شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الجيلُ الجَديد
إن المتتبع للنهضة الجبارة التي تسير عليها بلادنا اليوم في الخط المرسوم لها علمياً واقتصادياً وعمرانياً وصناعياً، يشعر بالرضا والاطمئنان عن الأسس التي شيدت عليها هذه النهضة. فبعد أن كانت الأمور مرتجلة والتخطيط يصدر عن فئة من الناس ترجو من وراء هذا المشروع أو ذاك نفعاً خاصاً، أو مأرباً مادياً، أو حتى إرضاء زيد أو عبيد من الناس، تغير الحال الآن، فأصبح التخطيط في أيد تدرس وتعني الدرس وتهدف إلى غايات سليمة للمستقبل البعيد، والبعيد اليوم قريب غداً، كما يقولون.
إن هذا الشعور بالرضا بقدر ما يثلج صدري من جهة يقلقني جداً من جهة أخرى، مستقبل الجيل الجديد، والجيل الجديد ليسوا هم طلبة المدارس الذين ينالون عناية وزارة المعارف والمعاهد الأخرى، فهناك عدد كبير ممن حرموا نعمة التعليم لسبب أو لآخر وحتماً هؤلاء المنتسبون للتعليم قد تطرأ عليهم - بعد قضاء عمر طويل في الدرس - ظروف تضطرهم إلى ترك التعليم وسلوك سبيل آخر وراء لقمة العيش.
إن الطلبة هم عماد المستقبل، فإذا لم يحاطوا بالعناية والرعاية منذ فجر حياتهم إلى آخر مرحلة من مراحل تعليمهم، كانت خسارة الأمة فادحة ومصابها كبيراً.
إن سلامة المستقبل في سلامة رجال المستقبل. فلا بد من تخطيط شامل واعٍ لإنبات هؤلاء الرجال نباتاً حسناً. وهو ما نحن في أشد الحاجة إليه.
ومشاكل الطلبة أكثر من أن تعد، فهناك مشاكل مادية، ومشاكل عائلية، ومشاكل نفسية، ومشاكل فراغ. والطلبة في سن المراهقة إذا انحرفوا كانوا أكبر خسارة على الأمة. وأسباب الانحراف وأسباب العقد النفسية في هذه السن أكثر من أن تحصى. وتصوروا مقدار خسارة الأمة في شباب تعهدتهم وعلمتهم حتى قرب أن تجني ثمار جهدها منهم، فإذا هم قد انقلبوا على أعقابهم وسلكوا سبلاً منحرفة.
فلا بد إذن من تخطيط دقيق شامل يشترك فيه كبار رجال التربية وجميع الآباء دون استثناء. الآباء باشتراك مادي زهيد، والأغنياء بهبات واشتراكات، ورجال التربية بالعمل والجهد للبحث في مشاكل الطلبة وملء أوقات فراغهم بما يفيد ويعالج حالة كل طالب بما تستدعيه حالته بدراسة أجوائه الخاصة ومساعدته على متابعة سير تعليمه.
ولقد جربت الولايات المتحدة أكثر الوسائل التي اقترحها رجال التربية والتعليم في هذا الشأن، فوجدت أمثلها وأكثرها فائدة هو إنشاء أندية للطلبة تحت إشراف كبار رجال التربية وبمساعدة رجال المال والأعمال. وتحتوي هذه الأندية على كل ما من شأنه مساعدة الطالب ثقافياً واجتماعياً. ووجدوا أن الطالب أقرب إلى نفس الطالب، فهو يركن إليه ويفضي إليه بأسراره ومشاكله التي قد يضن بها حتى على والديه، ومن الطالب الزميل تنقل هذه المشاكل إلى المشرف الاجتماعي الذي يقوم بدوره بمعالجة المشكلة دون أن يشعر الطالب بإحراج أو جرح لكرامته. ولقد حل أحد الأندية مشاكل آلاف من الطلبة في عام واحد، وأعادهم جميعاً إلى حياة الدراسة، وخلق منهم رجالاً ناجحين، بعد أن كادوا ينحرفون.
وأصبح كثير من رجال الإصلاحيات ورجال الشرطة يحيلون إلى هذه الأندية أحداثاً عجزوا عن إعادتهم إلى حياة العلم والعمل فنجحت الأندية فيما عجزوا هم عنه.
إن طلابنا في أشد الحاجة لمثل هذه العناية، فهم بعد خروجهم من المدرسة قلَّ أن يجدوا جواً مناسباً يقضون فيه ساعاتهم، فبعضهم لا يجدون حتى في بيوتهم الأسباب التي تساعدهم على الهدوء والمذاكرة والإنتاج. أما في أيام العطل، فالمشكلة أكثر تعقيداً أو أكبر تأثيراً..
إن علينا كأمة ناهضة أن نساهم في بناء الجيل الجديد.
إن على الصحافة والإذاعة والتلفزيون واجباً كبيراً نحو الجيل، فعليهم جميعاً أن يثابروا على إيجاد الوعي لدى كل فرد بأن عليه واجباً خاصاً وضرورياً في المشاركة في تنشئة الجيل الصالح علمياً وعقائدياً وخلقياً. ويضيق الصدر ولا ينطلق اللسان عن بعض أثريائنا الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله ويعيشون كأنهم خالدون مخلدون. إن الإنفاق على إصلاح فرد من أفراد المجتمع الإسلامي أقرب صدقة يقدمها رجل في سبيل الله؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمُر النعم وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1050  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 28 من 124
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج