شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
إدوارد بوك
في أحد الأيام، وقف صبي جائع أثناء رجوعه من المدرسة على شباك فرن يحملق بنهم في الكعك والفطير المعروض في الشباك، ولحظه صاحب الفرن فخرج إليه وهو يقول: إنه يبدو منظراً أخاذاً أليس كذلك؟
وأجاب الصبي الهولندي: إنه كان يبدو كذلك لو كان الشباك نظيفاً كما ينبغي. وأجاب صاحب الفرن: هو كما قلت، ومن الممكن أن تتولى أنت تنظيف الشباك.
وبهذه الطريقة تحصل إدوارد بوك على أول عمل في حياته وكانت أجرته شلنين في الأسبوع، غير أن هذا المبلغ على ضآلته كان بمثابة كنز تحصل عليه، فقد كانت عائلته من الفقر بحيث كان يخرج كل يوم إلى الشارع وفي يده سلة يجمع فيها ما يتساقط من الفحم من عربات الفحم التي كانت تفرغ شحناتها في سوق الفحم.
كان الفتى إدوارد بوك حين هاجر إلى أمريكا لا يعرف من اللغة الإنجليزية شيئاً فلم يكن يستطيع أن يفهم كلمة مما كان يلقيه أستاذه، ولم يستمر في دراسته أكثر من ست سنوات. ومع ذلك فقد كان أنجح رئيس تحرير مجلة في تاريخ أمريكا الصحفي.
وقد اعترف بوك مرة أنه يجهل بالكلية ميل المرأة في اختيار الموضوعات التي تفضل قراءتها ولكنه أنشأ أكبر مجلة نسائية في العالم ظلت دائرة انتشارها تتسع حتى وصلت إلى أعلى القمم. ففي الشهر الذي استقال فيه من رئاسة تحريرها، كانت توزع مليوني نسخة وكان دخل الطبعة الواحدة من الإعلانات مائتي ألف جنيه.. شغل إدوارد بوك رئاسة تحرير مجلة ((المرأة والبيت)) مدة ثلاثين عاماً ثم استقال ليكتب تاريخ حياته الذي أسماه ((أمريكية إدوارد بوك)).
بعد أن اشتغل بوك في تنظيف شباك الفرن، بدأ يتجه إلى البحث عن العمل بمختلف الوسائل وبشغف لا يفتر. كما يفعل الفتيان الذين يهوون جمع الطوابع فيزداد شغفهم كلما جمعوا مقداراً أكبر من الطوابع، ففي الصباح الباكر كان يقوم بتوزيع الصحف، وبعد الظهر يطوف على المسافرين على العربات التي تجرها الخيل فيبيع عليهم شراب الليمون المثلج، وفي المساء يكتب للصحف المحلية عن حفلات الميلاد وحفلات الشاي التي تقام. واستطاع أخيراً أن يكسب بمعدل أربعة وخمسة جنيهات في الأسبوع، وكل ذلك في ساعات الفراغ التي كان يستغلها في غير أوقات المدرسة.
وعندما ترك المدرسة كان عمره اثنتي عشرة سنة، وكان قد قضى في أمريكا ست سنوات فقط. وعندما كان عمره ثلاثة عشر عاماً ترك المدرسة ليلتحق بعمل في مكتب الاتحاد الغربي، ولكنه لم يغفل لحظة عن التعليم واستمر في تثقيف نفسه، فكان يوفر من أجره ويصبر عن وجبة من طعامه حتى جمع مبلغاً يكفيه لشراء دائرة معارف رجالات أمريكا، وبعد دراستها قام بعمل كان جديداً في تاريخ أمريكا، فقد درس حياة المشاهير ثم كتب إليهم يستزيدهم بعض المعلومات عن طفولتهم فكتب للجنرال جامس جارفيلد الذي كان مرشحاً للرئاسة يسأله: هل صحيح أنه في أحد أدوار حياته كان يجر عربة نقل في القنال؟
وكتب للجنرال جرافت عن إحدى معاركه المشهورة، فبعث له الجنرال خريطة للمعركة رسمها خصيصاً له، ودعاه للعشاء معه وأمضى الجنرال مع الفتى ذي الأربعة عشر عاماً أمسية كاملة يتحدث إليه.
وبهذه الطريقة استطاع هذا الفتى الذي كان يعمل في أحد مكاتب التلغراف بأجر قدره خمسة وعشرون شلناً في الأسبوع أن يتعرف على أكثر رجال أمريكا البارزين في عصره. وزاور امرسن وفيليب بروك واليو وندل ولونج فلو والمستر أبراهام لنكلن ولويس ماي الكوت والجنرال شرمان.
وقد اكتسب بوك بالاختلاط مع هؤلاء العظماء ثقة وسعة أفق وطموحاً لا تقدر بثمن؛ وكان يسير في أحد الأيام فرأى رجلاً أخرج من جيبه علبة سجائر فضها وأخرج منها صورة تذكارية ورمى بها إلى الأرض، وبشغفه المتأصل في نفسه لمعرفة العظماء والكتابة عنهم التقط بوك الصورة ونظر إليها وكانت صورة لأحد مشاهير السياسة وكانت بيضاء من الجانب الآخر.
وفكر بوك ثم قال يحدث نفسه: ((لو كتبت في الجهة الأخرى من الصورة نبذة من تاريخ حياة هذا الرجل، فمن المحتمل جداً أنها كانت لا تلقى هكذا إلى الأرض)).
ونشأت عنده فكرة.
وفي اليوم الثاني، وفي الساعة التي كان عليه أن يتناول غداءه فيها، خرج يبحث عن الشركة التي كانت تقدم هذه الصورة وقابل الرجل المسؤول فيها وبحث معه الموضوع، وكان في حرارة حديثه وتركيز منطقه متحمساً، فلم يخرج من عند المسؤول إلا ومعه عقد بتزويد الشركة بمائة من هذه التراجم بقيمة جنيهن للترجمة الواحدة.
ونجحت الفكرة، فلم يعد بوسعه أن يعمل وحده فاستأجر عدداً من الكتّاب يجمعون له التراجم وكان يدفع لهم جنيهاً واحداً عن كل ترجمة، نصف ما كان يتقاضاه. ولم يلبث أن استقال من عمله في مكتب التلغراف، وخصص جهوده لأعمال الكتابة والنشر وكان يعمل بصدق وحرارة.
وعندما بلغ السادسة والعشرين من عمره، توجه إلى فلادلفيا ليرأس تحرير مجلة ((المرأة والبيت)) وبلغ وهو في السادسة والخمسين من عمره أوج مجده حين أغلق مكتبه للمرة الأخيرة وقال: لقد انتهيت.
قيل له إن العمل في الحفر على شواهد القبور خطر عليه فتركه والتحق بفرقة الطيران فحقق من البطولات ما لا يخطر على بال..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :577  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 110 من 124
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج