حيا الحيا طيبة الفيحاء حياها |
أحب دار إلى نفسي وأغلاها |
دار الرسالة والوحي التي شرفت |
على البلاد وفاق الكون مثواها |
دار لها العزة العقساء من سعدت |
بسيد الخلق هاديها ومولاها |
دار صحبتُ الصبا غضّ الإهاب بها |
اختال في حلل من وشى نعماها |
أيام أغدو طليقاً لا يغادرني |
هم الحياة ولم أشعر ببؤساها |
في رفقة قلما جاد الزمان بهم |
تخيروا من خلال المجد أسناها |
قضيت فيهم عهوداً جد ناضرة |
أكرم بصحبتها أجمل بمغناها |
مرت بنا مثل أحلام مجنحة |
وخلفت في شغاف القلب ذكراها |
لولا طلاب العلا ما كنت تاركها |
ولم أفارق أصيحابي بمغناها |
وصاح داعي النوى فينا ففرقنا |
وجرعتنا الليالي من حمياها |
ورب نحسٍ يكون السعد غايته |
ورب نعمى يكون البؤس عقباها |
وما الحياة وما تحويه من محن |
سوى المقادير إذ تجرى بمجراها |
وما على غير الأيام من حرج |
ففيم نحمدها طوراً ونلحاها |
لو أنني ما تجرعت النوى غصصاً |
ما كنت أسعد باللقيا ونعماها |
* * * |
لولا رعاية ملك بات يكلأنا |
بعطفه في النوى ما كان أقساها |
عبد العزيز رعاه اللَّه من ملك |
سادت به العرب لما صار مولاها |
بحسبه تلكم البعثات يوفدها |
ولا يزال بعين العطف يرعاها |
* * * |
أقمت في مصر أعواماً ثمانية |
كانت بلادي هي السلوى وذكراها |
لم تبتعد قط عن ذهني معاهدها |
ولا تمشت إلى الأحشاء سلواها |
لطالما لج بي تذكار جيرتها |
وهاج شوقي وتحناني لرؤياها |
وها أنا اليوم ألقي في مرابعها |
خير الصحاب وأحيا طيب مغناها |
أولئك الآل آلى لا عدمتهمو |
والدار داري ولست الدهر أنساها |
يا أهل طيبة لا زالت شمائلكم |
يفوح طيب النوادي من ثناياها |
لقد شرفت بكم في كل مجتمع |
ومحفل ونواد كنت أغشاها |
لم تجر ذكراكم في منتدى ملأ |
إلا وعطرت الأرجاء رياها |
يا أيها السادة الميمون طالعهم |
فدت نفوسكموا نفسي ومحياها |
قيم الحفاوة بي فاضت وجوهكموا |
بشرا بها وتجلت عنه سيماها |
لم آت أمراً جليلاً أستحق به |
تلك الحفاوة قد فاقت بمغزاها |
ما كان أجدرها مني بكل فتى |
منكم وما كان أحراها وأولاها |
آليتموني جميلاً سوف أذكره |
بالحمد ما بقيت نفسي وأرعاها |
يا عميد
(2)
النهى والعلم لا فتئت |
جهودك الغرّ ملء الفخر ذكراها |
ولا برحت مناراً تستضيء به |
مواكب العلم في منهاج مسراها |
ويا جهابذة أعيت مواهبهم |
براعة المجد عن تصوير إحداها |
المجد يعرف في أعطافكم همماً |
شماء تصبوا إلى الجلى وتهواها |
فجردوا مرهفات العزم واستبقوا |
إلى المعالي تصافحكم بيمناها |
فبارك اللَّه أشياخاً عباقرة |
وفتية عز في العلياء مرماها |
وبارك اللَّه مسعانا وسدده |
حتى نحقق آمالاً رجوناها |