(( كلمة معالي الشيخ عبد الله بلخير ))
|
ثم أعطيت الكلمة لمعالي الشيخ عبد الله بلخير فقال: |
- بسم الله الرحمن الرحيم، الواقع أن الموضوع لا يقدم على بحثه إلا رجل شجاع.. فهو موضوع خطير، كان موضوع القرن الحاضر بأسره من مستهله إلى اليوم، والصحافة العربية والمصلحون العرب من جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، ثم بعد ذلك من جاء بعدهم من الشيخ ابن باديس من الجزائر، والشيخ الإِبراهيمي في الجزائر أيضاً، ثم مشايخ الأزهر كلهم، ثم علماء المسلمين في كل مكان، لا حديث لهم إلا هذا الغزو والذي كان واقعاً في هذا القرن من مستهله ولم يكن جديداً على القرن، لأنه كان ممتداً من القرون السابقة كأثر من آثار الحروب الصليبية، والعالم العربي كما هو معروف لدينا والعالم الإِسلامي.. كان تحت الاستعمار في خلال هذا القرن من أوله ومن أواخر القرن الذي قبله، في بلاد الهند وفي بلاد السند وفي بلاد أندونيسيا وفي الفليبين.. مثلاً ولنبدأ بها لأنها حديثة العهد الآن. |
- فقد كانت دولة إسلامية كاملة 100% لم يوجد فيها أي إنسان غير مسلم، ثم بعد ذلك بدأت الحملات البرتغالية في الأول عندما وصل المكتشفون والغزاة كما قلنا إلى هناك.. جاء بعدهم الأسبانيون، جاء بعدهم الأميركيون، ثم جاء بعد ذلك الاستقلال، وجاء الفليبينيون الموجودون الآن. الشعب الفليبيني بعد أن ارتد عن الإِسلام، وأصبح دولة مسيحية بعوامل التبشير. أندونيسيا في نفس الوضعية، ولو أنها قطر إسلامي عظيم جداً، ولكن بدأ به الغزو يكثر وبدأ يستحرُّ. |
- الموضوع طويل ولا نستطيع حصره من زاوية معينة. نجد أوروبا مثلاً.. أنشأت مدارس تبشيرية، وأنشأت جامعات، وأنشأت جمعيات، وتضافرت هذه كلها على أن تجتذب الشباب في العالم الإِسلامي. هي لم تجعل هذا للعالم الإِسلامي وحده، إنما جعلتها لشباب العالم بأسره، إنما كان المقصود من ذلك أن تكتسب من الناشئة الإِسلامية العصرية الحديثة الشباب المتفتح، وتحبب إليهم نوعاً من التمرد والخروج على ما كان الناس عليه. |
- الجمعيات التي قامت في أوروبا الشرقية - مثلاً نبدأ بتركيا – هذه هي أعظم حاجة بالنسبة لنا، والدولة العثمانية والجمعيات الطورانية الموجودة فيها أو تركيا الفتاة. ثم بعد ذلك ظهرت في بلغاريا وفي رومانيا وفي بولاندا وفي يوغوسلافيا وفي الجبل الأسود وفي ألبانيا.. جمعيات مختلفة كلها تدعو إلى العنصرية.. لا أريد أن أسميها لكيلا ندخل في متاهات بين القومية أو بين الإِسلام، إنما كانت الجمعيات كلها تهدف إلى أن نحطم هذا الهيكل العظيم الذي يسمى الخلافة الإِسلامية، الذي عرفته أوروبا معرفة كاملة وذاقت منه الأمرين، والذي وصل مرتين إلى حدود أو إلى أسوار مدينة فيينا، أعظم عاصمة في أوروبا في تلك الأيام قبل باريس وقبل لندن وقبل روما.. |
- فالغارة الفكرية والصليبية التي نزلت بالعالم الإِسلامي عامة وبالعالم العربي.. إذا أخذنا المغرب مثلاً.. نجد أن المغرب إلى أمس الذي استقل فيه سنة 1960م أو 1961م أو 1962م. الجزء الأكبر منه أخذته فرنسا على حدود وجدة والحدود الجزائرية، والقسم الأكبر في الريف أخذته أسبانيا عبر الخليج وعبر طنجة إلى آخره..، القسم الجنوبي أخذه الفرنسيون الذين كانوا في موريتانيا.. فهذا قطر واحد جُزئ إلى مثل هذه الأجزاء المعروفة.. حديثاً وبالأمس القريب دخلت فرنسا إلى لبنان وإلى سوريا وأنشأت فيها (5) دول، منها: دولة صغيرة تسمى اللاذقية، أنشأت لها طوابع وأنشأت لها حكومة وعين لها ضابط كبير برتبة رئيس، وفردت هذه الرمانة المكتظة وتناثرت حباتها. |
- إن أوروبا منذ الحروب الصليبية وهي تعمل ليلاً ونهاراً لتفتيت هذه الكتلة، لأنهم أعلم منا بأنفسنا.. هم يعلمون ما في هذه المساحة العظيمة جداً من غانا إلى فرغانة، الإِمكانات الإِقتصادية، والإِمكانات الإِنسانية، والإِمكانات السياسية.. ولا يمكن أن تمر طائرة على أي جزء من جزء من العالم إلى جزء آخر إذا لم تمر بالعالم الإِسلامي.. في جنوب روسيا معروفة الدويلات التي كانت مستقلة في داغستان وفي بخارى وفي جبلة في القرم وفي البحر الأسود.. وفي غيرها من هذه الدول الموجودة في جنوبها وفي سيبيريا.. هذه الدول فتتت أيضاً في مطلع هذا القرن واحتلها الروس، ولم يكونوا في أول القرن أو في الثلث الأول من القرن على جرأة من أن يحتلوا هذه الدول لأن المهابة الموجودة للإِسلام وللمسلمين عبر الحدود الصليبية وعبر البعث الإِسلامي، الذي وصل إلى كل مكان جعلتهم دائماً يترددون، ولم يكونوا في تلك الأيام قادرين على التحدي، وإنما وحدهم إلى الدعوة إلى إبادة وإزالة العالم الإِسلامي عقدة لاصقة بكل غربي مهما حاول أن يتخلص منها لا يستطيع لأنها موجودة في عقله الباطن، وهي الكره للون الأسود. |
- سألت أوروبياً قلت له: يا أخي لماذا أنتم.. أعداء للجنس ذي اللون الأسود، تحرمونه في بلادكم وتعاقبونه عليه؟ قال لي: أنا لا أقدر أن أحلل لك الأمر، لكني أقول لك إنه إذا جلست على طاولة في مطعم وفيها أسود لا أستطيع أن أتناول طعامي. هذا من ناحية الجنس ذي اللون الأسود. وباعتبار أن العالم الإِسلامي ملون، وهم على هذه الناحية يجعلون هذا فوق هذا. فالعقدة الموجودة عندهم هي: كيف يمكن أن نحول دون هذا العملاق المخيف.. العالم الإِسلامي؟ نحن نختلف الآن.. هل يمكن أن يقوم العالم الإِسلامي مرةً أخرى بما قام في أوله، وهل يمكن أن تتجدد النهضات بحيث إنَّه إذا قامت نهضة في أي قطر من الأقطار.. تقوم بعد ذلك وثبة ونهضة عظمى مساوية للأولى، أو قد تكون مساوية لها، أو تكون أكثر منها؟. |
- هذا فيه اختلاف. يقول البعض: إن النهضات أعمار والشعوب التي فرغت من نهضتها الأولى لا تستطيع أن تجمع عوامل تجعلها تعود إلى مركزها الأول، ويضربون الأمثال بالشعوب الكبيرة التي انتهت مكانتها العالمية مثل: الإِغريق، ومثل اليونان، ويقولون إن الأتراك أيضاً.. فالأتراك ما كانوا في يوم من الأيام يستطيعون بأنفسهم أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه، إنما كانوا بالامبراطورية الإِسلامية الضخمة المتجمعة من شعوب مختلفة في البلقان وفي غيرها.. نذكر العرب منهم، ولكن العرب لم يعملوا شيئاً فيما يتعلق بالخلافة وفي تضخمها وفي ازدهارها، إنما كانوا تحميهم الدولة العثمانية من أن يفترسهم الاستعمار الغربي البرتغالي في أوله، ثم الأسباني بعد ذلك، ثم بعد ذلك الفرنسي والإِنجليزي - الأمة العربية.. نخشى أن نقول: أنها عثرت في نهضتها الأولى وفي الفتوحات الأولى أو أخذت رجالها - ثم جاءت الدولة العثمانية، وتبنت هذا الإِسلام العظيم الديناميكي، وأخذت الراية ومشت في مدة 600 سنة تقريباً في الشرق والغرب وحسب لها الحساب، وكان ملوك فرنسا وملوك إنجلترا كلهم يتوددون إليها، فأجمعوا أمرهم بعد ذلك على كيفية إزالة الدولة العثمانية؟ الدولة العثمانية أخذت شبابها وأخذت بعد ذلك بداية شيخوختها.. حتى انتهت كما ينتهي كل عامل من عوامل الحياة، إنما كان هذا كله بتضافر الجهود والحملات الصليبية، والعمل المجد الظاهر والمخفي من جميع الدول الغربية، لا تجتمع مطلقاً على شيء إلا على الرجل المريض، والرجل المريض ماذا معناه؟ الرجل الذي نريد منه التركة.. والتركة هذه هي التي صفيت بعد ذلك في المعاهدات سنة 1916م، وسنة 1917م معاهدة سايكس بيكو، وهذه المعاهدة قد وضعت بإجماع كامل حتى تدخَّل فيها أميركا وغير أميركا، وكيف تُصفَّى تركة الرجل المريض؟ والتصفية هي كيف تُوزَّع هذه الأقطار التي كانت محكومة بالدولة العثمانية؟. |
- المكايد الصليبية في الهند معروفة، كانت أعظم دول الشرق الأقصى هي حكومة الهند، وإذا ذهب السائح اليوم إلى الهند فلن يجد أي شيء يمكن أن يرى وتفتخر به الهند إلا أثر من آثار العهد الإِسلامي.. في تاج محل، وفي القلعة الحمراء، وفي علكرة، وفي قطم منار. فجاءت الشركة البريطانية باسم الشركة، والشركات دائماً هي التي تكون الطعم الأول، وبدأ من هناك حتى استطاعوا أن يقضوا على هذه الحكومات، وأن يعيدوا هؤلاء الأمراء إلى مهراجات.. ليس لهم من الفتح الأول والمجد الأول ما كان لأجدادهم، وإنما كانوا على المحظيات وعلى ما نعلم كلنا، حتى استطاعوا أن يبددوهم.. وآخرهم نظام حيدر أباد المفتي العظيم، الذي لم تنفعه ملايينه. إذاً التدمير الموجود في العالم الإِسلامي شيء مبيت، وجريمة تتناول أو تحتوي على عناصر الجرائم الكبرى من التصميم والقصد.. فنحن أمام أوروبا. |
- كنت في ألمانيا منذ عدة سنوات، ودخلنا فندق في كولون.. ترفرف عليه أعلام الدول الأوروبية المشتركة في السوق، وكان البحث حول انضمام تركيا أو عدمه، ورأيت من بين الأعلام المرتفعة علم إسرائيل، فقلت لأحد المنتسبين إلى إحدى هذه الدول: هذه الأعلام أعرفها، لكن أحب أن أسمع منك ما معنى هذه العلامة؟ قال لي: السوق المشتركة الأوروبية التي نسعى إليها فقلت له: ولماذا أدخلتم إسرائيل معكم؟ قال: نحن نعتبر إسرائيل منا. قلت له منكم.. جغرافياً أو سياسياً؟ قال لا.. نحن متعاطفون معها، هي وجهنا الموجود بين العرب. قلت له: لكن الأتراك هم أقرب من إسرائيل، فجزء منهم في نفس أوروبا. قال: نحن لا نحب الأتراك، ولا نحب الهلال، ونكرهه بالتوارث. |
- وذهبت إلى تركيا ذات مرة ونزلت في اسكندرونة في فندق مطل على البحر وفتحت الشباك، فإذا بي أشاهد أربع أو خمس غواصات تركية موجودة وغواصة حاملة علمها، في الصباح يطلعونه. أنا ما حضرت العهد التركي، لكن أعتبر أن هذا العلم كان يرفرف في يوم من الأيام على جميع أنحاء الجزيرة العربية، وأن الأتراك هم الذين حمونا. وأقول لبعض الناس الذي ينقمون على التعصب للدولة العثمانية: إن الدولة العثمانية حفظتني من أن أكون برتغالياً، لأنه لو قدر للبرتغاليين أن ينجحوا عندما وصلوا إلى جدة يوم الوقوف بعرفة كما ذكر دحلان في تاريخه، فعندما علم الشريف بالخبر بأن عشرين باخرة شراعية وصلت، فقال للعلماء ما العمل؟ فأفتى العلماء بنهاية الحج، ووجوب الدفاع عن الحرمين، لأن مجيئهم كان بناءاً على كتاب من ملك أسبانيا، موجهاً لإِمبراطور الحبشة في زمانهم في تلك الأيام، يطلب منه التعاون معهم للقضاء على بؤرة العالم الإِسلامي أي مكة والمدينة وجدة. فخرج الناس وصرف الله عن مقدساته زمر الشر. وذهبوا إلى الخليج الفارسي، فمكثوا به خمسين سنة كما هو معروف، وذهبوا إلى أنحاء الهند وبقوا بها 400 سنة. |
- وفي تجوالي قمت بزيارة المستعمرة البرتغالية الصغيرة المسماة "مكاو" وهي على مسافة ليلة بالقارب من هونج كونج، يحبذ سكانها أن يظل البرتغاليون حكاماً لهم. وقد زرتها ضمن مجموعة من السائحين، وفي رحلتنا حدثتنا دليلة الركب البرتغالية عن رصف شوارع المستعمرة بالحجارة وعدم سفلتتها فقالت: كل الحجارة الموجودة في المستعمرة أتينا بها حملاً بالبحر من البرتغال لنضعها هنا قلت وكيف؟ قالت عندما نأتي لأخذ البهارات في تجارتنا القديمة من (400 سنة) ونأتي في السفن الشراعية التي تتعرض كثيراً لاضطرابات في البحر، فاضطررنا إلى وضع أشياء ثقيلة على ظهر السفينة حتى لا يلعب بها الموج، فرأينا خير وسيلة لذلك هو حمل الحجارة من البرتغال ثم رصف شوارع المستعمرة بها لكي يفتخر أبناؤنا الموجودون في المستعمرة بأنهم يسيرون على نفس حجارة بلدهم في لشبونة، في حين لا نجد مثل هذا التعصب عند العرب. وعلى كل حال فإن الغزو الفكري حقيقة لا خلاف فيها. |
- وملاحظة أخرى نلمسها عند المستعمرين عندما يضطرون إلى ترك دولة ما.. فإنهم يعطون السلطة لأحد المتخرجين من مدارسهم. وإذا نظرنا إلى الدول الإِسلامية التي جرفها تيار الاستعمار واضطرها إلى تغيير حروف الكتابة لديها من العربية إلى الأفرنجية، نجد أن مصطفى كمال في نظر بعض الناس كان مصلحاً فيما يراه الآخرون.. أنه قد فصل تاريخ أعظم دولة إسلامية في الدنيا كلها، وأصبح كل الأجيال لا تعرف من تاريخها شيئاً، لأنه كان سبباً في تغيير الحرف العربي واستبداله بالحروف الأفرنجية. كذلك نرى جميع الولايات الروسية في جنوب روسيا الإِسلامية كان حرفها عربياً إلى قبل ستين سنة.. وكذلك أندونيسيا.. كانت كتابتها بالحرف العربي، لكن الحرف الأفرنجي أصبح في المدة الأخيرة معمماً ولا يخرج الناس عنه. والدعوة إلى الكتابة بالحروف اللاتينية معروفة رؤوسها من أمثال عبد العزيز فهمي وسعيد عقل وغيرهما.. ولقد سأل أحد الأشخاص سعيد عقل قائلاً له: لماذا تتحامل على اللغة العربية؟ فأجابه بقوله: هل ترغب أن تركب سيارة كاديلاك، أم تحب أن تركب حماراً؟ طبعاً هذه نكتة، ولكنها سخيفة. |
- اللغة العربية العظيمة التي لا مثيل لها في اللغات الأجنبية كلها ليست فقيرة، لكن هذه الدعاية المنصبة على الأجيال من الأجانب ومن الكُتَّاب الأجانب.. من أمثال أدونيس ومن غيره.. الذين يحاولون أن يقوضوا دعائم اللغة العربية، ومن ثم يتطاولون على ما هو أهم من ذلك. العظمة الباهرة في شخصية محمد بن عبد الله ليست في شخصيته بالذات وإنما كان هو المؤهل بجميع الصفات العظيمة الموجودة عنده.. إذ أخرج أهل مكة مما كانوا فيه وسفه أحلامهم، ولم يتوانَ مطلقاً عندما جاء عمه أبو طالب يقول له: يا بني لقد فتنت الناس.. هلا تركت قومك فنحن نسافر إلى اليمن ونسافر إلى الشام، ونذهب بين القبائل على حرمة هذه الأصنام الموجودة فيها؟ فقال له كلمته المشهورة: "والله لو وضعتم الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك ما قلت ما فعلت". إذن فالساحة الآن خلت من الفطاحل أو أصحاب العقائد المقاتلين. ومن أقوال الأمير شكيب أرسلان في مقال له نشره الأستاذ أكرم زعيتر في الشرق الأوسط، منذ يومين يقول فيه: "إنني أدافع عن هذه الملة وعن الأمة الإِسلامية التي يجب أن تستعيد مجدها على ما في ذلك من مخاطرة، لأنني أَعرفُ الناس بالأوروبيين، فهم لا يتركون أي مصلح في أي سبيل أن يؤدي رسالته" هذا بعض ما كتب لأنني لا أحفظ الموضوع كله، وقال ما معناه: عندما يسكت مثلي ويسكت غيري يصبح الحِمى بدون حُماة. |
|
- ولقد سافرت إلى يوغوسلافيا منذ زمان بعد الحرب، وعبرنا الحدود من اليونان وذهبنا إلى العاصمة الإِسلامية العظيمة إحدى الدويلات، إذ كانت يوغوسلافيا دولة مؤلفة من ست دول، منها ثلاث دول إسلامية: برشتنا والبوسنة والهرسك. فاجتمعت ببعض الإِخوة هناك، ومنهم: المفتي حسين جوزو وهو متخرج من كلية الشريعة الإِسلامية بالقاهرة ويجيد التحدث باللغة العربية، وله نحو 15 مجلَّداً في الدعوة للدفاع عن الإِسلام وهو الذي قال لي: إنني حين زرت المملكة العربية السعودية لأول مرة، بعد أن سمح لنا المارشال تيتو أن نذهب لأداء فريضة الحج، حاولت أن أقابل الشيخ محمد سرور الصبان، لكنني في كل مرة أذهب.. إلى جدة لمقابلته يعتذر خدمه وحاشيته بأنه نائم. فعرفت بعد ذلك أنكم تتهموننا بالشيوعية، ولكني سأهديك كتاباً عما فعله المارشال تيتو صديقكم.. صديق العرب بنا، وما قاسيناه من العذاب والهون والاضطهاد، ولو مر بكم عشر ما تعرضنا له لما بقيتم على إسلامكم. فلماذا لا تنظرون إلينا وتعملون على إنقاذنا مما نعانيه. والمقصود أنَّ المشكلة عويصة، وتحتاج بالفعل إلى إخلاص في النية والعمل، والأستاذ الندوي في أعماله رجل لا نظير له في العالم الإِسلامي، وهو من الشخصيات التي يكرهها التقدميون.. الذين يكرهون من له نعرة إسلامية واضحة، ويقولون لمن ناهضهم: إن الزمن يتغير ويتطور. يا أخي نحن الآن في زمان تغير، ويجب علينا أن نتطور، لكن مهما تطورت فأوروبا لن تحترمك مطلقاً إلا إذا كنت قوياً.. اقتصادياً أو عسكرياً أو غيره.. وهذا ليس معناه أن نحارب الغرب، ولكن الله يقول لنا: وأنتم الأعلون أي يجب أن تكونوا الأعلَين، ولا يكون الإِنسان أعلى من أخيه إلا إذا كان أقوى منه وأعلم منه وأكثر صحة وأكثر علما وثقافة.. ونحن لا نحارب الغرب، بل نتعلم منه كل شيء؛ والسلام عليكم. |
|