شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( تعليق معالي الشيخ عبد الله بلخير ))
بعد أن انتهى الأستاذ أحمد فراج علق معالي الأستاذ عبد الله بلخير فقال:
- يا سيدي.. في المغرب وأنا أتكلم من صميم قلبي إلى إخوان نعزهم ويؤمنون بما نؤمن به، هذا المفترض.. كنت أرى عوائل من الفقراء في الأماكن العامة، وأسمعهم يكلمون أولادهم الذين لا يحسنون اللغة العربية مطلقاً باللغة الفرنسية، وفي الجزائر منذ 15 سنة كانت الجماهير في الأزقة والشوارع والمدارس بناتاً وأولاداً لا يتكلمون مطلقاً إلا باللغة الفرنسية، وجريدتهم المشهورة "المجاهد" لها طبعة عربية ولها طبعة ضخمة كبيرة بالفرنسية، الطبعة العربية لا يشتريها أحد، أساتذة الجامعات لا يريدون اللغة العربية، ليس كما تدعو بعض جامعاتنا في الشرق.. بأن يتم تدريس علم الطب باللغة العربية. ولقد سمعت ديجول وهو يقول ويكرر في أربع خطب له.. اثنتين وهو سيد فرنسا، واثنتين بعدما خرج.. سمعته يحذر الشعب الفرنسي ويقول لهم: "إن الخطر قد أصبح الآن في عقر ألسنتنا، وإني الآن أخاف أن يكون الشعب الفرنسي العظيم بلغته العظيمة - اللغة الأولى في الدبلوماسية - قد أصبح يتذوق اللغة الإِنجليزية ويميل إليها وينطقها" يحذر الشعب الفرنسي من أن تدخل اللغة الإِنجليزية في اللغة الفرنسية، ويقول هذه وصيتي إليكم، وإلا ذهب ريحنا ولن يفيدنا الأسطول الفرنسي ولا الطائرات الفرنسية، وإنما تفيدنا لغتنا العالمية المشهورة.
- كما اجتمعت منذ 15 سنة مع شخصية بارزة تعرفونها كلكم - صديق للملك فيصل - تعرفت على تلك الشخصية خلال مرافقتي للملك فيصل في ذهابه إلى هيئة الأمم، وكان يحبني كثيراً وأحترمه كثيراً لأنه شخصية جديرة بالاحترام، ولأنه يعرف صلتي بالملك فيصل رحمه الله. يسألني دوماً إذا التقيت به عن صحة الملك فيصل.. ليطمئن إلى ذلك. زرته ذات مرة وعنده ضيوف، فاستدعاني إلى غرفة مجاورة ووجه إليّ سؤالاً عن دعوة التضامن الإِسلامي، التي كان يدعو إليها الملك فيصل يرحمه الله رحمة واسعة، فأجبته ببراءة التضامن الإِسلامي، كما تعرفه يا دكتور هو: توحيد شمل المسلمين المفرقين. فقال لي: لا لا لا.. هذا ليس في صالحه. في تلك اللحظة برز النور الأحمر أمامي وأدركت ما كان يعنيه. فقلت له: ماذا تقصد؟ قال: لاشيء، ولكن عند مقابلتك له قل له: ليس هناك ما يدعو إلى التضامن الإِسلامي. عندئذٍ شعرت أن المجاملة غير مستحبة، لاسيما وأن البابا جاء من روما لأول مرة في التاريخ ليزور الكنيسة الشرقية في اسطنبول، بعد مفاوضات استمرت عددا من السنين. ولقد ماتت أوروبا وحشر الناس ليروا ذلك الحدث التاريخي العظيم، وهو اجتماع الكنيسة الغربية بالكنيسة الشرقية. فقلت له: ما المانع يا دكتور في أن يقوم الملك فيصل بمثل ما قام به البابا.. بأن يجمع المسلمين من هذا الشتات الموجود كما يقوم البابا أيضاً بجمع المسيحيين من الشتات، بغية عودة الناس إلى الدين، لأن الدين هو من أعلى الوسائل في أن يمنع الانحراف إلى آخره؟ وحول التعصب الذي مذ نشأنا حتى أصبحنا كباراً وهو يطرق أسماعنا ونوصف به في أحيان كثيرة كأنه سبة، بينما العصبية معناها الالتزام، وكل صاحب عقيدة يجب أن يكون متعصباً وإلا أصبح ما عنـده موقف، فلا يوجد نصف مسلـم أو 3/4 مسلم، فإما أن يكون مسلماً كاملاً ملتزما بذلك في عقيدته أو لا يكون.
- صديقنا نصوح الطاهر من أبرز الشخصيات الإِسلامية والعربية.. وهو فلسطيني من نابلس، بيننا وبينه صلة قرابة مصاهرة، تحدثت معه ذات مرة في موضوع كهذا.. فقال لي: والله يا أخ عبد الله.. أنا نشأت في الأجواء العربية المتأثرة بترك التعصب، فإذا قيل لأحدنا أنت متعصب يجيب أتوماتيكياً بقوله: أنا لست متعصباً، بينما المقصود من التعصب هو الالتزام. عندما ذهبت إلى فرنسا بعد انتهاء دراستي في فلسطين وأخذت الزراعة - وهو العربي المسلم الوحيد الذي يملك موسوعة عن الزيتون فقط، من أعظم ما كتب في تاريخ الزيتون - وبعد تخرجه من جامعة ليون.. وهي أعظم جامعة للزراعة في أوروبا كلها، سمع بجامعة في باريس تتخصص في بعض ما يخدم العنب بالذات، فكتب رسالة لهم.. يقول لهم فيها إنني أنا فلان.. ومؤهلاتي كذا، وأنا متخرج في جامعة ليون، وأحب أن ألتحق لمدة سنتين بجامعتكم، وأرجو أن تحجزوا لي مقعداً إذا وافقتم وتخبروني بذلك. فأجابوه برسالة جاء فيها: إننا حجزنا لك مقعداً ومؤهلاتك مصدرها كلها عظيمة وأن الدراسة ستفتح في الشهر الفلاني. قال: لما جاءني الجواب أعددت العدة للرحلة إلى هناك، واستأجرت غرفة في نزل، وفي اليوم وفي الموعد المحدد للمقابلة توجهت إلى الجامعة المشهورة العظيمة واستقبلني المدير، فقلت له: أنا اسمي كذا.. كذا. قال: هذا ملفك عندي موجود، فقلت له: ما هي الإِجراءات؟ قال: الإِجراءات كذا وكذا.. وإلى آخره.. يقول بدأت أنا أحاوره وكانت لغتي الفرنسية عالية تماماً لأنني متعشقها، ما أنكر عليَّ أي حاجة. بعد ذلك سألني عن الديانة؟ فقلت له: إنني مسلم. فما إن طرقت أذنيه هذه الكلمة حتى انتفض حالاً وقال: أنت مسلم؟ قلت له: نعم.. قال: لا شيء يبين.. لا كتاباتك ولا اسمك ولا محادثتك. فقلت له: أنا مسلم. فقال لي: إذا كنت مسلماً فهذه الجامعة لا تقبل مسلماً مطلقاً، فإما يهودي أو نصراني، ولذلك فأنا آسف. ليس في الإِمكان قبولك.. فامض إلى حيث شئت. وهنا التفتُّ إليه بمحاضرة باللغة الفرنسية العمالية، وأعطيته بطاقة تعريف لي، وقلت له: أنا قضيت 5 أو 4 سنوات في بلادكم. لا أريد أن يدعوني أحد مسلماً، لأني أريد أن أجعل منكم مثلي الأعلى في عدم التعصب، لكني من الآن أحب أن أقول لك كلمة. قال: وما هي؟ قلت له: أنا مع الأسف لم أقرأ القرآن ولم أنسخه.. مع أنني من عائلة إسلامية كبيرة، لكني الآن سأخرج وأبدأ أفتش عن مصحف وأقرأ القرآن، وأن أبدأ فهم الإِسلام ما دام البروفيسور الأعظم هذا بهذه العقلية. ثم خرجت غضبان أسفاً، وبعد يومين أو ثلاثة دخلت مكتبة من المكتبات المشهورة وسألت عن ترجمة بالفرنسية للقرآن. فقال لي المسؤول عن المكتبة: انظر هذه الرزمة الموجودة هناك.. فهي منذ شهرين مرمية، اشتريناها من بائع ورثها من تركة، وفيها تفاسير للقرآن بالفرنسية فتش ما بداخلها فإن وجدت سؤلك خذ ما تشاء منها. يقول: فتحتها فذهلت، لأنني وجدت بها طلبي.. فأعطانيها بثمن بخس. رأساً أخذت تلك الربطة على ما فيها من كتب وذهبت إلى الفندق وعكفت على قراءة القرآن، والعودة إلى الإِسلام. وقد فسر القرآن كما يعرف الأستاذ شكيب الآن في ثلاث أو أربع مجلدات ضخمة، تفسيراً علمياً واقعياً. فالتعصب الموجود عند الغربيين أشد وأعظم مما يرمونه دائماً علينا.. وننظر إلى الحديث الذي يقول: "من تشبه بقوم فهو منهم" لقد قرأناه صغاراً وعرفنا معناه، ولكننا لم نتذوقه إلا الآن "من تشبه بقوم فهو منهم" حتى يكون عندنا وقاية ويكون عندنا عصمة وتكون عندك قناعة.. من أننا لن نستطيع أن نتذوق طعم الولاء إلا بالمحافظة على ما ننتسب إليه. والسلام عليكم.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :662  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 168 من 187
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج