أرِحْنى ببردِ اليأسِ إن كنتُ آسيا |
فإني وجدتُ اليأسَ أشْفَى لِما بيا! |
تعلقتُ بالآمالِ دهراً لعلني |
أصيبُ بها ورداً من العيشِ خاليا! |
وعللتُ نفسي بالأماني رجاءَ أن |
أفيىء إلى ظلٍ من المجدِ ضافيا |
وأنكرتُ بأساءَ الحياةِ وضرَّها |
وأكبرتُ من يلقي الكوارثَ لاهيا |
وأحسنتُ ظني بالليالي وعهدها |
وأحداثها تنثالُ شتى حِياليا |
صمدتُ إليها رابطَ الجأشِ باسماً |
أشيم بها برقاً من السْعد باديا |
وأرغمتُ لوّامي وخالفتُ ناصحي |
وقلت علامَ المرءُ يلحي اللياليا؟ |
وطاوعتُ أحلامي وتابعت طيفها |
إلى أن بدا فجرُ الحقيقةِ ضاحيا |
إذا أنا كالمخدوعِ بالآل
(2)
ضلة |
تكاءده المسعى وما زال صاديا |
وبرقُ الأماني خلب يخدع الفتى |
وبِشرُ الليالي فخُّ من ليس صاحيا |
تعاهدني حتى اطّبَاني وميضها |
فأدلجتُ في لجج من الغي داجيا |
وطوّحَ بي حتى اصطدمتُ بصدمةٍ |
من اليأسِ تجتاحُ الجبالَ الرواسيا |
فعاهدتُ نفسي لا أراني مؤملا |
بدنيايَ خيراً حسب ما قد دَهَانِيا |
فما أروعَ المأساةَ إذْ تفجأ الفتى |
وغضّ الأماني حين يرتدُ ذاويا |
وما أتعسَ المرءَ الذي قد تذبذبتْ |
به كفّتَا يأسٍ وأخرى أمانيا! |
فلا هو مثلوجُ الفؤادِ منعّمٌ |
فيمرحُ في روضٍ من السعدِ زاهيا! |
ولا هو مرتاحٌ إلى اليأسِ مخلد |
إلى حالة يلقى بها الخطبَ ساجيا! |
له الله من ذي حَيْرة تصدعُ الحشا |
وتتركه نهبَ الجوى والمآسِيا |
فأخْلِق بذي الرأي السديدِ وذي الحِجى |
بأن يحذرَ الآمالَ ثم اللياليا! |
وأحرِ بهِ ألاّ ينيطَ رجاءه |
بغيرِ مساعيه (إذا كان راجيا)! |
فليستْ أماني المرءِ إلا غوايةً |
وليس الرجاءُ الحقُ إلا المساعيا! |
فإن شئتَ أن تحيا حياةً قريرةً |
فلا تغتررْ بعدي بدنياك ثانيا! |
* * * |