شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
السيرة الذاتية
ولدت بالمدينة المنورة سنة 1322هـ ووالدي عبد السلام بن الحكيم عبد العزيز ينتمي إلى عرب قريش، سافر أحد أجدادي للهند للجهاد والتجارة، اشتغل جدي بالطب في بلده أجره القريبة من دلهي، وفي حرب السبعين هاجر جدي مع ذويه لمكة المكرمة فكانت جدتي حاملاً بوالدي فولد بمكة المكرمة سنة 1280هـ وتوفيت جدتي بعد ولادته، وبعدها سُرِقَ ما كان مع جدي من نقود فاضطر للرجوع للهند واتخذ مقاماً له في بلده بومباي وتزوج جدي بأخرى، وتعلم والدي إصلاح الساعات ومبيعها فزوجه جدي بإحدى كريمات الهنود وولد منها أولاداً، ثلاث بنات وولداً واحداً وفي سنة 1320هـ عزم على أداء فريضة الحج، وبعد الحج جاء للمدينة المنورة وحبب له المقام فتزوج بوالدتي التي تمت بنسبها إلى سيدنا جعفر الطيار، وبعد سنتين رجع لبومباي ليأتي بأولاده فجاء للمدينة وكانت والدتي حاملاً بولد آخر وتوفيت بعد ولادته، وكان والدي يملك داراً ودكاناً في بومباي فباعها، وحيث إن أم أولاده كانت قد كبرت فتزوج والدي بإحدى كرائم التونسيات وهي عمة الأستاذ الربيع مدير التعليم بالمدينة وبعد وفاة والدتي كفلتني جدتي لأميّ، ولما أتممت السابعة أخذني والدي لتربيتي وتعليمي وأدخلني الكتاب فحفظت القرآن الكريم وعمري لا يتجاوز الثانية عشرة سنة 1332هـ ولما وقعت الحرب العظمى وأُخلي سكان المدينة للشام لتأمين معيشتهم خوفاً من ثورة الحسين بن علي وتوجس الترك بهذه الثورة، وكان الترك قد تحالفوا مع الألمان، وكان همهم الإبقاء على الحرمين فبعثوا بأحد قوادهم المشهورين (فخري باشا) وهو الذي كان يأمر بسفر أهل المدينة المنورة ووقع ما توقعه الترك، فقام الشريف الحسين بالثورة سنة 1335هـ واتحد مع الحلفاء وبعث جنوده بقيادة الضابط (لورنس) لتخريب سكة حديد الحجاز بوضع الألغام على قضبانها حتى تنفجر حال مرور القطار عليها، وأبى والدي السفر إلى الشام وبقي مختفياً بالبيت مع زوجته، وبدوري هربت أنا للشام لألتحق بجدتي لأميّ التي سافرت من قبل، وبعد شهور مرضت بالتيفود الذي انتشر في المهاجرين من أهل المدينة المنورة وغيرهم ومكثت أربعين يوماً قمت بعدها شافياً من ذلك المرض الوبائي، وبعد انكسار الجيش العثماني بفلسطين وتعقب الجنرال اللنبي له إلى دمشق أذن لنا بالسفر للمدينة المنورة بعد استيلاء الشريف الحسين للمدينة فسافر من بقي منا من وباء التيفود للمدينة بطريق السويس ومنها ركبنا لينبع فالمدينة المنورة فكانت حقائبنا سُرِقَ ما فيها من الملابس، فوصلنا المدينة بالملابس التي كانت على أجسامنا فقط فأدخلني والدي إحدى المدارس التي أنشأها الشريف بالمدينة المنورة تيمناً بأسماء أولاده الأمراء علي وعبد الله وفيصل وزيد، وكنت بالمدرسة الفيصلية فدرست سنتين حتى نلت الشهادة التحضيرية. وبعدها دخلت المدرسة الراقية ومكثت فيها ثلاث سنوات ثم سافرت لمكة المكرمة لأداء فريضة الحج سنة 1341هـ وبعدها سافرت للهند سنة 1342هـ لطلب العلم بمساعدة مربينا وأستاذنا السيد أحمد الفيض أبادي بمدرسة العلوم الشرعية، وسافرت من جدة في زي حاجي هندي حيث كان محظوراً على أهل المدينة المنورة السفر للهند بأمر الشريف، وبعد أن درست ثلاث سنوات ونلت الشهادة العالمية رجعت للمدينة المنورة عام 1344هـ وبعد الحج سافرت لمصر لآتي بمطبعة صغيرة أعمل عليها، فرجعت بتلك المطبعة مع أدواتها وحروفها وأتيت بكتب علمية لبيعها لحساب ناشرها المرحوم عبده آغا الدمشقي، ولما وصلت المدينة طلبت من السيد أحمد الفيض أبادي أن يجعلها عنده حتى أجد لها مكاناً فأعطاني غرفة بالمدرسة لأعمل عليها، وتوظفت بالمدرسة معلماً للعلوم العربية وكنت أعمل في المطبعة بعد العصر مع بعض تلامذة المدرسة الذين يحبون التعليم، وأول ما طبعت عليها نتيجة اختبار تلامذة المدرسة لذلك العام فطبعتها بجهد ومشقة صفحة صفحة لأن المطبعة كانت بمقاس 20 × 30 فقط وبعد طبع الرسالة احتجت لأدوات وحروف أخرى، فاستدنت من السيد أحمد المذكور لأجلب تلك الأدوات، واقترح أن نكون شركاء في المطبعة فرضيت، وأصبحت المطبعة بيني وبينه ثم إنه احتاج إلى الغرفة التي كنت أعمل فيها وفي تلك الأثناء أواخر سنة 1345هـ زوجني والدي من إحدى بنات المدينة التي تمت بنسبها للعارف بالله إبراهيم الكوراني، ثم أن السيد أحمد أراد أن يبيعني قسمه في المطبعة ولم يكن لدي ما اشتري به حيث أن راتب المدرسة ووارد الطبع لم يكن شيئاً ذا بال بل كنت أصرفه في المعيشة.
وولد لي ابنتان إذ ذاك وكنت ساكناً مع الوالد فطلب مني أن أنتقل لبيت آخر، فأعطاني السيد أحمد دوراً في رباط التونك فانتقلت إليه وقد كنت استقلت من مدرسة العلوم الشرعية لقلة الراتب وتوظفت معلماً أولاً بالمدرسة الابتدائية الأميرية سنة 1348هـ ومكثت أدرس فيها حتى سنة 1350هـ وكانت الأزمة الاقتصادية قد بدأت، وقد فاتني أن أذكر أنني حسّنت شراء نصف المطبعة للسيد عثمان حافظ فاشترى قسم السيد أحمد، وطفقت أعمل معه شريكاً في المطبعة وفتحنا معها مكتبة لبيع الكتب والمصاحف وأداوت مدرسية وجلبنا الصحف والمجلات المصرية تنويراً للشباب والطلاب النابهين منهم، وفي تلك السنة أسست مع بعض الزملاء النادي الأدبي وهم السيد محمد زيدان عثمان، والمرحوم ضياء الدين رجب، والمرحوم عبد الحميد عنبر، والمرحوم عبد الله حجار، والمرحوم سامي حفظي، والأستاذ أحمد بشناق وكنا نلقي المحاضرات كل ليلة جمعة في صالون المدرسة الابتدائية بإذن من مديرها لأن النادي غير مرخص رسمياً، وفي بعض المناسبات أقمنا حفلات تكريم لبعض الشخصيات المرموقة، وكان الأمير يومئذ عبد العزيز بن إبراهيم فعلم بهذا النادي الأدبي، فأوعز إلينا رئيس الديوان المرحوم إسماعيل حفظي بإيقاف النادي فتوقف، وكنت كما ذكرت معلماً بالمدرسة وبدأت الأزمة الاقتصادية في المملكة فاستجزت شهراً للسفر للخارج وتوجهت لمكة المكرمة وبعد الحج أردت أن يكون سفري بطريق الرياض والأحساء ولم يكن السفر ميسوراً إلا بإذن خاص، وفي تلك السنة أنشأت جريدة صوت الحجاز فحببت إلى السيد أحمد صديقي أن أكون منتدباً عنها لجلب الاشتراكات وموافاة الجريدة بالرحلة فقصدني المرحوم الشيخ محمد سرور الصبان وكانت بيني وبينه صداقة وثيقة لما جاء للمدينة من الرياض وأفرج عنه فكتب لي توصية لمحمد السليمان فقابلته فقال لي تذهب مع هيئة اللاسلكي الذاهبة للرياض والأحساء وكلم رئيس الهيئة المرحوم إبراهيم زارع وكنت دعوته لحفلة شاي في داري بالرومية وعرفته بزملائي شباب المدينة، فذهبت إليه فسر بي وفي اليوم الثاني سافرت معه إلى الرياض وقابلنا جلالة الملك عبد العزيز ولما علم أني مندوب جريدة صوت الحجاز أكرمني بمنحة مائة ريال وكنت نظمت قصيدة في مدحه أذكر مطلعها:
مليك العرب دم وأنعم صباحا
فسعدك في سما الإقبال لاحا
ثم سافرت مع باقي هيئة اللاسلكي للحسا ونزلت ضيفاً على المرحوم الشيخ محمد الطويل مدير الجمارك، وسافرت معه للبحرين ومنها للكويت وكنت عدلت عن السفر للهند، ومن الكويت سافرت للبصرة فبغداد ونزلت لدى المرحوم الشيخ يوسف خشيرم صديق الملك فيصل ملك العراق فعلم الملك منه بقدومي وأحب أن يراني ورتب لي الشيخ يوسف مقابلته في اليوم الثاني فسلمت عليه وكان سألني عن المدينة وبعض من يعرفهم فيها فأجبته بما أعلم عنهم، وفي اليوم الثاني علمت من الشيخ يوسف خشيرم أنه سافر لمصيفه في بلده بنجوين وقال له عني إنه يخشى علي كشاب جريء وما سمعت هذه المقالة حتى سافرت لدمشق ومكثت باقي أيام الصيف ثم رجعت بطريق مصر للمدينة المنورة فينبع ونزلت لدى أميرها، وصدف أن نزل عنده القائد ابن سلطان قامع فتنة ابن رفادة فطلب منه أن يصحبني للمدينة معه حيث كان يريد الذهاب للمدينة المنورة وزرت مع أمير المدينة المنورة يومئذ عبد العزيز ابن إبراهيم ولم يعلم أن عبد الحق كاتب المقالات في جريدة صوت الحجاز (ما بين بغداد ودمشق) وخاصة المقال الذي كتبته عن الملك فيصل وبعدها أحجمت عن الكتابة مدة طويلة وكنت رجعت خاوي الوفاض، فاتخذت دكاناً لبيع المصاحف وأدوات الكتابة حيث إن وظيفتي قد انحلت وتوظف فيها زميلي عثمان، ثم بعد أيام استقال منها السيد عثمان، ورجعت إليها، بيد أن الأزمة الاقتصادية ما زالت قائمة فجعلت أبحث عن وظيفة أهليه فتعينت مديراً لدار الأيتام أعمل كمحاسب ثم مديراً له، وفي تلك الأثناء قدمت لطلب إجازة محام بالمحكمة فحصلت على الإجازة ثم تعينت محامياً لمالية المدينة المنورة على شرط أن لا أداوم بالمالية بل ابلغ عن الجلسة التي ينبغي أن أحضر فيها كمندوب للمالية، ولما استقلّت الهند وباكستان توقفت المساعدات التي كانت ترد للمعمل فاستقلت منه بعد عمل دام خمس عشرة سنة وأحلت للتقاعد من وظيفة المالية فذهبت بالأولاد لمصر لتعليمهم لحسابي، وان عبد العزيز الأكبر يدرس هناك في البعثة السعودية فأدخلتهم المدرسة التي كان السيد ولي الدين أنشأها ورجعت بابني الصغير عبد السلام ووالدته وانحلت وظيفة المحامي بوزارة المالية فانتدبت لها وتوظفت براتب طيب وبقيت ثلاث سنوات فيها وكنت أتردد لمصر في اشهر الصيف لزيارة الأولاد حتى أحلت للمعاش ثانياً فذهبت للإقامة بمصر ومراقبة الأولاد.
ولما قام عبد الناصر بنصرة الاشتراكية توقف راتب الموظفين السعوديين فاضطررت للرجوع للمدينة لانقطاع الراتب ومكثت بالمدينة واعتراني مرض الاكتئاب وظللت أتعالج منه، وكان الأولاد قد أتموا دراستهم فتخرج عبد العزيز في كلية سلاح المهندسين وفي كلية الاقتصاد السياسي من جامعة القاهرة وتخرج محمد في كلية الهندسة من جامعة القاهرة، وتخرجت البنتان في جامعة عين شمس من الإدارة والمحاسبة، ورجعت بهم وزوجت البنتين الأولى على المهندس طلال بكر والثانية على الصيدلي أحمد جادو وبعد زواجهما سافرا إلى أمريكا ليدرسا الماجستير والدكتوراه وبقيا هناك أربع سنوات نالا الدكتوراه ورجعا للمملكة بعد أن أنجبت البنتان كل منهما بولدين وتوظف عبد العزيز بالدفاع وجرى زواجه، وتوظف محمد ببلدية الرياض وجرى زواجه، وسافر بعدها مع زوجته لنيل الماجستير في العمارة من جامعة كنساس، وعبد السلام نال التوجيهي من المدينة المنورة وبعث لأمريكا ونال دبلوم التربية ورجع وتوظف مدرساً بجامعة الرياض وجرى زواجه من ابنة المرحوم عبد الحميد عنبر وانتدب لأمريكا لدراسة الماجستير فذهب مع زوجته وتحصل على الماجستير في التربية ورجع أستاذاً بكلية التربية بجامعة الرياض، ومكثت أنا بالمدينة المنورة مع والدتهم وقد بلغت من العمر ستاً وسبعين سنة وأطلب من المولى حسن الختام والدفن بالبقيع الغردق إنه سميع الدعاء.
* وقد توفي الأستاذ (عبد الحق بن عبد السلام النقشبندي) رحمه الله في شعبان عام 1402هـ.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1962  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 5 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج