شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الشيخ عبد الحق رفاقت علي العثماني (1)
هو عبد الحق ابن الحكيم رفاقت علي بن نجابت علي طبيب مستشفى العسكري إبان حكومة الأتراك قبل قرن تقريباً جاء الحكيم مهاجراً من الهند للمدينة وتزوج بها وأنجب ولده البكر عبد الحق سنة 1300هـ وأخوات ونشأ عبد الحق في كنف والده وتعلم عليه مبادىء القراءة وحفظ القرآن الكريم ولما يبلغ الحلم. وفي تلك الآونة توفي والده ولم يترك لأولاده إلا النذر من المال وبيت سكن صغير فاضطر المذكور للعمل فدخل المحكمة الشرعية كملازم على أمل أن يوظف في أول وظيفة تنحل وبالفعل انحلت الوظيفة وجرت مسابقة بينه وبين ملازم آخر وأجاب عبد الحق على الأسئلة كلها ولكن كانت النتيجة إسناد الوظيفة لمنافسه. كان المذكور يتلقى دروساً بالحرم الشريف على يد العلامة السيد حسين أحمد أول النهار وبعد العصر، وكان قد تزوج فلما يئس من المحكمة اضطر للبحث عن عمل آخر يعيل بها أهله وأخواته، أُشير عليه أن يسافر لمكة المكرمة ويتوظف بالمدرسة الصولتيه الأهلية، وبالفعل سافر لمكة وتوظف بها كمعلم براتب ضئيل يبعث نصفه لأهله والنصف يتعيش به وكان ذلك أواخر سنة 1341هـ وكان الراتب الذي يتقاضاه من المدرسة لا يكفي لمتطلبات معيشته ومعيشة أهله ـ فأشار عليه بعض أصدقائه السفر للهند كما كان يسافر الكثيرون لطلب الرزق ولكن أنّى له أن يسافر والشريف الحسين حظر السفر لأهل المدينة لأن أحد المدنيين ندد في خطبته ـ بالحسين باعتباره باغياً على دولة الخلافة لأن الحسين اتفق مع الحلفاء وقام بثورته المعروفة ضد العثمانيين عام 1334هـ وانفصل عن حكومة الأتراك. إن ذلك الرجل المديني ـ لم يرجع إلى المدينة خوفاً من الشريف لئلا ينكل به ولما دخل الملك عبد العزيز السعود للحجاز رجع المذكور في مستهل عام 1344هـ للمدينة وبقي فيها حتى توفي رحمه الله.
وفي السنة نفسها كان محرر المقال حج فريضته ورغب السفر للهند بترغيب أستاذه ومربيه السيد أحمد الفيض آبادي باني مدرسة العلوم الشرعية فاستنجدت أنا وسميّ عبد الحق بالمنشى إحسان الله الكاتب في دار المعتمد البريطاني بجدة يومئذ فأعطانا جوازين لميتين من الحجاج وقال لنا أن نلبس لباس الحجاج الهنود لئلا يعرفنا مأمور الجوازات بالجمرك وحين مرورنا بقلم الجوازات عرفنا المأمور وكان من أهل المدينة فقال لنا مداعباً ـ ياميان صاحب فبسمنا له مطرقين وركبنا الباخرة وكانت من بواخر الحجاج الراجعين للهند وبعد عشرة أيام من مسيرنا وصلنا لبلدة كراجي فنزلت بها وكنت تعرفت بالباخرة على أحد علماء الهند مولانا عاشق إلهي وكانت وجهته لبلدة سهارنبور وكنت سمعت بالمدرسة العالية بها فذهبت معه فأسلمني لناظرها مولانا وأستاذنا فيما بعد المحدث الشيخ خليل أحمد مؤلف شرح أبي داود، ولما كنت قد أكملت الدراسة الابتدائية والراقية بالمدينة أسلمني المذكور للجنة من مدرسي المدرسة لاختباري وبعد الاختبار وجوابي على الأسئلة باللغة العربية أشارت اللجنة للناظر بانتظامي في سلك القسم العالي فمكثت ثلاث سنوات ودرست التفسير والحديث والفقه والبلاغة والمنطق حتى أتممت النصاب المقرر في أواخر سنة 1344هـ ورجعت للمدينة بعد أن نلت الشهادة العالية من المدرسة المذكورة؛ أما رفيقي الشيخ عبد الحق فذهب إلى بلدة ديونيد بلد آبائه وأجداده وكان أخبرني المذكور بأن أحد أجداده جاء للهند إما غازياً أو تاجراً واستوطن هذه البلدة وأن والده رفاقت علي هاجر من هذه البلدة للمدينة كما قدمنا، ولقي عبد الحق في ديونيد بأستاذه السيد حسين أحمد المدني فأشار عليه بالبقاء لديه وارتأى أن يزوجه بابنة شيخه محمود الحسن شيخ الهند فلم يمانع المذكور فابتنى بها ثم بعثه السيد حسين أحمد إلى بلدة مراد آباد ليدير بها المدرسة العربية فوصل إليها المذكور وكانت متصلة بالمسجد الجامع وأسندت إليه إمامة الجامع أيضاً، وسكن المذكور بأعلا المدرسة فيها وأخذ يدرس ما تعلمه سابقاً بالمدينة على أستاذه السيد حسين أحمد من التفسير والحديث والفقه الحنفي على تلامذة المدرسة المذكورة المتنظمين بها، ومع مشاغل التدريس كان لا يفتأ من نظم القصائد التي تشهد له بطول باعه في الأدب والشعر غير قصائد الغزل التي كان متهماً بها فقط وقد رزقه الله من زوجته هذه أولاداً مدة إقامته طيلة عشر سنوات وكان سابقاً لم يرزق بأولاد من زوجته المدنية وقد جاء المدينة زائراً بعد وفاة زوجته، وبقيت له أخت واحدة أسكنها بمنزله المذكور وكان يبعث لها راتباً من الهند ثم رجع للهند بإشارة أستاذه ومكث بعدها سنتين أو ثلاث توفي بعدها تاركاً أولاده هناك، وجاء من الهند أستاذه السيد حسين أحمد للمدينة زائراً وكان أخواه السيد أحمد والسيد محمود أحمد طلبا منه أن يتصدر للتدريس بمدرسة العلوم الشرعية لكنه أبى ذلك وقال إنه يريد تكميل رسالة شيخه محمود الحسن شيخ الهند وأنه عضو في المؤتمر الهندي الذي يطالب باستقلال الهند وهو ليس من أنصار تقسيم الهند إلى هندستان وباكستان لأن خمس سكان الهند مسلمين يقطنون في الهند وبالتقسيم سيضطر بعضهم للجلاء إذا تسيطر الهندوس على الهند، ورجع المذكور إلى ديونيد ـ ولما تحررت الهند وانقسمت إلى باكستان وهندوستان بقي هو وزملاؤه أعضاء المؤتمر يتقلدون الوزارة وفي مقدمتهم الشيخ أبو الكلام آزاد الذي أول ما تقلد وزارة المعارف وأدخل تعديلات هامة في التعليم وكان زميله في المؤتمر جواهر لال نهرو يعترف بفضله وعلمه وكان أنشأ المذكور جريدة (الجامعة الإسلامية) يكتب افتتاحيتها بنفسه ومن أقلام كبار الأدباء/ قال من قصيدة يشتاق للمدينة ويمدح الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم:
أتخفي هوى سعدى ودمعك هطال
وللشوق ما بين الجوانح إشعالُ
وتنسل عن ذكر الغواني كمن غدا
له دون تذكار الصبابة إشغال
رويدك هل هاجتك ورقاء رامة
لها في دجى الأسحار نوح وإعوال
أم الدار من سلمى وقد دلجوا بها
أثارت لك الأشواق والبين قتّال
غداة لمحت المالكية فاختفت
كما البدر غطته من السحب أذيال
وقد سلمت بالكف تومي فأبرزت
لها معصماً لولا الأساور ينهال
فحاولتها كشف اللثام فأطرقت
حياءً وقالت دون ذلك أهوالُ
وقالت يمين الله لست بنائلي
وإن لم تزل خدريَ بذا اليوم تغتال
فقلت لها وعد وإن لم تف به
أعلل نفسي والمواعيد آمال
فقالت نعم فاسلم ورح واسترح
ولا تطل موقفاً عندي ففي الحيّ أغوالُ
وجاءت تهادى صبح ليلٍ كأنها
غزال يناجي سربه فهو ميهال
وحيّت فما أدري أمن سحر لفظها
سلبت النهى أم كان في التعثر جريال
فأيقنت أن الشمس تشرق في الدجى
وأن الثريا صاغها قبله الآل
وباتت تعاطيني الحديث ولم أزل
يعانقني منها هضيم وعسَّال
إلي دنا الأسفار والليل قد بدا
له من خيوط الفجر ينسج سربال
تنحت وقالت والدموع سواكب
وبعد تلاق والعشية ترحال
فودعتها استودع الله عهدها
وأفرطت في سكب العقيق ولم آلُ
وسارت وقد شدوا المحامل فارتقت
إلى هودج دون الهوادج يختال
فناديتها يا ربة الهودج التي
نأت وهي حقاً في المخيم محلالُ
لئن غاب عن عينيّ شخصك لم يزل
بمرآة فكري من خيالك تمثالُ
فديتك هل لي بعد ذا اليوم نظرة
فقالت بذات الجيش إن تسعد الحال
فأيقنت أن المالكية تفتدى
بوادي الشظى والجيش بالسفح ينهال
خليليّ إما أن وردنا على الشظى
فلي دون جب المالكية إشغالُ
وإن صح في وادي العقيق مقيلها
فيا حبذا سفح به نحن قيّال
وحيَّ الحيا وادي القناة وأهله
وإن لم تكن إلا رسوم وأطلالُ
فتلك ربوع طالما كنت أجتني
ثمار الأماني في حماها وأختال
ربوع سمت فضلاً بساكن طيبة
نبيٌّ له من عالم السر إجلال
أتانا وديجور الضلالة حالك
وللجهل رايات وللدين إهمالُ
فأبصر كل منهج الرشد واهتدى
به وانجلى من ظلمة الجهل قِسطال
وقد خصه المولى بأعلا مكانةٍ
من القرب إذ من دونها الوهم والحالُ
وقال مضمناً البيت المشهور:
كنت من كربتي أفر إليهم
وهمو كربتي فأين الفرار
ولهذه القصيدة قصة فإن الأمير علي بن الحسين كان أميراً للمدينة قلق ذات ليلة لأسباب لم تعلم وأخذ يردد هذا البيت وفي الصباح طلب من شاعره الشيخ عمر كردي أن يضمن له هذا البيت في قصيدة ولم يكن الكردي مستعداً لنظم قصيدة في يومها فاستنجد بشاعرنا عبد الحق فنظم هذه القصيدة وقدمها الكردي للأمير فأجازه عليها ومنح الكردي الجائزة وكانت دنانير ذهبية للشيخ عبد الحق وكانت القصيدة طبق هوى الأمير وهي:
ما لعينيكَ دمعها مدرار
وبخديك لوعة وانزجارُ
هل يد البين جرعتك كؤساً
من سليمى أم هل جفتك نوارُ
أم أثارت لك البلابل ورق
في الحمى قد أهاجها الأدكارُ
روح النفس لا يروعك بين
إنما البين ساعة وتدارُ
ودّع الهم فالنوائب يوماً
تتجلى وللدجى أسفارُ
ليس صدع الفراق يورث هماً
إذ بعيد الديار سوف يزارُ
إنما تصدع الفؤادُ خطوب
ليس ترقى كلومهن جُبار
إنما الرزء أن يكلف حر
خطة لا تطيقها الأحرار
إنما الرزء أن يسام كريم
ذلة ويضام منه نجارُ
أنا من جرعته أيدي الرزايا
أكؤساً ذوب مزجهن مرارُ
كان لي معشراً ألفت أخاهم
لي عهود عليهمو وذمار
كنت أعددتهم لكل مهم
راعني حيث عزت الأنصارُ
كنت أشكو لهم تحامل دهري
فهمو اليوم سيفه البِّتارُ
كنت أعددتهم دروع حروبي
وهمو اليوم للحروب أثاروا
كنت في الخطب ألتجي بحماهم
فغدوا نكبتي فأين أجارُ
(كنت من كربتي أفّر إليهم
وهمو كربتي فأين الفرارُ)
كنت في لوعتي أفرّ إليهم
وهمو لوعتي فأين القرار
نبذوا عهد خلتي ظهريا
وساؤا بي الظنون وعاروا
وطووا للصدود كشحاً وما لي
عنهم اليوم في السلو اصطبارُ
لست أنسى الأخا وإن خفروا لي
إذا الغدر بالكريم يعارُ
فالوفا بالجفا يقابل منهم
ذلك الضيم إن علمت صغار
قسمة تلك في الحقيقة ضيزى
وهي في الدهر للفتى عثيار
ليس في الدهر راحة ترتجيها
إنما الدهر أهله غدارُ
فاحذر الدهر لا يغرك عيش
صفو ذا العيش كله أكدارُ
وقال من قصيدة يشكو فيها الزمان والحال وهي:
إلى كم وأيدي الحادثات بنا تزري
وحتام أسياف القضاء لنا تفري
تحكمت الأقدار فينا فأصبحت
حياض المنايا منهل العبد والحر
وليس بأيدينا مغالبة القضا
ولكن قضاء الله في خلقه يجري
فلله دهركم له من رزيةٍ
بأهليه لا ينسى أذاها مدى الدهر
وقال من قصيدة يستنجد بها علماء المسلمين بما حل بالأمة الإسلامية:
بكم أيها الأعلام يستفتح البر
بكم يزدهي النادي بكم يكمل البشرُ
بكم تكتسي شمس المعارف بهجةً
وأنتم لأفلاك العلا الأنجم الزهرُ
بكم شيد ركن الدين بعد تضعضعٍ
ولاح منار الهدى واستشرق النصرُ
تنفس صبح الشرع عن سنن الهدى
وأدبر ليل الجهل إذ طلع الفجرُ
أزحتم شكوك الملحدين عن الهدى
فلم يبق في العقبى لذي مرية عذرُ
وأيقظتم الأقوام من نوم غفلة
وكانوا أميتوا ميتة ما لها نشرُ
نهضتم لدين الله آية نهضةٍ
لها ذلّتِ الأعداء عمهمو الذعرُ
فأنتم بناة الدين صرتم على هدى
حبتكم الآيات والسنن الغرُ
فما خفتموا في الله لومة لائم
ولا راعكم حيف ولا صدكم زجرُ
فلا زلتمو تحمون دين محمد
بأحياء أثار هي السنن الغرّ
وقال من قصيدة يمدح بها المرحوم أحمد أبو الكلام حينما تولى وزارة المعارف:
لمعاليك في الورى غوغاء
وأياديك كلها بيضاءُ
لك في ركن الثقافة حظّ
قصرت عنه قبلك النبلاءُ
لك في حلبة السياسة شأو
لم تنله من قبلك الوزراء
لك في موقف الخطابة نطق
لا تدانى في غباره البلغاء
قد كساك الإله حلة مجد
وافتخار دانت لها العظماء
أنت أعلى من المديح فماذا
تجتنيه لمدحك الشعراء
أنا لا أستطيع النظم عقداً
من جمان كستها الجوزاء
بيد أني أجني زهور رياض
عبقت من أريجها الأرجاء
باقة من رياض خلق كريم
غرستها له يد بيضاءُ
وإذا أبو الكلام اجتباها
فهي في جبهة الزمان ضياءُ
وها نحن نثبت لك بعضاً من تشاطيره وتخاميسه ومشجراته في شبان زمانه: فمن أحلى تشطيره والأصل لأحمد شوقي:
صوني جمالك عنا إننا بشرٍ
لم نسطع رشق ألحاظ بأعيانِ
وكيف يقوى فؤاد صنع من حمأ
من التراب وهذا الحسن روحاني
قومي اقصدي فلكاً يأوي له ملك
من عالم القدس محفوظاً برضوان
واستشرفي حور دار الخلد قانصة
لا تنصبي شركاً للعالم الفاني
ومن تخميسه والأصل لا أعلم لمن؟
قطعت من المحصب كل واد
فلم أعبأ بغيد بني جيادِ
ومذ ألوى بي الدهر المعادي
نظرتك نظرة تركت فؤادي
صريعاً قد أصيب بفتنتين
قد استعذبت فيك زمان أنسي
واخطأ غاية العشاق حدسي
فسقت هواك كأساً بعدَ كأسٍ
ولما همت فيك وجدت نفسي
معلقة بصدّ أو ببين
ركبت جَواد بني أيادِ
وصفتُ حشاشة من صخر عادِ
فأية هفوة أكبت جوادي
وأي بليّة دهمت فؤادي
يعشق زينته إلي عيني
أقول له وفي قلبي وجيب
ألا وصل لديك فلا يجيب
بليت وفي الهوى أمري عجيب
ومما زاد بلواي رقيب
تداخل بين من أهوى وبيني
وله مخمس والأصل لأحمد شوقي وهذا التخميس غاية في الجودة:
بمرآك تزهو لي حدائق إيناسي
وريقك يُغني عن مناولة الطاس
عن الصَّهباء والورد والآس
تبسم وشعشع لي المدامة في الكاس
فثغرك في ليل الحوادث نبراسي
مدير الحميَّا أكؤس الراح عفتها
وحسبي سكابٍ من دموع ذرفتها
فعاطي الندامى أكؤساً قد صرفتها
ولا تلمس الكاس التي قد رشفتها
أخاف على كفيك من حر أنفاسي
كتمت الهوى دهراً فلا العين تدمع
ولا القلب من فرط الهوى يتوجعُ
ففي مَ وإني لم أكن قط أجزعُ
يقول لي الآسي فؤادك موجع
فمن أنبأ الآسي بفعلك يا قاسي
عصارة تفاح مخدود حفظتها
كؤوساً وقالوا: بنتُ كرم عصرتها
أم أصغي إلى اللاّحي وأكسر دنّها
وينصحني الإخوان به بالخمر أنّها
على أنها تُشفي من الألم الراسي
فلو كان ما في الكاس منضوج كرمةٍ
لما رمتها واللهِ يوماً برشفة
ومذ صح عندي أنها عصر وجنةٍ
فها أنا استشفي بها كل ليلةٍ
ألم تراني أتبع الكاس بالكاس
فأصل سقامي منه حمرة وجنةٍ
يصفحها في القلب مني بجمرةٍ
على أنني أشفي بها فرط لوعةٍ
وأعجب من نفسي ودائي ومهجتي
أعالجه بالخمر ترقى إلى رأسي
وله مشطراً:
في صدرها كوكبا در كأنهما
حقان من ورق بالمسك مُختتم
والخال ينبيك أن الوجنتين هما
ركنان لم يدنسا من لمس مستلم
صانتهما بشعور من غدائرها
عن كف ملتمس أو ثغر ملتثم
حتى استحلا دم العشاق واعتصما
فالناس في الحل والركنان في الحرم
وله مشطراً:
لما سألت حبيبتي معنى الهوى
قالت جوى في أضلع المشتاق
فسألتها عما يبل أواره
ألوت عليّ بضمة وعناق
وتنهدت وجوابها قد كان لي
بتحرق فاضت له آماقي
وعلمت سر غرامها بمقالها
هذا الهوى في مذهب العشاق
ومن مشجراته في شباب زمانه وقد توفي أكثرهم إلاّ القليل.
حما دين الغرام بناظريه
وأتلفني بصارم مقلتيهِ
مليك شن بالألحاظ حرباَ
قِران قد سطا من حاجبيهِ
أباد جيوش صبري حين ولَّى
يؤرقني بليل ذؤابتيهِ
دعوه يسلَّ في العشاق سيفاً
لننظر من غداً يقضي عليهِ
يواري تحت ليل الشعر قتلي
فتفشيه شقائق عارضيهِ
حوى جل المحاسن فاستعارت
رياض الورد حمرة وجنتيه
وحوَلي في الجمال بكل معنى
لأن الحسن مبذول لديه
كوى قلبي فأسبلتا عيوني
لتطفي ناره حذراً عليه
يحدثني فأغضبه لأني
إذا ما اغتاظ ألثم راحتيه
* * *
وهنا نكتفي بما أوردنا من قصائد وتشاطير وتخاميس وأحد المشجرات، رحم الله الشاعر ورحمنا إذا عدنا إليه...
 
طباعة

تعليق

 القراءات :3647  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 102 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.