شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المؤرخ البارع يستطيع أن يقدم..
إن المؤرخ البارع هو الذي يستطيع أن يقدم لنا صور الماضي في إطار مشرق واضح ويجعل هذه الصور تمر أمام أعيننا كما لو كانت شريطاً سينمائياً لقصة مثيرة.
فنستعرض بين سطوره صور أولئك القساة يحملون سهامهم المشرعة، يرتسم العبوس على وجوههم ويتركز الحقد في نفوسهم ويسيرون في جموع متدفقة وراء قائدهم العنيد الإسكندر يكتسحون كل بلد يمرون به ويدمرون كل شيء تقع عليه أيديهم.
ثم نستعرض سفن قرصان البحر يتجهون من هولا نده فنسمع صريرها وهي تتزاحم على شواطىء بريطانيا فتحتلها حيث يخلفهم حقدهم على اغتصاب الدنيا الجديدة واستغلالها واضطهاد أهلها.
ونستعرض الغزاة وهم يتقدمون على صهوات جيادهم نحو الانتصارات التي كانت سبباً في تغيير مجرى التاريخ وانفض الاجتماع. واعتزل هو إلى نفسه وجلس تحت شجرة يتأمل ويفكر ساعات طويلة ثم عاد وهو مصمم على أمر - صمم على أن يقامر بكل شيء وأصدر أوامره أن يكون كل شيء - على استعداد لعبور النهر في صباح الغد - وغامر وانتصر.
وقد كان يقول وهو يفتخر بنفسه: لم يحدث أني عقدت مجلساً حربياً في حياتي العسكرية إلا مرة واحدة، ولو أني سرت على رأي المجلس في هذه المرة اليتيمة لما استطعت أن أتوج أعمالي الحربية بأروع انتصار في حياتي.
صفات المؤرخ
ليس من السهل امتلاك ناصية التعبير في رأيي أن شخصية المؤرخ لا تكتمل إلا إذا تحققت فيه ثلاث صفات هي:
1 ـ القدرة العلمية.
2 ـ قدرة التأمل والتفكير ونفاذ البصيرة.
3 ـ القدرة الأدبية.
وتجىء القدرة العلمية في الدرجة الأولى، فالجهد العلمي الجبار يتحتم على كل مؤرخ جدير بكتابة التاريخ لأن جمع الحقائق العلمية وتمحيص الشواهد والأدلة هو الأساس الأول في كتابة التاريخ، ثم تأتي بعد ذلك مقدرة التأمل والتفكير ونفاذ البصيرة عند اختيار الحقائق التاريخية وتبويبها واستنتاج الأحكام بحيث تكون أحكاماً صائبة بعيدة عن الغرض والهوى، ثم تأتي أخيراً القدرة الأدبية في عرض الحقائق والأحكام في أسلوب رائع بديع يجذب انتباه القارىء ويستثير فضوله.
وليس من السهل امتلاك ناصية التعبير بصفة مؤثرة جذابة. فلا يمتلك ناصية الأدب إلا من بذل الجهد في الدرس والتحصيل واستيعاب شتى فنون الأدب للسيطرة على أساليب الكلام وتملك القدرة على التعابير الرفيعة بسهولة ويسر بعيداً عن التكلف والتقعر. ومن أجل ذلك كان على المؤرخ أن يكون أديباً قبل أن يكون عالماً وبحاثة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :2842  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 98 من 124
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

أحاسيس اللظى

[الجزء الأول: خميس الكويت الدامي: 1990]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج