شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الشريف الشيخ محمد العربي بن رشيد
من أعلام المدينة المنورة
يندر أن تجمع من شخص واحد تلك الخصال النبيلة التي اجتمعت في الشريف محمد العربي، فهو نسيب عالم ورع زاهد عفيف كريم كل ذلك يزينه خلق سمح أجمع أصدقاؤه وتلاميذه على تزكيته والترحم عليه.
ولد رحمه الله في بلدة (مدغره) من مقاطعة تافلال في المغرب الأقصى وهي مقاطعة يسكنها الأشراف أبناء علي الذين ينتمون إلى محمد بن عبد الله بن الحسن الملقب بالنفس الزكية. ومقاطعة تافلال داخل المغرب تحدها الصحراء الجزائرية هاجرت أسرته خشية من الفرنسيين وفسقهم إلى المدينة المنورة وهو بعد طفل في بداية التعليم والتثقيف، وفيها تلقى تعليمه مبتدئاً بحفظ القرآن الكريم بكتاب الشيخ الطرودي رحمه الله، وبعد أن تحصل على طرف من العلم وأتم التجويد وحفظ شيئاً من المتون في المسجد النبوي وعلم أن الرحلة إلى العلم سنة مأمور بها، رحل إلى المغرب والتحق بجامعة القرويين ببلدة فاس وأخذ يجد ويجتهد وينتقل من عالم إلى عالم آخر لتحصيل أنواع العلوم وشتى الفنون كما ينتقل العصفور من شجرة إلى شجرة يبحث عن الثمرة الجنية الناضجة. وبهذه الروح الوثابة والطموح الفذ أدرك ما ينبغي ونال ما يشتهي.. ثمان سنوات قضاها في تلك الجامعة الكبيرة لم تفتر له همة ولم تقعد به عزيمة. ولما رأى نفسه قد أستوعب علماً بما يؤهله التجارة الرابحة إلى طيبة الطيبة الغراء يعرضها على طلاب العلم فيتلقفها منه الطلاب في منزله وفي مدارس الحكومة والمدارس الأهلية والمسجد الشريف، ومع ذلك هو لا يضع بما عنده من علم بل يستزيد فكلما سمع بعالم من العلماء الأفذاذ يدرس علماً أو أدباً رأيت الشريف العربي على رأس الحلقة وكله وعي وإدراك لا ينقطع عن المسجد في جميع الأوقات ولا يفارق الكتاب ولا يترك القلم، وكانت أغلب دروسه الفقه المالكي والتوحيد السلفي والتفسير والحديث وكان له ولع بدروس اللغة العربية من صرف ونحو وبلاغة وأدب، له رحلات للعلم والتجارة إلى مصر والشام وتركية وقد نال إجازات قيمة من كثير من العلماء في الأقطار يزورهم في بلادهم ويقابلهم في المدينة المنورة، وفي الحرب العالمية الأولى رحل إلى دمشق ضمن من رحل إليها من سكان المدينة ورحل إلى تركية أيضاً وعاد للمدينة وعين في مدارس الحكومة مدرساً ممتازاً وكان رحمه الله له عناية خاصة بتربية ابنه السيد أحمد العربي فأحفظه القرآن مجوداً ولقنه العلم بالمسجد والمدرسة والكتاب في يده أو اللوح حتى استوعب السيد أحمد كثيراً مما عند والده ثم ذهب به إلى القاهرة وألحقه بالأزهر فدرس به عدة سنوات حتى نال الشهادة الثانوية ثم التحق بدار العلوم العليا فنال شهادتها بتفوق ثم أصبح مديراً للأوقاف العامة بعد أن كان عضواً بمجلس الشورى ومديراً لمدرسة البعثات. وكان السيد المترجم له كاملاً خلقاً وخلقاً أبيض اللون خفيف العارضين ضامر الجسم بين الطول والقصر هادي المشي له عينان عسليتان يطل منهما الذكاء والفطنة والسماحة والعفة، عظيم النفس صبوراً على العبادة وطلب العلم إذا حضر مجلساً زينه، لا يتصل بالناس إلا لماماً، يقابل السيئة بالحسنة، طيب السيرة عف اللسان، سلم المسلمون من لسانه ويده انتقل عام سنة 1354هـ من المدينة إلى مكة حيث تفرغ للعبادة وانقطع للتبتل إلى أن وافته المنية في 13 القعدة سنة 1358هـ ودفن في تربة المعلاة عن عمر يناهز السبعين تغمده الله برحمته ورضوانه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :887  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 75 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.