شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ عزيز ضياء ))
ثم أعطيت الكلمة للأستاذ عزيز ضياء حيث قال:
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وددت أن أقول: إن ابني عبد المقصود قد ورطني شر ورطة جربتها خلال العشرين سنة الماضية على الأقل.. وهو لم يقصد في هذا التوريط بالإِساءة إليّ.. أو تبديد أوقات السادة المستمعين، ولكن الجلسة التي جلسناها تلك الليلة.. ووجد من تحدث عن الغزو الفكري في العالم العربي أو العالم الإِسلامي، ووجدت نفسي أقول: ليس هناك هذا الغزو الفكري، ودار حوار بيني وبين من لا أستطيع أن أتذكره الآن، وانتهى الأمر إلى اقتراح عبد المقصود أن يقيم ندوة لهذا الغزو، أو للحوار حول الغزو الفكري. ولأكن صريحاً مع نفسي ومعكم.. وأميناً مع نفسي ومعكم، إذ لو أردنا أن نتكلم وأن نستوعب موضوع الغزو الفكري استيعاباً - لا أقول أكاديمياً وإنما معقولاً مبنياً على قواعد المنطق.. مقدمات ونتائج - لاستلزم الأمر أن أفرغ للموضوع فترة من الزمن لا تقل عن ثلاثة شهور، أخرج منها بمدونات تعتبر رؤوس أقلام فقط وليست في شكل محاضرة أو كتاب، ثم آخذ رؤوس الأقلام هذه وأُعْنَى بتدوينها وبصياغتها صياغة معقولة، لأخرج بكتيب أو محاضرة أو بشيء ما يمكن أن يسمى نقاشاً أو حواراً حول الغزو الفكري.
- فالواقع إني جئتكم الليلة وأنا أضع يدي على قلبي خوفاً من هذه الورطة الشرسة. كما ينبغي أن أقول بأني أجد نفسي بين هؤلاء الأفذاذ العباقرة الكبار الأدباء والمفكرين، وكل منهم يحمل نفس الرأي، أو أكثرهم يحملون نفس الرأي الذي طرحه الأستاذ الصديق عبد الله بلخير، وهو: أن الغزو الفكري حالة واقعة وقائمة منذ قرن من الزمان أو منذ أكثر من قرن من الزمان.
- الواقع أني أنا من وجهة نظري لا بد أن أناقش الأستاذ بلخير من زوايا كثيرة لعله لا يؤاخذني إذا قلت إنه ليس خلط، إنما فرق بين التبشير بالمسيحية وبين الحروب الصليبية، ولعله نسي أنها بدأت.. أو هكذا أعلم منذ الحروب أو منذ ديوان التفتيش الذي أنشأته أسبانيا في أعقاب هزيمة أو انتحار أو تدهور الأندلس - العرب في الأندلس - يبدو لي أن الصليبية بدأت منذ ذلك الوقت والتفت المسيحيون إلى حقيقة أن هؤلاء كانوا في طريقهم إلى الهزيمة وخروجهم من الأندلس، إلا أنهم الجرثومة في نظرهم التي ينبغي أن تستأصل ليتاح للغرب أو ليتاح للمسيحية والنصرانية أن تنتصر، وأن تمد رواقها في العالم.
 
- الواقع أن الأندلس كان نقطة انطلاق كبرى وهائلة في حياة.. أو في الصليبية، وتتابعت الحروب.. ولا أستطيع كما يستطيع الأخ عبد الله بلخير أن يسرد كل هذه المعلومات التاريخية الكبيرة، ولكن معروف أن الحروب الصليبية ظلت تتوالى وتتلاحق، ومعروف كذلك ذلك الفتح الذي فتحه الانتصار الذي انتصره صلاح الدين وما تلا ذلك من هزائم.. إلى آخره.
 
- هناك فرق بين ما أفهمه من الغزو الفكري وبين حركة التبشير والحروب الصليبية، وكذلك هناك زمن بين الغزو الفكري وبين الاستعمار وأغراض الاستعمار. بالنسبة للرجل المريض الذي هو تركيا.. الذي هو الخلافة العثمانية، في الواقع هناك الكثير الذي ينبغي أن يقال، ولكن لا جدال في أن الخلافة العثمانية استطاعت أن تحمل راية الإِسلام هذه القرون الستة، وأن تهز أوروبا من أولها إلى آخرها بفتوحاتها، وأن تجعل تلك الراية تشرق وترفرف، ليس فقط من الخليج إلى المحيط وإنما من أقاصي أوروبا إلى الجزائر وإلى المغرب. لا حاجة بنا إلى أن نتحدث عن حقيقة ما قدمته الخلافة العثمانية في حياة المسلمين.. هم كانوا في جميع مراحل تاريخهم أمة محاربة وقوية وقادرة على النضال والصراع، ويتوفر فيها عناصر الشجاعة إلى جانب الإِيمان العميق عند الذين كانوا يقومون بالفتح. ولكن ظل هناك شيء ينقصهم وينقص الحركات الإِسلامية كلها، وهو: الالتفات إلى ما يمكن أن يطور الحياة ويطور حياة المسلم وعقل المسلم، ويفتح له السبيل إلى ما انتبهت إليه أوروبا وأخذت تعمل لتحقيقه، فكادت أوروبا هذه الدول المتطورة ومنها أميركا، - لأننا نعلم أن الأميركيين الموجودين في أميركا هم في الواقع المشردون من أوروبا - أن تفعل شيئاً كثيراً في الحياة وأن تفعل شيئاً كثيراً للحضارة، ولا أعني بالحضارة الزخارف ولا المباني الجميلة ولا الصور، وإنما أعني بالحضارة هذا الزخم العجيب، هذه القدرة على أن تفرض نفسها على العالم كله.
 
- الحديث يطول، والأستاذ عبد الله بلخير الواقع طرح نقاطاً كثيرة، كل منها يستحق أن يقيم له ابني عبد المقصود ندوة.. وكان الله في عونه، ولا بد أن يقيم هذه الندوات حول كل نقطة من هذه النقاط التي أثارها الأستاذ عبد الله بلخير.
 
- نعود إلى موضوع الغزو الفكري.. قلت إني أحتاج إلى ما لا يقل عن ثلاثة شهور أجمع فيها رؤوس أقلام للموضوع، ثم أصوغها في كتاب أو كتيب أتحدث فيه عن وجهة نظري شخصياً بالنسبة لما قرر الأستاذ بلخير ويقرر معه كثيرون أن هناك غزواً فكرياً يجب أن نقاومه.. لعلي أوجه سؤالاً أطلب عليه جواباً محدوداً بدقة من الأستاذ فراج مثلاً.. أو من الأستاذ بلخير، أو ممن يشاء أن يتكلم في الموضوع.. ما هي الأمثلة - باستثناء التبشير، وباستثناء الحروب الصليبية، وباستثناء الغزو، وباستثناء كل الأحداث التاريخية التي تفضل بها الأستاذ بلخير.. باستثناء كل هذا - هل يستطيع أحد أن يضرب مثالاً لما نطلق عليه أو نسميه غزواً فكرياً.. في حياتنا اليوم أو في حياتنا قبل خمسين عاماً أو منذ قرن من الزمان كما تفضل وطرح الأستاذ عبد الله بلخير..؟ لعل الأستاذ أحمد فراج يتفضل بإعطائنا مثالاً أو أمثلة تضيء الساحة وتضيء الفكرة لما يسمى أو لما يسميه هو ويسميه الآخرون من أصدقائنا وأبنائنا وعلمائنا، وعلى الساحة العربية كلها وليس فقط في هذا المكان غزواً فكرياً.. ماذا يقصد بهذا على التحديد؟ أعطني مثالا أو اثنين أو أقل أو أكثر...
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :797  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 159 من 187
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.