شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
العلم والعلماء في ظل الإسلام (1) - 1 -
استهل الإسلام رسالته الخالدة بالترغيب في العلم والتنويه بشأن المعرفة، فكانت أول آية نزل بها الوحي السماوي على أشرف المرسلين قول الله جل وعلا: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَم،ُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (العلق: 1 - 5).
وتواترت بعد ذلك الآيات في الإشادة بفضل العلم والعلماء، فقال تعالى في تمجيد المعرفة: يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً (البقرة: 269). وقال في تفضيل العالم على الجاهل ولفت الأنظار إلى ما بينهما من بون شاسع: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (الزمر: 9)، وقال في تكريم العلماء وإعلاء قدرهم: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ (المجادلة: 11). بمثل هذا الأسلوب الرائع حث القرآن على العلم والمعرفة، فكان الرسول صلوات الله عليه أول من صدع بهذا الأمر الكريم وأول من استجاب لهذه الدعوة النبيلة، فإذا هو يقف في مقدمة صفوف المعلمين ويضرب لهم أعلى مثل بمواقفه وكلماته الخالدة، فكان عليه الصلاة والسلام المعلم الأول للمسلمين، يعلمهم بأقواله وأفعاله ويربيهم بسيرته وآدابه، وينفق في سبيل ذلك أثمن أوقاته، وينهج للتعليم منهجاً جديداً يخالف ما كان معروفاً في العالم من مناهج مدموغة بطابع الأثرة والاستبداد. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يؤثر بالتعليم طائفة دون طائفة ولا خص به صنفاً من البشر دون سواه، بل أباحه للرجال والنساء على السواء وبذله للفقراء والأغنياء بلا تمييز، وسوى فيه بين الأحرار والأرقاء إن صح أن نطلق صفة الرق على أمثال بلال ابن رباح وزيد بن حارثة وخباب ابن الأرث وغيرهم ممن وجدوا في ظل الإسلام من نعمة الحرية والعزة والكرامة ما لم يظفر به كثير من أحرار هذا العصر في ظلال حكوماته المتمدنة المتشدقة بدعوى تحرير الرقيق، الممعنة في التنافس على استرقاق الشعوب واستعباد المستضعفين، وكان لسان حالهم ينشد قول القائل:
قتل فتى في غابة جريمة لا تغتفر
وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر
أما الرسول العربي الكريم صلوات الله عليه، فقد أتاح العلم للناس جميعاً وسلك في سبيل إفشائه والدعوة إليه شتى الطرق والأساليب فحض المسلمين على تحصيله بأمثال قوله: طلب العلم فريضة على كل مسلم ورغبهم في بثه وإذاعته بمثل قوله نضَّر الله امرأ اسمع منا شيئاً فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع؛ وليس أبلغ في الحث على نشر العلم ومكافحة الأمية من المنهج الذي رسمه الرسول العظيم في بعض خطبه الخالدة وذلك إذ يقول: ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم ولا يتفقهون ولا يتعظون. والله ليعلمن قوم جيرانهم ويفقهونهم ويعظونهم ويأمرونهم وينهونهم وليتعلمن قوم من جيرانهم ويتفقهون ويتعظون أو أعاجلنهم العقوبة... أليس هذا هو المنهج الذي حذت حذوه بعض الأمم الناهضة أخيراً في محاربة الأمية وإشاعة الثقافة بين جمهور الشعب؟! أجل إن مربي العرب الأعظم هو أول من فكر في هذه الطريقة ودعا إليها بأبلغ بيان وأوجز أسلوب. وكان من الطبيعي أن تؤتي هذه الدعوة الحكيمة وذلك المنهج القويم أحسن النتائج وأطيب الثمرات، فإذا أعلام الصحابة رضي الله عنهم يتبارون في نشر العلم وبث المعرفة وإذا أمراء المسلمين وعلماؤهم يتلقون هذا المشعل بإيمانهم وينهضون لإشاعة هذا النور في أرجاء المعمورة ويجندون خير قواهم لإقامة منائره وإمدادها بأسنى وقود. وإذا طوائف شتى من المسلمين يساهمون أكرم مساهمة في مؤازرة هذه النهضة ويبذلون في سبيلها من جهودهم ونشاطهم وأموالهم ما يكفل إنماء ذلك التراث ومد آفاقه وتيسير مناهله العذبة وتشجيع ورّادها.
وإن في التحدث عن تلك الحركة الموفقة وهاتيك الثروة الخالدة لمتعة وغذاء شهياً للعقول والقلوب وحافزاً قوياً للشعور العربي والإسلامي. وذلك ما أرجو أن أوفق إليه فيما يأتي إن شاء الله تعالى.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :475  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 73 من 112
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج