شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وليم راندولف هارست
((صحف قيمتها سنتان جعلته قادراً على أن يشتري قصوراً في إسبانيا ويمتلك المتاحف بما فيها متحف للآثار المصرية)).
هل فكرت ماذا أنت صانع لو قدر أن يكون دخلك في الشهر الواحد مليوناً من الدولارات؟
لقد كان دخل وليم راندولف هارست مليوناً من الدولارات في الشهر الواحد وبعبارة أخرى أكثر من ثلاثين ألف دولار في اليوم..
إن الوقت الذي ستمضيه في قراءة هذه الصفحات سيكون دخله فيه مائة دولار بالتقريب.
لم يكن أحد يدعو وليم راندولف هارست باسمه ((وليم)). حتى أصدقاؤه المقربون كانوا يدعونه ((دبليو - آرا)) أما عماله الذين يبلغ عددهم سبعين ألفاً، فكانوا عندما يتحدثون عنه يتحدثون باسم ((الرئيس)).
ويقدر عدد قراء جرائده ومجلاته العديدة بالملايين، وكان يعتبر أقوى وأغنى ناشر في العالم، ورغم أن اسمه كان معروفاً لجميع المواطنين الأمريكيين، إلا أن شخصيته كانت شخصية غامضة بالنسبة إليهم، فالرجل المتوسط في أمريكا يعرف الكثير عن حياة غاندي الشخصية، ولكنه يجهل الكثير عن حياة وليم راندولف هارست. وأغرب ما عرفته عن هذا الناشر الأمريكي الجبار أنه حيي صموت خجول، ومع أنه ظل يتمتع بالشهرة والصيت نصف قرن كامل، فقد كان يكره أن يقدم للتعرف بشخص غريب.
ولم تكن تخلو قصوره العديدة في كاليفورنيا من الضيوف الذين كان يبلغ عددهم من العشرة إلى الستين، ولكن متعته كانت حين يتسلل من بينهم ليختلي بنفسه.
وعندما يكون في نيويورك كانت متعته أن يقضي أوقاته يستبضع من الدكاكين الصغيرة.
إن أكبر إقطاعية وأعظم مزرعة في الجهة الغربية هي مزرعة هارست في كاليفورنيا، فمساحتها ربع مليون فدان من الأرض تقريباً ثم تمتد خمسين ميلاً نحو صخور المحيط.
وفي بقعة يبلغ ارتفاعها ألفي متر على ساحل الباسفيك حيث يزمجر عبابه ويشتد هياج أمواجه، بنى عدة قصور فخمة وسماها ((التل الساحر)) وقد بذل ملايين الدولارات بسخاء في فرش هذه القصور وتأثيثها، وزين جدرانها بالنقوش الذهبية على شكل قماش الجوبلين المزركش الذي جمل به أعظم قصر في فرنسا وزينت قاعاته الكثيرة بالنقوش البديعة بريشة الفنانين في ذلك العصر، وكان المدعوون يجلسون إلى مائدة محاطة بالتحف والألواح النادرة التي لا تقدر بثمن والتي أبدعتها أيدي أعظم الفنانين..
وكان يقتني مجموعة كبيرة من مختلف أنواع الحيوانات المتوحشة: قطعان من الحمر الوحشية والجاموس البري والزرافات والكانغارو منتشرة فوق الهضاب وآلاف الأنواع من الطيور المجلوبة ترفرف فوق الأشجار وتنتقل من دوحة إلى دوحة وتحيي الأسود والنمور في القسم الخاص بها من الحديقة..
وكان لي صديق يدعى فرنك ماسون، كان هو المكلف من قبل هارست بشراء العاديات من فرنسا، فكان يجلب له من فرنسا هذه العاديات حمل باخرة كاملة بما فيها قصر أثري كامل حمل إلى أمريكا في صناديق خاصة وضعت ارقام خاصة على كل حجر من أحجاره وطوبه ونقوشه لتكون في موضعها بأمانة عند إعادة بناء القصر في أمريكا.
وقد اشترى الآثار من أنحاء الدنيا مما اضطره آخر الأمر إلى أن يستأجر مستودعات كبيرة في نيويورك ليحفظ فيها ما زاد عن حاجة استعماله، وبلغ عدد موظفي هذه المستودعات عشرين موظفاً وبلغت مصاريف وقايتها وصيانتها ستين ألف دولار في السنة، وكانت تحتوي على أنواع مختلفة من الآثار والتحف والطيور المحنطة والمومياء المصرية.
كان والد هارست فلاحاً في مقاطعة ميسوري، وفي زحف عام 49 قطع ألفين من الأميال في الصحراء الواسعة إلى جانب قطيعه من الأبقار وفي عربة مقفولة وحارب الهنود الحمر واكتشف الذهب وكون ثروة بالملايين.
وعندما تقدمت به السن، كان يفضل الجلوس تحت شجرة كبيرة في مزرعته الواسعة، ولاحظ الابن قبل سنوات أن هذه الشجرة تحجب منظر البحر عن بعض نوافذ القصر الكبير الذي بناه. واحتراماً لمكانة والده الذي كان يستظل تحت هذه الشجرة، لم يحتمل فكرة قطع الشجرة وإزالتها فدفع أربعين ألف دولار لنقل الشجرة وإبعادها عن موضعها ثلاثين قدماً.
كان وليم ردولف هارست شديد الهيام بالحيوانات والعطف عليها؛ ومن أمثلة هذا العطف أن عدداً من كبار المخرجين طاروا إليه في أحد الأيام من هوليود لمفاوضته في بعض الشؤون الهامة، فلم يأذن لهم وتركهم ينتظرون وقتاً طويلاً حينما كان هو يعتني بضب من حيواناته الأليفة كان قد فقد جزءاً من ذنبه، وفي مناسبة أخرى بعث يخته الخاص في منتصف الليل لإحضار دكتور ودفع خمسمائة دولار أجرة للطبيب لأن ساق إحدى دجاجاته الحبشية قد كسرت.
كان هارست من هواة التصوير ولديه مجموعة كبيرة من الصور التي كان يلتقطها كل عام؛ وكان خبيراً أيضاً في الضرب بالبندقية؛ ومرة كان في نزهة على يخته الخاص فأدهش ضيوفه حين أخذ مسدسه وصوبه على أحد طيور البحر الذي كان يطير في الجو فسقط الطير مصاباً في أحد جناحيه، وكانت له خبرة في بعض أنواع الرقص وفي تقليد الناس تقليداً مدهشاً وكان قصاصًّا لا يشقّ له غبار، وكان مرجعاً حياً لكثير من الحوادث التاريخية، فلو سئل عن زوجات هنري الثامن أو عن عدد رؤساء الولايات المتحدة لكانت النتيجة تسعين في المائة صحيحة ولسرد أسماءهم في لمحة عن ظهر قلب.
وحدث مرة جدال عنيف بين جيمي واكروشارلي شابلن، وكانا ضيفين في مزرعته؛ كان الجدل محتدماً حول نص بعض عبارات من التوراة، وحسم هارست النزاع بسرد جميع العبارات المختلف عليها كلمة كلمة وحرفاً حرفاً.
كان من عادات هارست أن يجمع حوله الشباب ولا يسمح لأحد أن يطري ذكر الموت في مجلسه.
ورث هارست من والده ثلاثين مليوناً من الدولارات، وكان يمكنه أن يعيش مرفهاً هو وأبناؤه من دون أن يكلف نفسه عناء العمل، ولكنه لم يفعل فقد كان يعمل من ثماني إلى خمس عشرة ساعة في اليوم لمدة خمسين سنة، وقد أخذ على نفسه عهداً أن يظل يعمل ما دام في عروقه دم يجري..
تمكن الهولندي الصغير الذي هاجر إلى أمريكا وعمره أربعة عشر عاماً من مقابلة كبار الرجال فيها ونيل الحظوة لديهم؟!.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :655  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 109 من 124
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج