شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((ملامح المستقبل العربي كما أتخيلها!))
مستقبل الأمة العربية في وسط هذا الضجيج الكارب، من أحداث العالم المضطرب المائج الهائج ـ هو أمر هام ينبغي أن تعنى به الصفوة من رجال الفكر العربي.. فتقدم فيه آراؤهم لأمتهم على موائد صحافتهم الرائدة الراشدة.. حتى يستطيع كل منهم أن يحدد موقف أمته من الأحداث الحاضرة ومن المستقبل القريب. والبعيد على السواء..
فإن استبان موقف العرب الحاضر على هدى يستطيع أبناء العالم العربي عندها أن يحددوا معالم مستقبلهم وأن يكيفوه بحيث يكون وضاءً باسماً بالقوة والإشراق والنماء والتضامن والسير إلى الأمام في قوة خارقة واحترام شامل.
هذا هو ما حدا المنهل على أن يجعل استفتاءه لهذا العام هو هذا الموضوع الشيق موضوع الساعة، ويرى القراء في ما يلي آراء السادة الكتّاب متسلسلة حسب ورودها إلى رئاسة التحرير:
رأي الأستاذ عبد الحق النقشبندي
هذا الاستفتاء الذي وجهته إدارة مجلتنا المنهل الغراء لهو اختبار دقيق لمعرفة ما يكنه كل مفكر عربي ويرجوه لخير أمته وبلاده، وإني وإن كنت تركت التحرير والتحبير منذ زمن طويل وركنت للتقاعد بعد خوض معترك الحياة، فقد أبى علي صديقي الأستاذ الأنصاري حينما تلطف وزارني بالقاهرة إلا أن ينزلني طوعاً أو كرهاً لحلبة هذا الاختبار محبباً إلي أن أجتر ذكريات الصبا ونشاط الشباب وهأنا ألبي طلب الأستاذ وإن كنت لست من فرسان هذا الميدان اليوم.
إن الأحداث التي مرت بنا نحن أبناء ما قبل الحرب العالمية الأولى منذ قيام الاتحاديين وإطاحة عبد الحميد ونشوب الحرب العالمية الأولى وانهزام قوى الائتلاف أمام دول الحلفاء وثورة الحسين بن علي وزوال الحكم الهاشمي باستيلاء القوات السعودية على الحجاز وقيام دويلات عربية تحت سيطرة الاستعمار ثم قيام الحرب العالمية الثانية ومشاهدتنا لأهوال الحربين وما قاسيناه من لأواء الحصار التركي، والحصار السعودي في بلدتنا (المدينة المنورة) قل أن تجتمع لجيل كجيلنا المخضرم الصائر إلى حسن الختام إن شاء الله.
إن الاستفتاء المذكور أعلاه لم يتطرق لماضي أمجاد العروبة أو حاضرها بل حدد بالضبط ملامح المستقبل العربي، وهنا لا بد لنا من نظرة عابرة على الحاضر لربطه بالمستقبل فأقول إن هذا الحاضر إن بشر في بعض جوانبه فهو ينذر بالشر في بعض جوانبه الأخرى وعفا الله عن فيلسوفنا العربي ابن خلدون في مقولته المشهورة (لا تقوم للعرب قائمة) وهو لم يقلها جزافاً إلا بعد أن عرك الأمور بنفسه وعرف من طبيعة العرب والبربر ما لا نعرفه وشاهد الفتن والقلاقل التي أودت بالدولة العربية في الأندلس، ولكننا اليوم وإن لم يقاتل بعضنا بعضاً إلا أن كلمتنا ما زالت متفرقة لا يجمعها إلا الاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله لقوله تعالى: وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ (آل عمران: 103) ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما صلح به أولها.
أخي العربي! إنك ترى بعض الدول العربية قد نفض عنه غبار الجهل والخمول وبرز في ميادين العلوم والصناعات الثقيلة، فضلاً عن تقدمه في الإصلاح الزراعي والنشاط الثقافي والتعاون الاجتماعي، بينما ترى بعض الأقطار في بؤس من العيش والجهل العميق كما ترى البعض متخماً بالمال والثراء الفاحش والبعض في بحبوحة من العيش الهنيء من جراء البترول (الذهب الأسود) الذي أفاء الله به علينا لإصلاح أمورنا وإعداد العدة لأعدائنا المتربصين بنا لتفريق كلمتنا وتمزيق شملنا وهذا البترول هو بمثابة الدم الحر الذي يتدفق من قلب عروبتنا، فلزام علينا أن نريقه في مشروعات التصنيع والعمران.. أليس من العار يا أخي أن عجزنا عن صنع إبرة أو اكتفينا بمحصولنا من الشعير أو الذرة أو سترنا عوراتنا بنسيج من الخيش فكيف بنا ونحن نركب السيارات الفاخرة ونأكل ما لذ وطاب ونلبس الدمقس والحرير وتناسينا المقولة (اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم) وهذا ما أشار إليه ابن خلدون بأن سبب زوال العزة هو الانغماس في الشهوات ونبذ للبطولة والفتوات حتى يغلبهم العدو ويمزقهم شذر مذر وأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فلقد أصبحنا يا أخي عالة في أقواتنا ومعاشنا ولباسنا وسلاحنا فأين استقلالنا الاقتصادي وأين استقلالنا الصناعي وأين اكتفاؤنا الذاتي لنضع هذا المنظار الأسود القاتم ولننظر إلى ملامح المستقبل العربي بمنظار الأمل والرجاء فماذا ترى أو كما أتخيلها:
اتحاد وحلف وميثاق تعاون وتضامن بين الدول العربية ووقوفهم صفاً واحداً كالبنيان المرصوص أمام كل نازلة تنزل بالعرب والإسلام مع احترام وضع كل دولة وبغير مس باستقلالها الذاتي وكيانها الاقتصادي حيث ظهر أن فرض الوحدة بالقوة قد يؤدي إلى تفتيتها، وحسبنا اتحاد في الأهداف اتحاد في الغايات، اتحاد في المثل العليا، اتحاد في ميادين العلم والثقافة والفنون والصناعة، اتحاد في التجارة، اتحاد في الدفاع، اتحاد في السياسة الخارجية وقد تجلت هذه الأهداف والغايات في جامعة الدول العربية بعد:
1 ـ تنسيق وتعديل ميثاق الجامعة بأن أصبحت جميع قراراته تصدر عن إجماع وموافقة من جميع الأعضاء ولم يكن هناك سيطرة لدولة من الدول على باقي الأعضاء وأصبح التفاهم أساساً لفض جميع الخلافات والنزاعات.
2 ـ يرتبط بالجامعة جيش منظم من جميع الدول العربية للدفاع عن كيان كل دولة عربية من أي عدوان كان من الاستعمار وأعوان الاستعمار ولرد الأقطار السليبة من مغتصبيها وفي مقدمتها فلسطين العزيزة، ونواة هذا الجيش الذي ذهب للكويت لنصرته وتأييده في استقلاله.
3 ـ تكون حصيلة 10% من جميع الدول العربية لصرفها على بعض الأقطار المتخلفة وفي مقدمتهم لاجئو فلسطين أن يمر عليهم جلادوهم ومخرجوهم من ديارهم من دول الاستعمار.
4 ـ مشروعات كبيرة في كل دولة عربية للزراعة والري والتصنيع والإعمار ومعامل الذخيرة والسلاح، ويكون هناك امتداد لنهري دجلة والنيل في شكل أنابيب ضخمة تروي الأقطار العربية المجاورة قدر الإمكان وبذلك يتجلى التعاون والإخاء.
5 ـ مواصلات عامة بين الأقطار العربية والإسلامية ابتداء من الباكستان مارة بإيران والبلاد العربية حتى مراكش للمحيط الأطلسي.
6 ـ أسطول بحري يمخر المحيطات وأسطول جوي يرتاد الفضاء إلى جميع القارات، وبذلك نصبح كالجسد الواحد مصداقاً للحديث الشريف المسلمون في تعاضدهم وتساندهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى أو كما قال:
وهنا أختم مقالي بأبيات تذكرتها وكنت نظمتها منذ عشرين سنة في هذا المعنى من قصيدة:
يا لقومي حسبكم من ذا الشقاق
فتعالوا لاتحاد واتفاق
وأزيلوا كل ((فرق)) بيننا
فكفانا نصطلي نار الفراق
كم صبرنا وانتظرنا فرجاً
بيد أن الصبر مر في المذاق
كونوها (وحدة عربية)
من ربى صنعا إلى أقصى العراق
* * *
قد سئمناها حياة مرة
وارتضينا العهد والموت الزؤام
فممات لخلاص ونجاة
أو حياة في التئام وانتظام
يا شباب اليوم زهر الأمل
جد في السير لدرء العلل
فمصاب العرب أضحى بيننا
كل يوم والفيافي جلل
فبكم قد عقدت آمالنا
نرتجي عزا ورتق الخلل
أنتم الذخر المرجى وغدا
سنراكم (أمة المستقبل)
 
طباعة

تعليق

 القراءات :672  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 59 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثاني - النثر - حصاد الأيام: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج