ليت شعري أيرجى في السنين |
صنو ذاك اليوم وضاء الجبين |
يوم جد الصحب للنعمى فلم |
يتوانو وتنادو مصبحين |
وابتدرنا جنة زاهية |
قد تبدت بهجة للناظرين |
روضة المالية الغناء ما |
مثلها من روضة للنابهين |
منحتها مصر أصفى بقعة |
ربوة ذات قرار ومعين |
حبّر الوسمي برديها كما |
ككل الزهر أماليد الغصون |
تحسب النيل على حافتها |
علم الثوب الموشي كالُّجين |
يتمشى مشية الساقي إذا |
طاف بالصهباء بين الشاربين |
وتساقي المرج من سلسله |
خمرة أحسبها من أندرين |
تترك الروح طروباً ثملا |
يتثنى كتثنى المنتشين |
والصبا يختال في أرجائها |
أرجاً من وردها والياسمين |
ذلك الروض الذي ظللنا |
سرحه الفتان بالظل السدين |
وقضينا فيه عهداً قلما |
أنجبت شرواه آلاف السنين |
بين بشر وهناء حافل |
ورفاق نبلاء ماجدين |
إيه لو أبصرتنا من جذل |
في خشوع الناسكين |
إذ يغنينا صديق لبق |
بفنون اللحن خلاب الرنين |
ساحر النغمة مُهمّا صيدحا |
ردد القلب صداه والوتين |
لحنه العذب إذا أسكرنا |
فهو بالسكر جدير وثمين |
كيف والبلبل أصغى ثملاً |
وتغنّى طرباً فوق الغصون |
إنها معجزة الذوق التي |
حارة الألباب فيها (والعيون) |
زفها السعد لنا حتى إذا |
غمر البشر نفوس السامعين |
قام خل بيننا يخطبنا |
بلسان عربي مستبين |
فكه التمثيل والقول معاً |
يلبس الحكمة أثواب المجون |
يتنزى وهو في خطته |
كتنزي الليث في وسط العرين |
وهو في ذاك وهذا آية |
في النهى والخلق والمجد الركين |
هكذا ظل يعاطينا المنى |
وعلى اللذات ظلنا عاكفين |
وتجاذبنا أحاديث العلى |
وتناشدنا حياة النابغين |
وتساجلنا نشيداً رائعاً |
آية الشعر وفخر الخالدين |
وتساقينا على نخب المنى |
قهوة سائغة للشاربين |
قهوة الشاهي الشهي المحتسى |
حظوة الشرب وأنس المحتفين |
قهوة صبّت فلا غول بها |
لا ولا الندمان عنها ينزفون |
قهوة طيبة في روضه |
ونهار وصحاب طيبين |