شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تسعيرة اللحم خطوة مباركة… يجب أن يتبعها
هذه الخطوة التي تخطوها الحكومة في تحديد سعر اللحم خطوة يباركها الشعب وترتاح لها نفوس طالما استخدمت أقلامها موجهة ملتمسة داعية.
فاستقرار الحياة المعيشية أمر لازم لاستقرار الفرد، واستقرار الفرد أمر لازم لتكوين أمة حية لها في دنيا المثل العليا كيان رفيع.
وماذا تنتظر الأسرة من راعيها إذا كان دائم الهم والتفكير في العمل لملء كروش طلبها مستمر وأجسام لا يكاد يكسوها حتى تعرى؟ هل يستطيع أن يفكر لحظة في السمو الروحي لهذه الأسرة وفي تثقيفها وتوجيهها؟ كلا إنه يجر العربة ويترنح أمامها وتزداد ثقلاً يوماً بعد يوم ويزداد هو هرماً ثم يعجز ويقع ليشيع إلى مثواه الأخير بين الحزن والزفرات وينكب المجتمع بأفرادهم. أفراد أسرته لم يعرفوا الحياة سوى بطون محرومة وعيون فارغة لا يملأها إلا التراب ولا يعرفون لهم دوراً في الحياة إلا التزاحم لإشباع رغبة الحرمان وتحطيم كل ما يقف من مثل.
إن تحديد التسعيرة على هذا الأساس يجعل الحكومة تعمل بضمير مستريح عندما تقسو أشد القسوة على المخالفين، فلا تنزعج العدالة ولا يتضجر الرأي العام، لأن الحكومة إذا أعطت حق الرعية بالعدل وجب عليها أن تأخذ الحق العام من الخارجين على القانون بالشدة والقسوة التي تضمن الرفاهية العامة.
فلماذا إذن لا نسير نحن على هذه القاعدة؟ لماذا لا يسعر اللحم للخروف الحي بقيمة تضمن للمستورد الربح وعلى أساسها يسعر على القصاب بما يضمن له العيش المعقول؟ فإذا خالف اشتد عليه العقاب وما دام الربح مكفولاً فباستطاعة جهة الاختصاص أن تتولى مباشرة العمل إمعاناً في الجزاء، وعلى هذا الأساس يجب أن تسعر الفواكه والخضروات.
إنك إذا كنت ممن يستهويهم البحث في الشؤون العامة ونزلت إلى حراج الخضرة، تذهل عندما ترى الفرق الهائل بين بيع الحراج وبيع المتسببين. لأضرب لك مثلاً، إذا كنت من سكان جدة ونزلت إلى الحراج وجدت أن بيعة البامية التي تقدر بأربع أقات لا تباع بأكثر من أربعة أو خمسة ريالات. وإذا سمتها عند البائع فلا تباع لك الأقة بأقل من اربع ريالات. إنه من اللازم للصالح العام أن يمنع بيع الخراف حية جزافاً، ويجب أن تباع الخضار والفواكه بالوزن أو العمر وبسعر البيع القطاعي للأقة أو المئة في العد على أساس بيع الجملة.
سيقولون إن تكليف الدلالين بوضع موازين أمر يشق عليهم فهم فقراء مساكين وأقول إنه ليس في الدلالين اليوم من يعسر عليه شراء ميزان قباني أو أن يشترك مع اثنين من رفقائه في شراء ميزان.
سيقولون إن في التسعيرة مخالفة لآراء بعض العلماء، وأقول إنه قد تحقق أن التسعيرة أمر محتم ولازم للمصلحة العامة فلا مناص من تحقيقها.
بقيت كلمة أختتم بها حديثي، هذه الكلمة هي ضرورة تشكيل لجنة خاصة لبحث وتقرير الطرق التي توصل بنجاح إلى التسعيرة وتكفل حق المستورد والبائع والمستهلك، على أن يكون أعضاء هذه اللجنة من الجهات والإدارات صاحبة العلاقة كوزارة التجارة والمديرية العامة للاستيراد والبلدية.
ومن المستحسن عندي أن تدعو هذه اللجنة كل كاتب وصاحب رأي ينشر في هذا الصدد لمناقشة الرأي وتدرس معه الطرق التي يرى صلاحها، والحقيقة بنت البحث. والله الموفق وهو من وراء القصد.
ومجتمع هؤلاء أفراده كيف يمكن أن تكون له مثل عليا. إنه معذور أنه في حاجة إلى توجيه من المفكرين المخلصين ورفع مستوى وتدعيم من حكومة عاطفة حانية.
وإذ تتفتح أعيننا اليوم على شمس مشرقة تستمد حرارتها من أعماق مجدنا الذي غمرناه في الطين والوحل، فمن الواجب على المفكرين من رجالاتنا أن يفكروا أول ما يفكرون في تهيئة حياة واستقرار وتمكين للفرد ليستطيع هذا الفرد أن يكون أداة حية لتكوين مجتمع رفيع.
وعلى الحكومة وهي تنتفض انتفاضتها الإصلاحية الرائعة وعلى رأسها الفيصل المحبوب أن تولي عنايتها واهتمامها إلى كل ما يدرس ويقرر ليكفل للسعوديين حياة الرفاهية والاستقرار. وجميل من الحكومة أن تحدد رواتب الموظفين لتكفل الاستقرار لمالية الدولة وأجمل منه أن تفكر في تهيئة لقمة عيش تحتوي على ما يتطلبه الجسم للموظف وعائلته بما قررته له من معاش؛ وجميل من أصحاب المتاجر والمعامل والشركات أن يفكروا في الربح وأجمل منه أن يضمنوا استمرار العمل بتوفير حياة الاستقرار لعمالهم وموظفيهم، فنجاح المستر فورد صاحب الشركات العالمية المعروف لم يكن إلا عن طريق إسعاد عماله وموظفيه.
نعود فنقول إن الخطوة التي تخطوها الحكومة اليوم لتسعير اللحوم خطوة مباركة طيبة يجب أن تتلوها خطوات تسعير منظمة لجميع حاجيات الحياة اللازمة للتطور الذي نعيش في دوامته في سرعة مذهلة، ويجب أن نبدأ بالضروريات اليومية، ولكن هذا التسعير يجب أن يتم على أساس دراسات وافية وتقرير سليم لمصلحة التاجر والبائع والمستهلك؛ فإن ضمان استمرار التسعيرة لازم ومحتم لضمان استمرار الربح المعقول للمستورد والبائع؛ وإن كل تسعيرة توضع على غير هذا الأساس لا يمكن أن يكون لها استقرار مهما قيل في سماحة البائع والمستورد.
لقد سبق للحكومة أن قامت بتسعير اللحوم وبطريقة تشابه طريقتها في تسعيرة اليوم، فماذا كانت النتيجة؟
لقد اختفى اللحم من السوق وبيع النادر الموجود منه بأغلى سعر واضطرت الحكومة أخيراً أن تتنازل. فما هو السبب؟
إن السبب كما قلت لم يكن إلا عدم ضمان ربح المستورد والبائع عند وضع التسعيرة، فإن التسعيرة الأولى حين وضعت لم توضع على أساس دراسة وتحديد أرقام، لقد وضعت التسعيرة على أساس تعهد تقدم به تاجر مدفوع بعاطفة وقتية أو بتزاحم غير مشروع.
ولم يفد تعهده الذي أخذ منه عندما تحقق للحكومة أن استمرار الالتزام معناه استمرار الخسارة، وهو وضع لا يمكن أن تُبنى عليه حياة استقرار عامة.
وفي مصر ولبنان يباع الخروف حياً بالوزن بسعر معلوم تحدده الحكومة وتحدد به ربح المستورد، ثم تحدد سعره على القصاب بعملية حسابية وبعد أن يؤخذ في الحساب ما يرمى من الخروف بعد ذبحه وما يباع بأقل من قيمة اللحم الصافي وبعد ملاحظة الربح المعقول للقصاب.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :632  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 38 من 124
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .