شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحج تعارفٌ وتآلف بين المسلمين
وذكرياتٌ أدبية قديمة
من المعلوم لدى المسلمين أن الحج خامس أركان الإسلام لمن استطاع إليه سبيلاً وإن كان الكثير منهم لا يطبق شرط الاستطاعة المقرر شرعاً، فنرى بعضهم فقراء لا يملكون غير تذكرة لركاب في باخرة أو سفينة أو أجر سيارة وبعض دراهم معدودة لا تكفي مصرف معيشته مدة إقامته بموسم الحج، وقد نرى من يتسول أيضاً. وأكثر الحجاج نراهم قد تعدوا سن الكهولة، والقليل من الشباب من يحج في بداية عمره والمستطيعون حقاً هم إخواننا الإيرانيون الذين ينفقون في بسطة حتى من العيش يترفهون في مسكنهم رجوعهم بهداياهم الثمينة، وبعض الحجاج يأتي ببضاعة طيبة، كالطنافس والعود والزعفران والبسط، فيكسب منها، وليس في ذلك من حرج لقوله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ (البقرة: 198).
والكثير من أعمال الحج كالطواف، والسعي ورمي الجمار أفعال تعبدية وقد عرفنا بعض فوائد بعضها وحكمتها والبعض لم نعرفه بعد وإن بين بعض العلماء حكمتها خذ مثلاً قول عمر رضي الله عنه لما أراد تقبيل الحجر الأسود: (إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) فقال له بعض الصحابة: (بلى إنه ينفع فيشفع لمن قبله وأنه من أحجار الجنة، نزل مع أبينا آدم.. إذا صحت هذه الرواية. كما أن وجه المرأة يجب كشفه خاصة في الحج مع أنه عورة (1) وكانت المرأة في الجاهلية تطوف مكشوفة سومتها وتنشد قائلة:
اليوم يبدو بعضه أو كله
وما بدا منه فلا أحله
على أن هناك أشياء كان الرسول صلَّى الله عليه وسلم قد هم بتغييرها لو مد في عمره كما جاء عن أم المؤمنين رضي الله عنها من قوله صلوات الله عليه: لولا حدثان قومك بالجاهلية لجعلت للكعبة باباً شرقياً وباباَ غربياً وأدخلت الحجر في الكعبة.. وقد أراد بعض الخلفاء بناءها من جديد بإدخال الحجر وفتح بابين واستفتى بعض علماء وقته فلم بفتوه وقالوا: (لا تتخذها لعبة بعدك للملوك والسلاطين) فكف عن ذلك.
وبعد هذه المقدمة نعود إلى صلب مقالنا: (الحج تعارف وتآلف) فأقول آسفاً إن أكثر الحجاج لا يفهمون معنى هاتين الكلمتين وقد يتبرم بعضهم ويتورم لو أخذ أحدنا يسأل عن أحوال المتميز منهم بالوجاهة والمعرفة.
ذكر لي أحد تلامذتنا وكان يدرس الإنكليزية في تلك الأيام قال: (كنت بالحرم الشريف فراقني أحد الحجاج الذي كان يضع نظارة على عينيه، أنيق الهندام من أهالي جنوب إفريقية فمددت يدي له قائلاً: (كود مورننك هواريو) بمعنى: (صباح الخير كيف الحال) فجذب يده مني وهب في كأني متسول فقمت عنه مكسوفاً.
ذكريات أدبية قديمة
ذكرني قول الطالب هذا أياماً قديمة كانت قبل نحو نصف قرن تقريباً 1347هـ كنا نتوق إلى الاجتماع مع الأدباء وفضلاء الحجاج ونطرح السؤالات الأدبية للنهضة العلمية وقد سبق أن أتخذ كاتب هذه السطور (نادياً للمحاضرات) في بهو المدرسة الناصرية لإلقاء المحاضرات الأدبية والعلمية وكان من أعضائه النابهين صديقي زميل المدرسة والمهنة السيد عثمان حافظ (2) والأستاذ محمد حسين زيدان (3) والمربي الفاضل أحمد بشناق (4) وغيرهم فنجتمع كل ليلة جمعة ونلقي المقالات الشيقة في العلم والأدب والأخلاق، كما أن صديقي وزميلي الأستاذ الكبير عبد القدوس الأنصاري (5) أتخذ نادياً ليلياً للمحاضرات لهذه الغاية وسماه هو وزملاؤه (الحفل الأدبي للشباب العربي السعودي المتعلم) وكان من أعضاء هذا النادي المرحوم الفاضل السيد أحمد الخياري (6) والأديب المجاهد المرحوم أحمد رضا حوحو) أو القارىء المعروف السيد أسعد الحسيني وغيرهم وأول من شرف نادينا هو رائد الأدب الأول في المملكة المرحوم الشيخ محمد سرور الصبان. وكان أول معرفته بشباب وأدباء المدينة في دار الصديق الأستاذ عبد القدوس الأنصاري حيث دعاه ودعا لفيفاً من الأدباء إلى حفل عشاء وذلك عند عودة محمد سرور من الرياض هو ومحمد الطويل.
وممن احتفل بهم نادي المحاضرات من كبار الأدباء: الشاعر فؤاد شاكر رحمه الله.. وكان من احتفل به نادي الحفل الأدبي الشاعر المرحوم علي أحمد باكثير رحمه الله وتدرج الناديان بدعوة أعيان الحجاج من الأدباء والعلماء حتى الزعماء منهم.
أما اليوم فهناك (الرابطة الإسلامية) التي جمعت فأوعت من كبار العلماء والأدباء والساسة المخلصين من المسلمين يتصلون بكبار الحجاج وقادة المسلمين كل ذلك بإيحاء مليكنا المحبوب حامي الحرمين والعرب والمسلمين فيصل بن عبد العزيز الداعي إلى الله وإلى التضامن الإسلامي والمجاهد في سبيل الله لإعادة فلسطين إلى حظيرة الإسلام. ومن حظ جمعية الرابطة أن يكون على رأسها الرجل الصالح الشيخ صالح القزاز المشهور بمكارم أخلاقه وفضله.. وللرابطة المذكورة فرع بالمدينة أيضاً بيد أنه يحتاج إلى أعضاء يقومون بالدعوة والإرشاد لدى أعيان الحجاج وعلمائهم.
هذا وإني أهيب بحجاج بيت الله الحرام، أن يتعرفوا بأخوتهم من الأقطار الأخرى وخاصة سكان الحرمين من العلماء والفضلاء أنا لا أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1420  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 67 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثالث - النثر - مع الحياة ومنها: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج