شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أخلاقنا وعاداتنا في ميزان النقد2 (2)
قيمة الوقت عندنا وعندهم
كثيراً ما تطالعنا الصحف والمجلات بصور عظماء الغربيين وساستهم وقوادهم وهم يتريضون على صهوات جيادهم أو يتسلقون غوارب الجبال أو يشقون بقواربهم عباب الماء أو ينزلقون على متون الثلوج أو يزاولون إحدى الألعاب الرياضية الأخرى أو يعملون في حقولهم ومزارعهم وملء وجوههم البشر وملء إهابهم القوة والنشاط وما أكثر ما نجد الصحف طافحة بصور وأخبار المباريات والمسابقات في مختلف الألعاب وشتى الرياضات وليس كل ذلك سوى أنموذج مصغر لما طبع عليه الغربيون من حيوية ونشاط في جميع أحوالهم. ولقد كنا نحن العرب أجدر وأحق بذلك بحكم طبيعة بلادنا وسعة أرجائها وكثرة جبالها وشهرة جيادها واعتزازها بماضيها المجيد وما أنجبته صحاريها من الأبطال والفرسان والرماة والعدائين وغيرهم من الأفذاذ الذين لا يشق لهم غبار في مضمار السبق والرهان. ولكن والأسف يملأ القلوب قد أضعنا الكثير من ذلك وأصبحنا ننظر إلى مظاهر القوة والنشاط في (الغرب نظرة المبهوت) المشدوه فالنقتد إذا بالغربيين لنسترجع منهم ما أخذوه عنا ولنوازن بين أحوالنا وأحوالهم علّ ذلك يكون حافزاً لنا وباعثاً لهممنا ونشاطنا.
يحرص الغربيون على الاستمتاع بأوقات فراغهم حرصهم على الانتفاع بأوقات أعمالهم فتراهم يمنحونها من زمنهم وعنايتهم ما لا يقل عما يمنحونه أوقات العمل وساعات الكفاح، فكما تجدهم في أوقات العمل دائبين فيه منكبين عليه، تجدهم في أوقات فراغهم منصرفين إلى اللعب والمرح بملء النشاط والابتهاج فلا العمل يطغى على وقت الراحة والاستجمام ولا المرح والاستجمام يطغيان على وقت الجد والعمل. ثم هم حين يلهون ويمرحون تتمثل في لهوهم ومرحهم تفوق الحياة وتدفق النشاط لا كما نلهو نحن ونمرح فتراهم يصرفون جانباً كبيراً من أوقات فراغهم في الألعاب والأعمال الرياضية على نحو ما أشرت إليه في صدر هذا المقال.
أما نحن فكما أننا مقصرون في العمل متوانون فيه كذلك تجدنا في لهونا ومرحنا، نقضي أوقات فراغنا غالباً في مجالس فاترة تبعث على الملل والسآمة وتغري بالكسل والتثائب ولعلي لا أبالغ إذا قلت أن أمتع لهو في نظر الكثير منا هي لعبة (الجوكر) وشركاه والويل لمن لم يعرف أحدث ما ابتكره اللاعبون في الميدان إذا ستنبذه الجماعة وسيتركونه ملقى في زاوية من المجلس كالشيء المهمل أو المنسي مهما كانت منزلته منهم ومهما كانت حظه لديهم. والآن لنحاسب أنفسنا أي فائدة نفسية أو عقلية أو خلقية أو جسمية نجنيها من هذه الألعاب؟ إن الذي أظنه وأكاد أعتقده أن هذه الألعاب لم يبتكرها إلا العجزة والمقعدون وكأني بمجالسنا وقد أصبحت ملاجىء للعجزة ومطارح للمقعدين. آسف أي أسف. لقد كان أحرى بنا وأجدى علينا أن ننظم أوقات فراغنا ونقسمها بين الرياضة والتنزه ومطالعة المطبوعات الشائقة المفيدة وتبادل المسامرات الأدبية الممتعة مما يعود علينا بالفائدة والنشاط ونمو الجسم والعقل ورفع مستوى الفكر والمجتمع. عفواً أيها السادة لعلّ قارئاً فطناً يعترض على هذا الرأي بقوله: وهل نظمنا نحن أوقات عملنا حتى تدعونا إلى تنظيم أوقات فراغنا وعذرى إلى القارىء الكريم أني لما وجدت أوقات الفراغ عندنا تكاد تلتهم كل أوقاتنا رأيت أن ابدأ بالمطالعة بتنظيمها وأنا أؤمل أن يستدرجنا ذلك إلى تنظيم أوقات العمل أيضاً لأن الخير كل الخير إنما هو في القصد والاعتدال وما أجمل قول الشاعر الأريب.
وللَّه مني جانب لا أضيعه
وللهو مني والخلاعة جانب
ويا حبذا لو نعير الأندية الرياضية والأدبية حظاً وافراً من عنايتنا واهتمامنا. وإنه ليسرني أن أشيد بجهود إدارة المعارف العامة وعملها على نشر الروح الرياضية الفنية في الحجاز كما يسرني أن أثني على جماعة المحاضرات والحفل الأدبي راجياً أن يكون ذلك نواة لأسس الأندية والمجتمعات التي نريدها، ولا بد لي من عودة إلى هاتين النقطتين في فرصة قريبة إن شاء الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :550  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 64 من 112
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج