أي صوتٍ هزّ في النفسِ رجاها |
ودعاهَا فاستجابت إذ دعاها |
وانبرتْ تعدو إلى الغايةِ وثبا |
أنفسٌ قد وطنتْ عزماً وقلبا |
إن تغذُّ السيرَ في الآفاقِ دأبا |
لا تبالي ما تلاقي في نواها |
أتلاقي السعد أم تلقي رداها |
* * * |
أيُّ صوتٍ ذاك أم أيُّ نداء |
دبَّ فينا كدبيبِ الكهرباء |
فاستهنا كل جهد وعناءِ |
وهجرنا فيه أهلاً ورفاها |
وبلاداً ملءُ أحشاءٍ هواها |
إنه هاتف ذا الشرقِ العتيد |
هاتف أسفر عن عهد جديدِ |
ربما أربى على الماضي المجيدِ |
لِم لا، والشرقُ قد عجّ انتباها |
وخطا للغايةِ الجلَّى خطاها؟ |
ما أهابَ الشرق بي وبصاحبيا
(2)
|
هاتفاً إلا وأحسْسنا دويّا |
لصداه بين جنبْينا قويا |
فإذا أنفسنا جُلّ مناها |
أن تلبيَّ صوتَه لمّا احتواها |
فعزْمنا وامتطيْناها سفِينا |
تمخرُ اليمَ بنا رِفقاً ولينا |
وهو كالمهدِ لها حيناً وحينا |
تارة تبصرُهُ طوعَ رجاها |
فتراها كعروسٍ في سراها |
وأحايينَ تراها تتنزّى |
كتنزي الحوتِ في الإشراك قفزا |
وعباب البحرِ من ذلك يهزا؟ |
فهو لا ينفكُّ مغرى بأذاها |
كلما مرتْ على موجٍ رماها! |
هَبْ عباب اليم أصْلى الفلك بأسا |
أتراها طأطأتْ للعجز رأسا؟ |
أم تُراها نكصتْ خوفاً ويأسا؟ |
إنها ما أسلمتْ قط شباها |
لا ولا لانت على الغمزِ قناها! |
يا لها من صاحب نعم المؤسّي |
فلقد ألقت علينا خير درسِ |
في طلاب المجد لو يجدي التأسي |
ولكم موعظةٍ أسدى هداها |
أعجم لم يدر يوماً ما لُغَاهَا؟ |
يا ابنَ هذا الشرقِ إن رمْتَ النجاحا |
وثقفتَ العلمَ واعتدتَ الكفاحا |
فتعلمْ أنّ للفوزِ سلاحا |
همة شماءَ لا يدري مداها |
وجهاداً دائباً في مبتغاها |
أيها المسلمُ في الشرقِ العريق! |
أنتَ للمسلم في الدين شقيق! |
لِمَ لا تعتز منه بصديق؟ |
وحدةٌ قد شيد الدين بناها |
لِمَ لا نبلغها أسمى ذراها؟ |
لِمَ يا اخوتنا لم نأتلِف؟ |
لِمَ لا نعمل كِتْفاً لكتف؟ |
أنسينا ماضياً فينا سلف؟ |
حيث كنا قوة عَزَّ حماها |
أحكمَ الإسلامُ توثيقَ عراها!! |
إننا لم نرقَ في تلك العُصُر؟ |
ونَسُدْ إلا بذا الدين الأغر!! |
وبتوحيدِ الجهودِ والوطر!! |
هل رأيتم أمةً نالتْ مناها |
بسوى الجدِ وتوحيدِ قواها؟! |
هكذا تاريخُنا عَلَّمنا |
أنْ نسويَ أبداً وحدتنا |
ونضحي نفتدي عزتنا! |
شرعة إنْ نحنُ أعلينا لواها |
بلغتْ أوطاننا أوجَ علاها!! |
لا أغالي أنا إن كنت البشير! |
بالذي نرجوه من شأوٍ خطير |
فجهادُ الشرق بالفوز جدير! |
إننا نلمسُ روحاً يتضاهى |
في شبابِ طابَ في الشرقِ جناها! |
لِمَ لا والشرقُ مهدُ الحكماءِ؟ |
لم لا وهو منارُ النبغاءِ؟ |
أيظل الشرقُ وهو ابن ذكاء؟ |
ظلمات أطبقَ الجهل عماها؟ |
سبة تلك، سينجابُ دُجاها! |
فلقد لاحَ سنا الفجرِ المبين |
وتبارتْ عزماتُ العاملين |
سدَّد الله جهودَ المخلصين |
أمة إنْ يهدِ ذا نفسٍ هُداها |
يكنِ التوفيقُ صُنواً لرجاها |