاد إلى المكانة اللائقة بها بصفتها قبلة المسلمين ومصدر النور الذي عم أرجاء العالم سناه وأنهم ليساهمون مساهمة مشكورة في نواحي النشاط المدرسي، وإذاعة الثقافة بشتى الأساليب وبث روح النظام والتجديد النافع في كل مناسبة، وأنها لخطوة مباركة تبشر بمستقبل مشرق إن شاء الله، وإن الأمل لقوي في نمو هذه الصلة وازدهارها في كنف الصداقة النبيلة التي انعقدت أواصرها بين جلالتي العاهلين العظيمين وشعبيهما الشقيقين.
وإنه لمما يزيد هذا الأمل قوة وإشراقاً اهتمام جامعة الدول العربية بالتعاون الثقافي بين الناطقين بالضاد واضطلاع مصر بأعباء الزعامة والقيادة وبذلها المعونة في هذا السبيل عن سخاء وأريحية وسيكون هذا التعاون بحول الله وتوفيقه خير دعامة للوحدة العربية المرجوة، حقق الله الآمال وسدد خطا العاملين لخير العروبة والإسلام.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :539  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 84 من 112
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.